تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


المفكر العربي

أبجد هوز
الأحد 6/4/2008
معتصم دالاتي

بعد أن أنهى المحاضر محاضرته, استلم مدير الندوة الميكرفون وقال:نشكر المفكر العربي الكبير على محاضرته التي تناول فيها الإنسان العربي وقضاياه الفكرية والاجتماعية...إلى آخر هذا الكلام.

التفتُّ إلى صديقي الجالس بجواري وقلت له:بربك ألا ينطبق عليّ لقب مفكر عربي? التفت اليّ بشيء من الدهشة الممزوجة بالسخرية وأجاب:أنت مفكر عربي? على شو? صدمني الجواب فغادرنا القاعة وأنا في منتهى الانزعاج, وها أنا أتوجه إلى القراء الكرام لثقتي برجاحة عقلهم لإعطائي ما بخل به صديقي صاحب الأفق الضيق.‏

الحادثة التي ذكرت تعود إلى فترة البرد الشديد التي مرت علينا منذ شهرين وتزامنت مع أزمة المازوت, وكان قد مر عليّ ثلاثة أيام وأنا متفرغ للتفكير بتدبير المازوت, مع أنني أملك من المال ما يفي بملء البرميل الوحيد الذي عندي, بالإضافة إلى ملكيتي لأربع أزواج من الكلسات وكلسون صوف طويل وثلاث كنزات ولحاف عدد اثنين وثلاث حرامات, وهذه عناصر أنية ومؤقتة تخفف من وطأة فقدان المازوت, ثم قادني تفكيري إلى الذين لا يملكون سوى (بدون واحد) وبالكاد يوفرون ثمن تعبئته, ثم شطح بي الفكر إلى السجون العربية والإسرائيلية التي تكتظ بالمواطنين العرب سواء في القواويش أم الزنزانات, ترى هل يوجد عندهم صوبيات? وهل يتوفر لديهم المازوت? ومرة وأنا في دمشق وقد هالني الكم الهائل من العمارات والأبراج والقصور والشقق والمنازل والفيلات, ففكرت كيف أن كل هذه الأبنية لا تتسع لأطفال وعجائز رأيتهم ينامون فوق وتحت جسر الرئيس الممتد من البرامكة إلى أبو رمانة, وتفكيري لا يقتصر على ما ذكرت, فكثير من الأمور التي تتناول الإنسان العربي أفكر بها, لكن أكثر ما أفكر به هو أن لكل واحد شغلة يترزق منها ..يا ترى الحكومة شو بتشتغل ونحن نعيش كل هذه الأزمات? أنا أفكر بأنني لست وحدي من يستحق لقب مفكر, فسواد المواطنين العرب حالتهم جعلت منهم مفكرين.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية