تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


أميركا و عربها مستمرون في مواجهة سورية

شؤون سياسية
الأثنين 13-8-2012
حسن حسن

أميركا وعربها مستمرون في مواجهة سورية وشعبها بأكمله، وهي ليست المرة الأولى التي يرتكب فيها عرب أميركا بحق سورية وشعبها، والمؤسف أنه في كل مرة كان على سورية أن تتعالى على الجراح لعدة أسباب منها منطق «البراغماتية»

السياسية في احتواء شر هؤلاء ومحاولة «لم الشمل» قدر الإمكان أو على الأقل كما قال أحدهم أتباع مبدأ أن «الكلب الذي لايعوي عليك أو الذي يعوي لمصلحتك خير من الكلب الذي يعوي عليك».‏

هذا «الفيلم الأميركي الطويل» والبشع يعاد لعبه من جديد في بلادنا سورية مستغلاً «عقب أخيل» السوري، وهو حاجة سورية إلى إصلاح سياسي شامل، لكن المشكلة والمأساة السورية تكمن في أنها وعبر تاريخها، وكلما تنشقت هواء متوسطياً حضارياً، هبت عليها رياح السموم الخليجية برمالها وقسوتها وهمجيتها وعقليتها القروسطية وأعادتها إلى الوراء في الزمن والفكر والحضارة.‏

«وددت لو كان بيني وبينها جبل من نار» وهذا ليس لسان حال عمر بن الخطاب رجل الدولة الأول في التاريخ( توازناً مع مكانته الدينية) بل لسان كل سوري متنور رشف من رحيق حضارة سورية التاريخية التي أنجبت إضافة إلى الأبجدية وأولى المدن وأول من اكتشف الزراعة والصناعة والميثولوجيا وإنما أيضاً « لوسيان السوري» و«أبو لودور الدمشقي » و«اقليدس السوري» و«لونجنيوس التدمري» مستشار الملكة زنوبيا ومدرسة الفلسفة السورية التي تركت أثراً في كل فلسفة المتوسط المصرية واليونانية والرومانية وغيرها المأساة السورية ماتزال تتكرر على أيدي أميركا وبدلاً من صدام حسين ، لدينا الآن قطر و«جزيرتها» وال سعود و« العربية» التابعة لها وتركيا المحكومة بالنسخة التركية من الإخوان المسلمين وطبعاً مخابرات عربية التي ماتزال تلعب دورها المعروف الطويل الذي أثنى عليه في السابق جيمي كارتر ثم بيل كلينتون. المأساة لها طرف سوري للأسف ، ومنهم أولئك الذين وبسبب طفرة الخليج النفطية عملوا في الخليج وأحضروا معهم إلى سورية وفي جيوبهم وجيوب عقولهم وتلافيفها رمال وقسوة وهمجية الصحراء « الوهابية» وهكذا تراهم ماإن يتعرضون لتحريض الجزيرة يصيبهم نوع من السعار ولاننسى المحطات الفضائية السلفية التي تنفث سمها في عقول السوريين ليل نهار منذ بداية الأزمة وحتى ماقبلها عبر محطات تدعي تعليم الدين الإسلامي والتي تغيب العقل والمنطق والمدنية وتفرض وجهة نظر آل سعود وشيوخهم بدلاً من أن يكون رصيد سورية من التعددية الدينية والعرقية ذخيرة لها في بناء مجتمع عملاني متطور يتحول هذا الرصيد إلى نقمة ووبال على السوري ويصبح مقدح شرار لنعرات طائفية تقسم المجتمع السوري تماماً بما يخدم بقاء إسرائيل « في منطقتنا كدولة لليهود» لاتختلف مصالحها عن مصالح آل سعود وآل ثانِ القطرية و«الحريرية» وغيرها.‏

وبكل تأكيد، إن أسوأ مافي جماعة الخليج ليس فقط ماذكرناه عن الوهابية والهمجية والصحراوية والعنجهية «البترودولارية» السلفية القروسطية التي يؤثرون بها في فئة من السوريين، وإنما أيضاً ماهوأخطر بكثير وهو تبعيتهم العمياء لأميركا وانعدام الاستقلال والقرار السياسي عندهم ودورانهم في فلك أميركا على نحو مخزِ يجعل من «الجزيرة» و«العربية» ومجموعة «MBC» أدوات أميركا في ضرب ثقافتنا وفي نسيان قضايا العرب الحقيقية في التنمية البشرية والفكرية ومحاربة «إسرائيل» الصهيونية العنصرية التي تعتبر الحرب ضدها قمة الفعل الحضاري والإنساني في هذين القرنين ماهو مخزِ أكثر هو هرولة قطر لإثبات لأميركا أنها تستطيع أخذ وكالة عن أميركا في تنفيذ مخططاتها بنجاح أكثر من تركيا و«إسرائيل» وحتى مصر «كامب ديفيد» يكفي أميركا أن تقول إن إيران هي العدو وهي التهديد وليس «إسرائيل» حتى تتسارع صحف ومحطات الخليج إلى تسويق هذا الأمر وإقناع العرب أن إيران هي «فعلاً» التهديد وليس أميركا وليس «إسرائيل» أو تركيا، وتضيع كل جهود التقدمية العربية في سورية والعراق ومصر وتخفت على حساب ثقة «آل ثان» القروسطية وطبعاً في كل مرة سورية هي من يدفع الثمن الأغلى، ففي الثمانينات حاربها كل العرب ووقفوا بأمر من أميركا مع صدام في حربه على إيران ثم دفعت سورية الثمن لأنها رفضت احتلال العراق وتبقى سورية على الصليب وتجلد لأن الحر «العالي دائماً يصلب».‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية