تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الثقافات هل تتفاضل..?

شؤون ثقا فية
الأحد 6/4/2008
ديب علي حسن

اذا لم يكن ثمة اتفاق على تعريف محدد للثقافة يؤطرها فإن آراء كثيرة بدأت تبحث في قضايا اشكالية داخل الثقافة نفسها متجاوزة التعريف الحقيقي للثقافة, او لنقل بصيغة ثانية إنها لا تأبه للتعريف الشامل الذي يمكن ان يتوافق عليه الباحثون في هذا المجال,

وربما يرى أصحاب هذا الاتجاه ان عدّم الاتفاق على تعريف جامع مانع يترك للثقافة طيفها الواسع ويعطيها الثراء والتنوع الذي يزداد يوما تلو الأخر, ولكن لا بأس أن يتم التفريق بين الثقافة والحضارة, ولا بأس ان يتم الحديث عن التنوع الثقافي وثرائه.‏

من الكتب الهامة التي تبحث في هذا المجال كتاب: اعادة النظر في التعددية الثقافية.. التنوع الثقافي والنظرية السياسية.‏

تأليف: بيخو باريخ, ترجمه الى العربية:مجاب الامام, وقد صدر عن الهيئة العامة للكتاب في سورية.‏

ثمة عناوين يناقشها الكتاب وهي على درجة عالية من الأهمية يبدأ بالحديث عن الأحادية الاخلاقية من اليونان الى جون ستيورات ميل, ومن ثم يأتي الحديث عن الصيغ التعددية, فيكو, هيردر, مونتسيكيو.‏

الفصل الثالث: للحديث عن الردود الليبرالية على ظاهرة التنوع الثقافي.‏

الفصل الرابع: يخصصه للحديث عن : (مفهمة) البشر, ويتوقف عند الطبيعة الانسانية وأسس التنوع الثقافي والتعددية الكونية الشاملة والقيم الآسيوية.‏

الفصل الخامس: يتناول فيه قضية فهم الثقافة من خلال الحديث عن : طبيعة الثقافة وبنيتها ديناميات الثقافة وآلياتها, المجتمع الثقافي, الولاء للثقافة, التفاعل الثقافي, التنوع الثقافي, تقييم الثقافات, احترام الثقافات.‏

في الفصل السابع: يتوقف عند البنية السياسية للمجتمع متعدد الثقافات وفي الثامن يبحث المساواة في مجتمع متعدد الثقافات. أما التاسع فيخصصه لمنطق تقييم الثقافات.‏

تقييم الثقافات..‏

هل تقييم الثقافات سؤال يطرحه المؤلف ليقول في الاجابة على ذلك : يجري القول أحيانا ان الثقافات غير متكافئة وغير قابلة للقياس وانه يجب تقييم كل منها على حدة ووفق معاييرها الخاصة, لكن هذه انصاف حقائق, إن للثقافات ابعاداً جمالية وأخلاقية وأدبية واجتماعية وروحية وغيرها, ولأن المعايير المطلوبة لتقييمها متباينة لدرجة لا يمكن اختزالها بمبدأعام واحد فإن فكرة تقييم ومقارنة ومراقبة ثقافات بأكملها لا تبدو فكرة متماسكة منطقياً, وحتى فيما يتعلق بالحياة الاخلاقية تجسد الثقافات رؤى فريدة وبالغة التعقيد للحياة الكريمة, ولا يمكن تحديدها وترتيبها على مقياس واحد, ووجهة النظر القائلة بعدم قابلية الثقافة للقياس تبقى على حق وصواب, لكن رغم عدم امكانية مقارنة ثقافات برمتها فإن بمقدورنا مقارنتها في جوانب محددة, كأن نظهر ان أدب ثقافة ما أغنى ويغطي بشفافية مجالاً اوسع للعواطف والتجارب الانسانية وانه اعمق روحياً.. ويمكن اخضاع الجوانب الاخلاقية والسياسية الى مثل هذه المقارنة الثقافوية..ولنا ان نقيم الثقافات تبعاً لقدرتها على حماية انفسها من هذا الشطط.‏

أما فيما يتعلق بالرأي القائل ان الحكم على الثقافات يجب ان يتم من داخلها ووفق معاييرها الخاصة فهو أيضاً صحيح جزئياً, صحيح بمعنى ان علينا تفهم الثقافات من الداخل قبل اطلاق الاحكام عليها , وألاً نتوقع تطابقها مع معاييرنا للصوابية والخطأ وأن الأحكام الخارجية لا تعني الكثير بالنسبة لأبنائها.‏

بلا غطاء..‏

تبقى كل ثقافة مكشوفة أمام الثقافات الأخرى, ولا تستطيع أي منها تجنب عملية المقارنة الذاتية مع باقي الثقافات, إذ تنجذب فئة من ابناء ثقافة ما الى بعض معتقدات وممارسات ثقافة أخرى, وتعمد إما الى قراءتها في ضوء تقاليدها الاصيلة, أو تعيد تأويل هذه التقاليد بحيث تشرعن استيراد قيم ثقافية اجنبية وثمة امكانية دائمة لإيجاد عناصر ثقافية يتم تأويلها بحيث توفر مصادر نقدية هامة خصوصا في الثقافات العربية تاريخياً.‏

احترام الثقافات..‏

ويخلص الباحث الى القول: حين تواجهنا ثقافة أخرى فإن علينا احترام الحق المتساوي لكل مجتمع في تبني ثقافته والعيش ضمن اطرها كما يتوجب علينا تقييم ماهية تلك الثقافة,ثم بناء رأينا الشامل على كليهما معاً, وينتقد الباحث النزعة الغربية عند المفكرين الذين يتصرفون على أنهم مبشرون عولميون ويريدون ان تسود الثقافة الغربية في العالم كلّه.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية