|
على الملأ ونحن إذ نستذكر يوم الإعلان الرسمي لإنطلاقة البعث كحزب سياسي منظم, فإننا نستعيد الانطلاقة الأولى, ولحظات النشأة الحقيقية, والعوامل الكامنة في حياة أمتنا, وقدرتها على الاحتفاظ بخصائصها الحضارية في جميع المراحل التاريخية. ففي نهار السابع من نيسان, وفي ذلك اليوم المشهود أصدر المجتمعون في مقهى الرشيد بدمشق بيانهم الذي أعلنوا فيه الانطلاق التنظيمي لحزب البعث العربي, باعتباره الصيغة القانونية للانطلاق نحو الفعل المؤثر, وتحويل الفكرة إلى آليات قابلة للتطبيق والتوسع, وبذلك بدأت فكرة الإحياء والبعث تشق طريقها المنظم نحو بلوغ الأهداف. ولم يكن المؤتمر التأسيسي الأول حدثاً عابراً,أو خطوة عفوية وبروتوكولية, لكنه مثل استجابة طبيعية لتطلعات وآمال المواطنين العرب,في لحظة تاريخية شديدة التعقيد, التقط تفاصيلها ثلة من المؤمنين بأمتهم, والموقنين بقدرتها على استعادة دورها التاريخي والحضاري على المستوى البشري كاملاً. وكانت سنوات طويلة من المعاناة والقهر والاحتلال والتسلط والتخلف, قد حددت الأهداف والمطالب الأساسية لأمة سادت حضارتها مشارق الأرض ومغاربها, وتركت آثارها الايجابية واضحة المعالم,في جميع الثقافات, واستفادت منها الحضارات جميعها, وتعاملت - في أوج قوتها- مع جميع الأمم بالاحترام والتقدير والحفاظ على خصوصيتها , ولم تسع أو تحاول إلغاء غيرها من الأمم والشعوب,في ذروة قوة دولتها. فالبعث منطلق إنساني, ومسلك موضوعي قابل للتنفيذ, وسلوك منتم يستند إلى عوامل أساسية مرتبطة ببدء الخلق والإنسان في هذه المنطقة من العالم, حيث انطلق البشر في أنحاء الأرض. والبعث إن تعرض لكثير من المشكلات, ومحاولات التشويه, إلا أن أصالة الانتماء تهبه القدرة على التجدد الخلاق, لكونه انطلق من رحم الأمة, ومثل أحلامها, وتطلع ومازال يتطلع إلى تحقيق وحدتها. |
|