|
مجتمــــع وهل ساهم هذا المواطن أو ذاك فرداً أو مسؤولاً بشيء من هذه المعادلة التي كانت تتميز بها سورية إلى وقت قريب بعد أن كانت تتربع في مقدمة الأرقام الأولى من بين دول العالم التي تتمتع بالأمن والاستقرار. في الماضي عندما كنّا نرى أي مظهر غريب في شكله ومضمونه يقترب من حيّنا أو بيئتنا أو مجتمعنا الكبير، كنّا نسارع للإشارة إليه بالبنان أو نخبر الأهل بأن جسماً غريباً وربما طارئاً غير مألوف لحظناه في هذا المكان أو ذاك، وحتى خارج حدود الحي والشارع والحارة والقرية والمدرسة والمؤسسة، كان العديد من أبناء هذا الوطن يمارسون نفس الدور أي الانتباه والتنبيه لهذا الطارئ. وبعبارة أدق لانبالغ إذا قلنا بأن المجتمع السوري بتكوينه العام يتمتع بفطرة سليمة للتمييز بين الخير والشر، ولكن مع غياب مبدأ المحاسبة للكسب غير المشروع والتساهل مع معالجة قضايا الفساد وكثرة أعداد الراشين والمرتشين، وانتشار مظاهر الغش من البسطة إلى الحانوت والمتجر والمؤسسة فقد أصبحنا نصمت على مضض أحياناً وعلى تراض أحياناً أخرى، وعلى مبدأ مقولة (خطي) مابدنا نقطع رزقة حدا «الله بيحاسب» هنا وباعتقاد الكثيرين أننا قد فقدنا كمجتمع جزءاً كبيراً من أمننا الاجتماعي والاقتصادي، لأننا ربما ساهمنا جميعاً باستثناء القلة القليلة بتعميم ظاهرة قلة الإحساس أو عدم الإحساس بالمسؤولية الأخلاقية أولاً والوطنية ثانياً والمجتمعية ككل. فكم من موظف وعامل تخلى عن ضميره في إنجاز مهامه، علماً أننا نرى بعضنا بعضاً ونتقابل على طاولات العمل، وإذا مانصح أحد منّا الآخر بضرورة التحلي بسلوك إيجابي وقيم تجاه العمل، قد يسخر الآخر من النصيحة ويجيب ببعض عبارات قدتؤرق صاحب الضمير الحي، فهل غابت حقاً عن أذهاننا النصيحة بقصد أو غير قصد، حتى واجب النصيحة لم يعد يدرج على مايبدو في موضة أدبيات العصر. علماً أنه في الأخلاقيات التربوية المستمدة من تعاليم القرآن الكريم ودستور الشرائع السماوية من حيث وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إلا أن التقصير جلي وواضح في هذه المسألة. مسؤولية الجميع والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هل مهمة الإحساس بأمن الوطن وسلامته ونظافته وملاحظة كل عيوبه هي فقط مسؤولية رجال الأمن أو الدولة بكل أجهزتها الرسمية أم أنها مسؤولية كل مواطن أولاً بأن يملك قياس ميزان الإحساس العالي بدرجة الأمن الواجب توفره على الدوام في حياتنا من خلال ملاحظته وانتباهه ومسؤوليته واكتشافه لكل مصادر الخطر، اجتماعي اقتصادي، أمني، ثقافي، دون أن يفقد الأمل بأن أحداً لم يصغ إليه أو يعيره الاهتمام المطلوب. إن الظروف التي تمر بها سورية قد كشفت العديد من عورات المجتمع التي كانت مختبئة في سراديب الظلام حيث الرذيلة والفقر والجهل والاستغلال مع غياب مبدأ المحاسبة والملاحقة لكل الأطراف. صحيح أن المادة هي عامل إغراء حقيقي للكثير من الناس أو لضعاف النفوس حيث يقتنعون بالسير نحو أهدافها ومراميها ولكن بالمقابل يجب ألا يغيب عن أذهان الكثير من الناس أيضاً التفكير بسبب هذه العطايا والتجرؤ على قول لماذا هذا الشخص أو ذاك يغدق بتوزيع هذا المال وبطرق مشبوهة؟ ألا يتوجب على المرء أن يسأل ألف مرة لماذا وما الهدف من استغلال الظروف المتناقضة، أليس الحس الأمني هنا هو الأهم؟!. الأجيال في سورية تربّت على أدبيات أن الكرامة هي رأسمال الإنسان و ليست كرامة شخصية فقط بل هي كرامة وطنية، فمن لايعيش في وطن عزيز حر لاصون لكرامته وعرضه وأخلاقه، مايتوجب علينا اليوم أن نفهم طبيعة الصراع الذي نعيشه في هذا البلد الصامد الذي استطاع بإمكاناته ومقدرات شعبه وجيشه أن يضع معجزة كرامة حب الوطن المتجذر حيث الأصالة والشرف والوفاء ومحبة هذا البلد الذي يخوض معركة الشعرة الفاصلة بين الحق والباطل. فهل ننصر الحق ونقف إلى جانب بلدنا ومع شعبنا ونتصدى لكل دعاوى الفتنة وشعارات الزيف ونرفض المال الخسيس والوسخ؟!. |
|