تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


كيمياء الحبَّة والقُبَّة

البقعة الساخنة
الأربعاء 29-7-2009م
خالد الأشهب

الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي العربية المحتلة حبة صغيرة تتفاعل يومياً وتتحول إلى قبة كبيرة، فأميركا أولاً ومن بعدها أوروبا تلحان وتضغطان كي توقف إسرائيل الاستيطان،

وتلوحان لها بما تريانه ويلاً وثبوراً وعظائم أمور بالنسبة إليهما، وكما لو أن الاستيطان هو لب الصراع في المنطقة والمدخل إلى سلامه في آن معاً، وإسرائيل من جانبها، وبقيادتها السياسية المتطرفة، تتململ وتمثل دور المتمرد على الإلحاح والضغط، وكما لو أن وقفها للاستيطان سيصنع سلاماً لا يناسبها ولا تريده، فيما العرب يتابعون مشهد تحويل الحبة إلى قبة بمزيج من الإعجاب والذهول معاً، وكما لو أنهم سينالون السلام في خواتيمه!!‏

لكل مصلحته في المشهد ... الولايات المتحدة تريد أن تقول للعرب، وربما للعالم، أنها وسيط حيادي حقيقي لا يستثني إسرائيل من الضغط والإكراه وربما الإملاء، وسيكون مسوغاً لها ممارسة الضغوط باتجاههم في وقت لاحق, أسوة بإسرائيل, للحصول على تنازلات منهم في موضوعة السلام، ومصلحة أوروبا في هذا المشهد أن تقول للعرب أيضاً أن دورها حاضر في العملية السلمية، وأنها على غرار الأميركيين يمكن أن تضغط على إسرائيل إذا لزم الأمر واستوجب السلام ذلك الضغط، ومصلحة إسرائيل في المشهد إياه أن تقول للعرب بعد حين إنها، وبعد أن قاومت الضغط الأميركي الأوروبي طويلاً، جاءت على نفسها، وخضعت، وقدمت للعرب تنازلاً ضخماً ومؤلماً ما بعده تنازل، حين تستجيب للضغط فتوقف الاستيطان ولو مؤقتاً، وأن من المنطق والإنصاف بعد ذلك أن تنتظر منهم تنازلات مجزية تتناسب وتنازلها هذا في وقف الاستيطان‏

ثم ماذا؟‏

ببساطة، تكسب إسرائيل تنازلات عربية استراتيجية ربما تتصل بالأرض أو عودة اللاجئين أو القدس أو الجغرافيا وحدود وسيادة الدولة الفلسطينية الموعودة، وفيما بعد تعاود الاستيطان والتوسع أكثر من ذي قبل، فيما يكسب العرب الوهم ويخسرون ما لا يستطيعون استعادته ثانية.‏

هكذا يبدو المشهد الدائر حول الاستيطان وهكذا تبدو خواتيمه إن استمر .. وإن استمر معه تجاهل الأسباب الحقيقية للصراع في لعبة تحويل الأسباب إلى نتائج والنتائج إلى أسباب.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية