تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


كيف نعزز المفهوم القيمي عند الشباب

شباب
الأثنين 13-8-2012
غصون سليمان

الشباب مرحلة عمرية مفعمة بالنشاط والحيوية والخطورة في آن معاً فغالباً ما يشكل الشباب عصب المجتمع من حيث الحراك والنهوض والتغيير سواء أكان نحو الأفضل أو العكس.

وفي الحالة السورية يمكن القول إن ما أفرزته الأزمة بكل تطوراتها يعكس جانباً مهماً في تفاصيل حياة هذه الشريحة العمرية والتي كشفت مواطن الخلل والضعف في بعض المكامن ومواطن القوة والتماسك في جوانب عدة، وبالتالي فقد تم استغلال طاقات الشباب بأدوات وأساليب مختلفة نتيجة تقصيرنا نحن كمؤسسات وجهات معنية في بعض جوانب التربية، ويعلل الدكتور محمود علي محمد الأستاذ في جامعة دمشق كلية التربية هذا التقصير من ناحية تهميش الشباب، ما دفع الآخر المغرض للاهتمام بهم وإظهارهم على أنهم أبطال وثوار وأصحاب قضية، وبالتالي تم زجهم بالعمل العسكري أو العمل الإجرامي بشكل وآخر، وهذا ما شهدناه في العديد من مناطق الوطن أن شباباً لا يدركون معنى السياسة بل وجدوا من يهتم بهم ويقدرهم تقديراً كاذباً، هو فقط يستخدمهم أداة لتخريب الوطن، ومن هنا كانت المفاجأة الكبرى عند بعض الأسر بأن أبناءها أصبحوا في هذا الطريق.‏‏

لم يقوموا بالدور الكامل‏‏

ويؤكد الدكتور محمد بالقول إن هناك مجالات أخرى للمثقفين أو ربما الشباب لم يقوموا بالدور الكامل والمقصود هنا منظمات الشباب والطلائع والاتحاد العام النسائي والمنظمات الشعبية الأخرى والتي أغفلت عن شرائح عديدة من أبنائنا فتم استخدامهم من قبل العملاء والخونة لتحقيق غابات تبعد عن الوطن وتبتعد عن القيم الأخلاقية الصحيحة للأسرة السورية.‏‏

وأضاف: ما نوجه به أن نهيئ البيئة الصالحة اقتصادياً واجتماعياً وأخلاقياً للأسرة لتكون مستقرة، لأن استقرار الأسرة هو أساس استقرار الأبناء وبالتالي ضمان التربية السليمة لكل الأجيال.‏‏

نصيحة للآباء‏‏

وينبه الدكتور محمد الأسرة هنا وخاصة الآباء بألا تشغلهم الحياة عن أبنائهم، فالواجب الأكبر لأي أب وأم هم الأبناء، ومن ثم تأتي الوظائف الأخرى الاقتصادية والسياسية أو المناصب وغيرها، وإذا كان هناك بعض الأسر من شرائح متخلفة فهناك بالمقابل أسر مرموقة ثقافياً ومالياً وتقع في هرم السلم الاجتماعي، ورغم ذلك فقد فوجئوا بأن أبناءهم ذهبوا في هذا الطريق وهي لا ترضى عنه، لذلك وحسب تأكيد الدكتور محمد لابد من متابعة الأولاد ومتابعة التحصيل القيمي لهم وذلك من خلال زجهم بساحات عمل حقيقية تستنفد طاقاتهم، تأخذ مواهبهم، وتشعرهم بالأهمية أيضاً من خلال إشراك الشباب بالأحزاب والنشاط السياسي، وخاصة أننا نشهد عدة أحزاب سياسية جديدة عما كان عليه بالسابق.‏‏

وبين أنه في ظل غياب اتحاد شبيبة الثورة كمنظمة شبابية اقتصرت على بعض الأداء الذي لا ترضى عنه كقوى سياسية عاملة في الوطن، مع ملاحظة أن المنظمة اقتصر عملها خلال السنوات العشر الأخيرة على ما انطلقت منه، حيث وضعت أهدافاً وأنشطة معينة وبقيت جامدة نوعاً ما.‏‏

ويلفت الدكتور محمد علي أن أي منظمة تريد أن تعمل في إطار عمل معين تتطور بتطور الهدف والأدوار، مقترحاً هنا بإعادة النظر بهيكلية هذه المؤسسات ووضع برامج وأهداف جديدة لها، وأنشطة متنوعة مع توسيعها أفقياً وعمودياً ونوعياً عبر إحداث جبهات عمل جديدة للشباب، بغية فتح رؤى جديدة للشباب، ومتابعة همومهم، مضيفاً أنه إذا كان يوصف خطاب الشباب بأنه خشبي اليوم، فهو كان صالحاً جداً في السبعينيات والثمانينات، ونحن كأجيال تربينا جميعاً عليه، لكن ظروف العصر اختلفت ولابد من تطوير وتحديث الأداء والأدوات الجامعة للعمل الشبابي، وإذا ما قلنا اليوم للشاب اذهب إلى هذا النشاط الشبيبي نراه يعزف؟! لأنه خطاب يراه هذا الشاب جامداً قاصراً عن متابعة التطورات التي حصلت في شخص أبنائنا وكما هي في كل أنحاء العالم، فنراه كما يؤكد الدكتور محمد يذهب هذا الشاب إلى قناة أخرى أو جريدة أو أي وسيلة إعلام وترفيه أخرى يبحث فيها عما يلامس مشاعره واهتماماته وقدراته وإمكانياته وطاقاته، وبالتالي فإن أحد عيوب منظماتنا التي نشأت عليها والتي كانت صالحة في مرحلة فإنها اليوم ومع تقدم الزمن أصبحت غير مواكبة لا لنشاطاتها وأهدافها وبرامجها ولا بالقائمين عليها وأصبحت شكلانية، مثال ذلك لاتزال بعض وحدات الشبيبة تقتصر على فرد أو فردين وبعض الطلبة، بينما الكتلة العظمى من الطلاب ربما لا يعرفون أن هناك وحدة شبيبة ولا تظهر هذه الوحدة إلا في احتفالات بسيطة.‏‏

ما يعني أن خدمة الشباب والعمل الشبابي وخدمة الطفولة ليست أحسن حظاً من الشبيبة والطلائع.‏‏

إن الاهتمام بهذه الشريحة العمرية بالطريقة المطلوبة والمناسبة هي جزء من تحصين الوطن وتقوية مناعته ضد كل رياح التضليل والتخريب والتغيير السلبي الذي يؤدي إلى السقوط نحو الهاوية فشبابنا بغالبيتهم هم أهل للصلاح والإصلاح فلنعزز دورهم في البناء.‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية