تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


البلديات ليست فقط لقمع المخالفات!

اقتصاديات
الأحد 6/4/2008
عبد القادر حصرية

ثمة من يعتقد أن دور البلديات يقتصر على قمع مخالفات البناء وتصديق المخططات التنظيمية والنظافة وإدارة خدمات المياه وفي بعض الأحوال الصرف الصحي.

تجارب الدول الاخرى التي نجحت في تحقيق تقدم اقتصادي تشير الى أن للبلديات ومجالس المحافظات دوراً أوسع من ذلك بكثير يتمثل في خلق النشاط الاقتصادي وتنمية النشاط الثقافي , عادة ما تضع البلديات رؤية للمدينة او القرية المسؤولة عنها تحقق نشاطا اقتصاديا يعتمد على نشاط زراعي او صناعي او خدمي, وفق هذه الرؤية يتم تهيئة البنية التحتية اللازمة في المدينة او القرية ثم تسويقها وفق ذلك .‏

مع الأسف فإن الكثير من البلديات لدينا يقتصر دورها على قمع المخالفات او جمع رسوم الشرفيات على الطرق التي تشقها الحكومة والرسوم البلدية الاخرى .‏

هناك تجارب عربية واجنبية تؤكد على دور المجالس المحلية في خلق النشاط الاقتصادي ومنها مدينة دبي التي تقف مثالا على ما يمكن ان تقوم به ادارة المدن من صنع للنشاط الاقتصادي وتوفير البنية التحتية الجاذبة لهذا النشاط بما ينعكس ازدهارا في الاقتصاد المحلي والوطني يستفيد منه سكان القرية اوالمدينة.لندن هي مدينة اخرى تقدم مثالا واضحا على ما يمكن ان يقوم به مجلس المدينة من توفير وتوليد للنشاط الاقتصادي. في الكثير من المدن والبلديات عندنا نرى ان دور المجالس المحلية يقتصر على ترخيص الابنية وقمع المخالفات وجباية الرسوم البلدية, بل حتى يقف قاصرا حتى عن وضع مخطط تنظيمي على مستوى المدينة او القرية وفق رؤية شمولية. بمعنى آخر هناك سلبية واضحة تجاه النشاط الاقتصادي. للبلديات دور هام في تحقيق وتوليد النشاط الاقتصادي يتطلب وجود رؤية اقتصادية تنسجم مع ما تتمتع به المدينة او القرية من موارد اقتصادية, ووضع تصور للدور الذي يمكن ان تلعبه القرية او المدينة ضمن اطار محيطها الجغرافي الاوسع, ثم العمل على توفير البنية التحتية اللازمة لذلك بعض البلديات القريبة من مواقع ومدن فيها نشاط اقتصادي صناعي تركز على توفير السكن الجيد للعاملين او مالكي هذه المنشآت الصناعية القائمة في المدن المجاورة بينما بعض المدن الاخرى تركز على تنمية هذا النشاط الاقتصادي وتتنافس مع المدن الاخرى في جذب مؤسسات الاعمال لان تلك المؤسسات توفر فرص العمل وتخلق النشاط الاقتصادي, ومجالس المدن والبلديات تستخدم الاستثمار المباشر في البنية التحتية والضرائب المحلية لتحقيق الرؤية الاقتصادية للمنطقة.‏

يتطلب توفير البنية التحتية موارد مالية كبيرة في بعض الاحيان توفرها البلديات عبر اصدار سندات دين بضمانة مواردها الضريبية أو عبر التشاركية مع القطاع الخاص في تطوير هذه المشاريع. القانون 35 لعام 2007 الخاص بالضرائب المحلية وفر موارد ضريبية للمجالس المحلية, لكن نجاح هذا القانون يتطلب وجود نشاط اقتصادي يوفر مطارح ضريبية تساعد البلديات على القيام بالدور التنموي المنوط بها , وبدون وجود نشاط ايجابي لتوليد الحركة الاقتصادية سيبقى دور الكثير من البلديات يقتصر على تحصيل موارد ضريبية هزيلة لا تكفي حتى لتغطية اجور عمال النظافة فيها !‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية