|
شؤون سياسية وقبيل زيارة أوباما لموسكو، أخذت الولايات المتحدة بممارسة أساليب الضغط التقليدية القديمة القذرة ضد الصين، في إحداث أعمال شغب في منطقة تشينج يانغ الايغورية. المفارقة العجيبة تكمن في أن المدافعين عن حقوق المسلمين في العالم، لم يعيروا أي اهتمام ولم يطالبوا مجلس الأمن بالانعقاد، وهم يشاهدون المذابح اليومية التي تقترفها القوات الاميركية في افغانستان والعراق، ولم يرمش لهم جفن أثناء عمليات الإبادة التي مورست وتمارس يوميا ضد مسلمي قطاع غزة الفلسطينيين، ولكنهم ويا للعجب أخذوا يتباكون على مسلمي تشينج يانغ الذين راحوا ضحية أعمال الشغب التي دبرتها الدوائر المشبوهة في الولايات المتحدة، والغرب واستنفرت لتغطية الأحداث فيها وسائل الإعلام التي تعامت وتتعامى عما تقترفه الولايات المتحدة وحلفاؤها ضد المسلمين في كل أنحاء العالم، متجاهلة بأن ما حدث ويحدث ضد المسلمين إن كان في الصين أو غيرها من الدول، هو فعل أميركي بامتياز. الولايات المتحدة منزعجة من تأخر الصين في الاستجابة لمطالبها في شراء سندات الدين الأميركية كي تنقذ اقتصادها، حيث إن أميركا تدرك جيدا أن الصين وحدها قادرة على مساعدتها في الخروج من الأزمة، وهي معنية- في اعتقاد الإدارة الأميركية أكثر من غيرها في إنقاذ الاقتصاد الأميركي، لضمان استرجاع ديونها التي وصلت في عهد بوش الابن إلى نحو سبعمئة مليار دولار، ومعروف أن أوباما عندما طرح خطته لإنقاذ الاقتصاد الأميركي كان يعول على الصين. لكن الصين وفي ظل الأزمة المالية العالمية الحالية لها خططها ولها استراتيجيتها الخاصة، حيث أخذت تركز وبشكل لافت للنظر على منظمة شنغهاي، التي أصبحت تتمتع بنفوذ دولي، وتشارك في البحث عن حلول لمجموعة من القضايا الدولية، وغدت عضواً فاعلاً في السياسة الدولية، يرى فيها المراقبون بديلاً بصورة مختلفة ، عن حلف وارسو، وتأسست بهدف حفاظ روسيا والصين على نفوذهما في منطقة أورو آسيا وآسيا الوسطى على خلفية سعي الولايات المتحدة فرض سيطرتها على المنطقة التي تتمتع بأهمية استراتيجية للعملاقين الروسي والصيني. ولم تكن المناورات العسكرية الروسية الصينية التي جرت صيف عام 2007 إلا تأكيداً على ذلك. وأتت قمة شنغهاي الأخيرة في يكاترينبورغ التي عقدت في 15 حزيران، تأكيدا على بداية نهاية النفوذ الأميركي على منطقة أوروآسيا وآسيا الوسطى، حيث ركزت القمة على ضرورة البحث عن وحدة نقدية بديلة عن الدولار، وهذا يعني قرب انهيار الولايات المتحدة الأميركية فقد صرح المفكر الأميركي المعروف ستيفان كوهين: «إن الشروط الأولية لانهيار الولايات المتحدة الأميركية، تجمعت على مدى عشرات السنين. إنه الدولار الذي أصبح وسيلة الدفع الدولية. دون أن يكون مدعما لا بالذهب ولا بأي معادن ثمينة أخرى، فإذا ما قررت الصين وروسيا إيقاف التعامل بالدولار فإن كل شيء سينهار، وسيدفن تحته الاقتصاد الأميركي».. إن الصين إضافة إلى التأثير الكبير الذي تمتلكه على سكان سواحل المحيط الهادي، التي يشكل الصينيون اكثر من 53٪ من سكانها فهي تمتلك احتياطياً ضخماً من الدولار الاميركي، يقدر بأكثر من 1500 مليار دولار، واذا ما قررت استبداله بعملة صعبة اخرى، فهي قادرة وخلال فترة زمنية قصيرة، توجيه ضربة قاصمة للاقتصاد الاميركي، تكون نتيجتها تفكك الولايات المتحدة وانهيارها التام. كان على الولايات المتحدة ان تدرك منذ إسقاط إحدى طائراتها الحربية، عندما دخلت الاجواء الصينية، ومنذ إجبار إحدى طائرات الاستطلاع على الهبوط وإعادتها مفككة إلى قواعدها، في بداية هذا القرن في الوقت الذي كانت فيه في أوج قوتها والقطب الأوحد المهيمن على العالم، ان هناك خطوطاً حمراء في علاقاتها مع الصين، لايمكن تجاوزها، فما بالك اليوم وقد أصبح مصيرها رهن الخطوات اللاحقة للقيادة الصينية. لذلك فإن أسلوب الضغط على الصين من خلال إحداث أعمال شغب على أساس مذهبي ، لن يزيدها إلا إصرارا، على مواجهة التحديات والاستمرار على طريق إضعاف الهيمنة الاميركية، ليس في منطقة أورآسيا وآسيا الوسطى فحسب بل وعلى المستوى العالمي كذلك، وخاصة ان الولايات المتحدة تعاني من أسوأ أزمة مالية واقتصادية، وهي غارقة في مستنقعات عدة في العالم، وغير قادرة سوى على إثارة الفتن، وعلى افتعال ثورات « ملونة» في بعض الدول، بمساعدة عصاباتها التي مازالت لها صلات وارتباطات في مختلف دول العالم، وستنتهي بمجرد انكفاء الهيمنة الأميركية في العالم. |
|