تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


شروط مابعد الانسحاب من مدن العراق

شؤون سياسية
الأربعاء 29-7-2009م
د.ابراهيم زعير

لقد كان النفط أحد أبرز وأهم أهداف الغزو الأمريكي للعراق، والذرائع والحجج التي استخدمها الأمريكيون لاحتلال العراق عام 2003 سرعان ماافتضح كذبها بعد اضطهاد للشعب العراقي من قبل سلطات الاحتلال

وأصبح الرخاء الموعود كارثة مدمرة للعراق وانتفض الشعب العراقي لمقاومة المحتلين الاستعماريين الجدد، المتلبسين بالشعارات المزيفة المنافقة وحرمت المقاومة الوطنية المحتلين من التنعم بخيرات العراق التي حلموا بها وخاصة البترول ، ما أرغم المحتل على التفكير جدياً بايجاد صيغة معينة للهروب من العراق مع المحافظة على نهبه للنفط العراقي.‏

وهكذا أعلنت الإدارة الأمريكية الانسحاب من المدن والتمركز في مناطق تسمح لها الاستمرار بالتحكم بمصير العراق ومستقبله وسرقة ثرواته وخيراته، ولعل العقود التي فرضتها الشركات النفطية الأمريكية مع الجانب العراقي دليل على استمرار الاحتلال بشكله الاقتصادي الذي يعتبر جوهر وهدف كل استعمار.‏

فالشركات النفطية الامريكية وغيرها ولكي لاتنفق الأموال على إعادة تأهيل وتطوير الحقول التي أصيبت بأضرار فادحة اثناء العمليات العسكرية، والتي انفق العراق على إعادة تأهيلها مليارات الدولارات تقدر بـ8 مليارات دولار، فرضت مشاركتها للعراق على ثرواته في هذه الحقول التي باتت جاهزة للاستثمار وشملت خصوصاً الحقول العملاقة وهي منتجة وتمتلك خمسة مليارات برميل نفط، تمثل 80٪ من الناتج القومي للعراق، أما العقود اللاحقة ستشمل كما هو مقرر حقول نفط لم تستغل بعد وإذا ماقيض المضي قدماً بهذه العقود، فإن الاقتصاد العراقي سيمنى بخسائر كبرى لصالح أرباح هائلة لشركات النفط الأمريكية الاحتكارية.‏

إذ إن شروط العقود الموقعة مع الشركات النفطية الدولية الكبرى ستمنح هذه الشركات مانسبته75٪ من هيئة الإدارة والتشغيل و25٪ للجانب العراقي فقط، والذي يعني فقدان العراق السيطرة على إدارة ثرواته النفطية ومن ثم فقدانه التحكم بالعمل والاستثمار لصالح الشركات الأجنبية، ما يؤشر إلى أن عملية نهب وسرقة موصوفة ستمارس على ثروات العراق وخيراته، وقد أجمع الخبراء العراقيون على عدم جدوى إبرام مثل هذه العقود على الحقول المنتجة ورغم أن التنافس بين الشركات النفطية الأجنبية على كسب العقود إلا أن الخط الآخر للشركات الأمريكية، وخاصة شركة «شيفرون» و«لوك أوبل» للعمل في ستة حقول نفطية وحقلين من حقول الغاز وتتنافس عدد من الشركات من أمريكا الشمالية وآسيا وأوروبا وغيرها، ومن المعروف أنه بسبب إدارة الاحتلال وهيمنته على العراق فقد تراجع الانتاج بنحو 400 ألف برميل يومياً وكان العراق قد وقع اتفاقية مع شركة «كوتسوريتوم» وهي عبارة عن مجموعة شركات عملاقة منحت الحق في تطوير حقل الرملية العملاق، وهو أهم حقول النفط العراقية وهكذا يعود الاحتلال الأمريكي لتثبيت أقدامه في العراق من البوابة الاقتصادية بعد فشله في تثبيته عسكرياً، وهذا مايطلقون عليه «الاستعمار الجديد» الذي يفرض هيمنته الاقتصادية لنهب ثروات العراق وخيراته حارماً منها المواطنين العراقيين الذين ذاقوا الويلات ومازالوا على يد المحتل الأمريكي الأكثر وحشية وبربرية في العصر الراهن.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية