تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الثالثـــــة

رؤيـة
الأربعاء 29-7-2009م
سوزان ابراهيم

اعتبر التفكير الثنائي ( إما.. وإما) منبعاً للجهل وسبباً للظلم وسمة للتخلف ومانعاً للنهضة ، أما مبدأ التغليب والترجيح فاعتبر من أهم سمات العقل العلمي الذي يحل الاحتمال محل الحتم ،

والظن محل اليقين!‏

ثمة تياران قادا العالم- كتب عنهما تشارلز بيرسي سنو عام -١959 - الاول : تيار المعارف الانسانية والثاني تيار المعارف المادية التجريبية، وقال: إن هناك سوءاً في التواصل بين أنصار التيارين الثقافيين يؤثر على الإنسانية كلها! وأعتقد أن ذلك عائد للمناهج والجامعات وأن مفردة(علم) حجمت منذ أواخر القرن الثامن عشر لتقتصر على دراسات المعارف التطبيقية والتكنولوجية في حينه، فانبثق حاجز بين المشتغلين بالهم العلمي وبين النخب الثقافية، وهكذا سيطر الجهل بين العلماء والمفكرين بثقافة كل منهما.‏

لكن « سنو» بشر بولادة ثقافة ثالثة جديدة تعمل على جسر الهوة بين الثقافتين التقليديتين أي بين ثقافة الانسانيين العقليين،وثقافة العلماء التطبيقيين طالما أن قضايا البشرية المصيرية للثقافة الوليدة لن تتغير فستبقى قضايا السلام والغذاء والانفجار السكاني في الواجهة. أما جون بروكمان تنبأ بحلول الثقافة الثالثة محل الثقافتين التقليديتين وخاصة محل الأدبية «فأهل الكلام» كما أسماهم بروكمان احتكروا مفهوم النخب المفكرة، فثقافة الرأي لم تتعد تكرار نفسها، أما الثقافة الثالثة فسوف تتعدى النقاشات الفلسفية القابلة للمداولة إلى نتائج علمية ملموسة.‏

تعنى هذه ( الثالثة) بمسائل تمس وجودنا وكينونتنا: كيف ظهر الوجود؟ ما أصل الكون؟ كيف بزغت الحياة؟ الكون المتمدد، الاستنساخ /الخلايا الجذعية... ومن المعتقد أن لهذه الثقافة قوة تكمن في قدرتها على تقبل الاختلاف.. سنسمع بالطبع آراء متباينة إزاء ذلك، فثمة من يراها مستقبل الإنسانية، وثمة من يحذر من سيطرة الإنجازات العلمية والتكنولوجية وسلبها دفء العلاقات الاجتماعية مع استغناء البشر عن بعضهم البعض، كما تنبأ جورج أورويل، في العالم العربي تبدو المسيرة مختلفة حقاً، فمع غياب شبه كامل عن ساحة العلم والبحث في مجاهله، لن تعني الثقافة الثالثة بالنسبة لنا سوى أولئك الذين ولدوا ونشؤوا في أوطان أخرى غير أوطانهم الأصلية! بعد ذلك هل سنطبق التفكير الثنائي مرة أخرى، إما الأدب/ وإما العلم؟ وماذا عنا نحن الحتميين اليقينيين؟!‏

suzan@aloola.sy

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية