|
مجتمع ويشكل ضغطاً على الشباب والبنات، كما يثير قلق الأهالي، وحتى الحكومة وكل من يهتم بأمر هذا المجتمع، خاصة عندما دخلت المشكلة في دائرة الضوء، وأصبح لدينا أرقام وإحصاءات تضع الحقيقة أمام أعيننا. فالأرقام والشهادات تتزايد لكنها توضح الصورة . من قبل كانت العنوسة هي تأخر سن الزواج لدى الفتيات، لكنها اليوم عند الجنسين وان كانت آثارها السلبية أكثر على الفتيات، ولكن من الذي يحدد السن المناسبة التي بعدها تدخل البنت دائرة العنوسة. في الماضي كانت جداتنا يتزوجن في سن 12 و13 سنة، وكان هذا طبيعيًّا جدًا، وظلت هذه السن ترتفع حتى وصلت إلى الثلاثينيات سنة 2000حسب أرقام المكتب المركزي للاحصاء، واليوم ارتفع هذا السن لأكثر من ذلك. والسؤال الأول والمهم هنا: هل المشكلة فقط في السن؟..أم أن هناك عوامل أخرى منها مثلا: هل فتياتنا وشباننا اليوم مؤهلون لتحمل مسؤولية بناء أسرة ونجاح زواج؟ وهل تشكل لدى الفتيات وعي جديد حيال الزواج بعد أن تعلمن وبدأن يدركن ماهي حقوقهن وخاصة حق العمل والاستقلال الاقتصادي ؟وهل يمكن تناول هذه المشكلة بمعزل عن بقية مشاكلنا الاجتماعية؟ ترتفع أحيانا أصوات لتقول :إن تأثير وسائل الإعلام سلبي في إبراز والتركيز على الجانب المادي، وإعلاء قيمة المادة والاستهلاك فوق المعنى الإنساني والعاطفي والتربوي والاجتماعي للزواج، لكن هل سألنا الفتى والفتاة قبل الزواج: لماذا تريدان أن تتزوجا؟ وماذا تتمنيان أن يقدم كل منكما للآخر؟ قد نجد الشاب يريد زوجة مثل فتيات الإعلانات وأغاني الفيديو كليب، والفتاة تريد زوجاً يحقق لها حياة ناعمة مرفهة وبيتًا على غرار الفيلات التي نراها على الشاشة في المسلسلات، كما لو كانت بلادنا تخلو من البيوت العادية التي تضم غرفاً بالكاد تسعنا وأثاث «يمشي الحال» ، ويظل الشاب يبحث عن الصورة التي في خياله، والفتاة تنتظر المليونير، وتمر السنوات.. في هذه الحالة نكون نحن نصنع مشاكلنا وليس الاعلام! ولاينتهي الأمر هنا فهل تأخر سن الزواج أسبابه اقتصادية فقط؟ ربما لا فالتخطيط السليم والتحكم بعدد الأولاد يخفف من حدة المشكلة، فقد تزوج أهلنا في بيوت صغيرة وحتى غرف وبقطعتي أثاث يسدون الحاجة ، ثم رويدا رويدا توسعوا. ومايدفعنا للقول بأن الأسباب ليست السبب الوحيد للمشكلة أن هناك دولاً غنية مثل دول الخليج تعاني من نفس المشكلة، حتى القول إن المغالاة في المهور هي السبب لا تفسر وحدها انتشار الظاهرة. فهل كل عائلات الفتيات ذات مستوى مادي مرتفع، وتطالب الشاب بمطالب مرتفعة وكل أسر الشباب فقيرة، ولا تستطيع تحمل تكاليف الزواج؟! إن المشكلة الكبرى أن ينظر لتأخر سن الزواج من منظور واحد، أو أن يفسر على أساس سبب واحد، لا بد أن ننظر لتعدد الأسباب وترابطها وتشابكها ، فارتفاع مستوى التعليم سبب ايجابي مثلا، الا أن عدم توفر المساكن سبب سلبي بالمقابل، عمل الفتاة عامل مفيد ، لكن عدم توفر خدمات اجتماعية مراعية للمرأة العاملة مضر، وعي الفتيات لحقوقها مهم، لكن القيم القديمة التي مازالت تسيطر على العلاقات الأسرية هدامة كمبدأ الطاعة، وحصر دور الرعاية بالزوجة، لذا لابد من التوجه مثلا إلى الإعلام ليس لاتهامه وإنما ليكون منبرا ووسيلة لنشر وعي جديد يلائم التغيير الاجتماعي و يوازيه ويساعد على تقويته بدل الاتهامات للإعلام وغيره. |
|