تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


نقطة تحول ثانية

البقعة الساخنة
الأحد 6/4/2008
علي نصر اللّه

( نقطة التحول الثانية) هو الاسم الذي أطلقته حكومة أولمرت على المناورات الواسعة التي تعد الأولى من نوعها, والتي من المقرر أن تبدأ اليوم على مراحل وتنتهي الخميس القادم, ويشارك فيها كل من الحكومة والمجلس الوزاري المصغر وجميع أجهزة الأمن والطوارئ ومايسمى بالسلطات المحلية والاستيطانية إلى جانب عشرات آلاف العناصر المتخصصة.

فكرة المناورات النوعية هذه نشأت من التوصيات التي انتهى إليها تقرير لجنة فينوغراد حول الإخفاقات التي منيت بها إسرائيل في عدوان تموز على لبنان صيف 2006 , حيث برزت مشكلات بنيوية حقيقية على مستوى الجبهة الداخلية كشفت بدورها عن هشاشة المجتمع الاسرائيلي وضعف مقدرته على تحمل ظروف الحرب ,فضلاً عن عدم جهوزيته في توفير متطلبات مثل هذه الظروف.‏

فالدعوة التي وجهها فينوغراد الى الحكومة لجهة استخلاص العبر والدروس, صحيح أنها تنطوي على اعتراف بالفشل والهزيمة ,لكن الصحيح أيضاً أنهادعوة صريحة للإعداد والاستعداد لخوض حرب أخرى تكون نقطة تحول تستعيد اسرائيل عبرها قوتها وهيبتها المسفوحة أرضاً , وتثبت من خلالها قدراتها في الردع وتوفير الحماية لقطعان مستوطنيها من أقصى الشمال في الجليل إلى أقصى الجنوب في بئر السبع.‏

ومايمكن قراءته في السطر الأول لهذه المناورات هو أن اسرائيل إنما تعلن بذلك آخر مراحل الاستعداد لشن عدوان جديد ....بل انه قرع لطبول حرب جديدة بالاستنتاج المنطقي لا أحد يعرف أين تنتهي ,ذلك لأن هذه المناورات تفترض سقوط صواريخ تقليدية وغير تقليدية في عمق الكيان الصهيوني , ناهيك عن أنها تفترض سيناريوهات لاشتعال الحرب على عدة جبهات.‏

وممايمكن قراءته أيضاً بين سطور التصريحات الاسرائيلية حول المناورات وما إليها من استعراض للعضلات هوالشعور الاسرائيلي بالعجز الذي يعكس ويعبر بوضوح عن نقاط الضعف التي كشفها عدوان تموز ولم يعد بمقدور حكومة أولمرت إخفاءها سواء على مستوى المواجهة العسكرية وتسجيل اختراقات مهمة لاجهزة استخباراتها كما لعتادها الحربي المتطور ( دبابة الميركافا نموذجاً ) ,أم على مستوى تداعي الجبهة الداخلية الذي تجلى في وقف وتعطيل عجلة الاقتصاد ودفع أكثر من مليون مستوطن للعيش في الملاجئ غير الجاهزة.‏

لاشك أن قرار المناورات الحالية هوفعل إجرائي فرضته ظروف وتداعيات مابعد الحرب , إلا أنه لايخلو من دلالات سياسية أملته التجاذبات الحاصلة بين الأحزاب الاسرائيلية , يضاف إليها جملة من المعطيات الأميركية التي ينشط في إطارها مسؤولون سياسيون وأمنيون وعسكريون أميركيون تكثفت زياراتهم مؤخراً الى المنطقة في محاولة يائسة لوضع سيناريوهات والبحث في أخرى سعياً لضمان أمن إسرائىل , ولإنقاذ إدارتهم وانتشالها من المستنقعات العالقة بها.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية