|
قاعدة الحدث التي فرضت على سورية منذ العام 2011 أن المحور الداعم للارهاب وعلى رأسه الولايات المتحدة الأميركية لم يبخل على مرتزقته وأدواته الارهابية بأي نوع من أنواع الأسلحة المتطورة أو حتى المحظورة دولياً، فإذا كانت قلة قليلة من دول العالم تنتج الطائرات المسيرة المسماة «الدرون» ــ طائرات بدون طيار ــ فقد كانت المفاجأة الكبرى أن جماعات إرهابية مثل تنظيم ما يسمى أحرار الشام وجبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة وكذلك تنظيم داعش الإرهابي قد حصلوا على هذا النوع من الأسلحة في إطار المخطط الأميركي والغربي الرامي لإسقاط الدولة السورية وتمكين هذه الجماعات الظلامية من السيطرة عليها. بدأ هذا النوع من السلاح المتطور «الطائرات المسيرة» بالدخول على خط الحرب في سورية مع بدء المساهمة الروسية في مكافحة الارهاب عام 2015 إلى جانب الدولة السورية وباقي حلفائها إيران وحزب الله، في مؤشر واضح على قرار أميركي باستخدام كل الإمكانات المتاحة لدعم الارهاب في سورية وإفشال الهدف الذي قدمت من أجله القوات الروسية على سورية، وقد سبق ذلك تقديم معدات وصواريخ دفاع جوي للجماعات الارهابية في محاولة يائسة لكسر التفوق الجوي الذي يتمتع به الجيش العربي السوري في حربه على الإرهابيين، كما حصل الإرهابيون في سورية عن طريق تركيا والسعودية ودول أخرى على مواد تدخل في صناعة الأسلحة الكيماوية المحظورة من أجل فبركة استفزازات كيماوية تستخدم لاحقاً من أجل إدانة سورية ومن ثم الاعتداء عليها كما جرى في مناسبتين سابقتين. وانطلاقاً من الجبهة الشمالية الغربية أي محافظة إدلب وما تبقى من ريف حماة الشمالي وحلب الشمالي الغربي شن الإرهابيون هجمات عديدة باستخدام هذا النوع من الطائرات المسيرة المحملة بالمتفجرات، للاعتداء على نقاط تمركز الجيش العربي السوري في حماة وحلب واللاذقية، وكانت الهجمات الأكثر خطورة هي تلك الهجمات التي استهدفت قاعدة حميميم الجوية حيث مقر القاعدة الروسية في مدينة اللاذقية في أكثر من مناسبة، حيث تمكنت وسائط الدفاع الجوي الروسي من إسقاط هذه الطائرات وإفشال مراميها، ما دفع القيادة الروسية لاتهام الولايات المتحدة الأميركية بالوقوف وراء هذه الهجمات وتحميلها مسؤولية وصول هذا السلاح لأيدي الإرهابيين، إذ لا يمكن لعاقل أن يصدق أن مجموعات إرهابية تكفيرية ظلامية تستطيع أن تنتج أو تستخدم هذا النوع المتطور من الأسلحة ما لم يكن هناك خبراء عسكريون أجانب يقومون بمساعدتهم والإشراف على صيانة وتسيير وتذخير والتحكم بهذه الطائرات الصغيرة المسيرة. ففي الثامن من كانون الثاني عام 2018 أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن قواتها أحبطت هجوما بطائرات الدرون على قاعدة حميميم الجوية. وأضافت الدفاع الروسية أن الهجوم الذي حدث في السادس من الشهر نفسه لم يتسبب بأضرار في الأرواح والممتلكات. كما أوضحت أن استخدام الطائرات المسيرة في سورية يدل على تسلّم الإرهابيين تكنولوجيا تسمح بشن هجمات على أي بلد. ونقلت وكالات عن وزارة الدفاع الروسية قولها، إن متطرفين هاجموا قواعد عسكرية روسية في سورية بطائرات دون طيار، وذلك بعد أيام على تقارير عن تعرض مواقع للجيش الروسي في الأراضي السورية لهجمات. وأكدت الوزارة أن «الخبراء الروس يعملون على تحديد قنوات إمداد الإرهابيين بتكنولوجيات الطائرات المسيرة الأجنبية». من جانبها وكالة إنترفاكس الروسية أكدت الخبر ونقلت عن وزارة الدفاع الروسية قولها إن الإرهابيين وجهوا عشر طائرات بدون طيار على قاعدة حميميم، وثلاث طائرات على قاعدة طرطوس البحرية، مؤكدة أن الهجوم لم يسفر عن سقوط خسائر بشرية أو مادية، وأوضحت «تم إسقاط 3 طائرات مسيّرة خارج قاعدة حميميم و3 انفجرت بعد ارتطامها بالأرض و7 بالدفاعات الجوية». كما نفت الوزارة قبل ذلك معلومات تحدثت عن تدمير سبع طائرات روسية في هجوم بطائرات مسيرة على قاعدة حميميم. وفي سياق متصل تمكن العسكريون الروس من فك تشفير معطيات الدرونات التي تمت السيطرة عليها وإسقاطها سالمة. ويقول العسكريون الروس إنه من المستحيل تجميع الطائرات من دون طيار دون مساعدة مختصين « من أصحاب الخبرة في تكنولوجيات الدرونات المصنعة على شكل طائرات من دون طيار تعمل باستخدام نظام GPS». وبعد دراسة الدرونات وصل الخبراء العسكريون إلى استنتاج يفيد بأنه تم استخدام صواعق أجنبية الصنع خلال تحضير العبوات المتفجرة المركبة على الدرونات. وفي تموز من العام نفسه تعرضت قاعدة حميميم لهجوم جديد من طائرات مسيرة بدون طيار، ونشرت وزارة الدفاع الروسية صورا لطائرات «درون» مسيرة عن بعد، مؤكدة إن دفاعاتها أسقطتها فوق مدينة جبلة خلال مهاجمتها للقاعدة. وخلال العام الجاري تعرضت قاعدة حميميم لهجمات إضافية بطائرات درون وذلك بالتزامن مع المعارك المشتعلة في ريف حماة الشمالي ومحيط إدلب، وقد سبق لوزارة الدفاع الروسية أن اتهمت حركة أحرار الشام الارهابية بالوقوف خلف العديد من هذه الهجمات، وهجمات أخرى سبقتها. وقد أشارت موسكو بأصابع الاتهام علنا إلى واشنطن، وأكد فرانس كلينتسيفيتش نائب رئيس لجنة الأمن والدفاع لدى مجلس الاتحاد الروسي، أنه «ما كان للإرهابيين أن يهاجموا المواقع الروسية بالدرونات بمعزل عن دعم استخباري ومالي وتقني، فضلا عن المكونات المطلوبة لتسيير هذه الطائرات». وخلص الخبراء العسكريون الروس بعد معاينة وفحص الدرونات الستة التي اقتادتها أجهزة التشويش الروسية إلى حميميم إلى أنها صنعت بأيدي جماعات متطرفة ناشطة في المنطقة، وتحتوي على تكنولوجيا متطورة، واستطاعوا تحديد المنطقة التي أطلقت منها. وقال الخبير العسكري الروسي أليكسي ليونكوف إنّ الذين حاولوا مهاجمة قاعدة حميميم باستخدام طائرات درون تلقوا التدريبات المناسبة، وأن مدربين أمريكيين أشرفوا على تدريبهم. وأضاف الخبير الروسي، إنّ «لجوء الإرهابيين إلى استخدام طائرات درون يعني أنهم تحولوا لتكتيك جديد لأعمالهم الإرهابية في سورية»، ولم يستبعد شن غارات جوية مكثفة على قاعدة حميميم التي تتواجد فيها طائرات تابعة لسلاح الجو الروسي، باستخدام أسراب من طائرات درون». وأكّد الخبير الروسي أنّ العسكريين الروس سيستخدمون ما يمتلكونه من وسائط الحرب الإلكترونية لصد هجمات من هذا النوع، مشيرا إلى أن تلك الوسائط تستطيع تعطيل إلكترونيات طائرات درون، وتستطيع إبطال مفعول أي طائرة مسيَّرة، ولم يستبعد الخبير إمكانية إحضار «أنظمة الإشعاع العالي التردد» إلى سورية، حسب ما نقلت وكالة سبوتنيك الروسية. |
|