|
مجتمع توقفت على بعد أمتار مني سيارات الإسعاف السريع، وانفتحت في ثوان كافة أبواب أقسام الإسعاف والعناية المشددة على المصراعين، لتتلقف الضحية تلو الأخرى في محاولة جاهدة لإنقاذ من بقي به رمق... لمحت بين طاقم الإسعاف حينئذ طبيباً أعرفه متخصصاً حديثاً في طب الطوارىء، وقد راح يحدثني فيما بعد عن أهمية هذا التخصص في إدارة هكذا أزمات، باعتباره خط التدبير الأول في الحوادث والكوارث الطبيعية وغير الطبيعية، ولعب دور القيادي في إدارة الكارثة والقدرة على مواجهة الأزمات من حيث التقييم والتداخلات والإنعاش وتنظيم خدمات الإسعاف والعناية ما قبل المشفى حتى الوصول بالمريض للاستقرار.. تطبيقات وتمضي الأيام، لأرى تطبيقات هذا التخصص الرفيع المستوى من الطب في الإشراف الطبي على المعسكرات والمهرجانات والتجمعات، والأحداث الرياضية/ مباريات، رالي سورية الدولي/ والإسعاف السريع، ونقاط الإسعاف الطرقي، وفي المركز الصحي بمطار دمشق الدولي، وجميعها أقنية مجتمعية حساسة تتطلب عناية مشددة ومهارات عالية ومنظمة في قسم الطوارىء وإدارة الكارثة من خلال اختصاصي درب تدريباً عالي المستوى بالتعليم المستمر والبحث الطبي والطب المسند بالبرهان، بما يمكنه من تدبير طيف واسع من الأمراض والإصابات الحادة، وفهم المبادىء الفيزيولوجية المرضية لكافة الفئات العمرية وبما يساعده في اكتساب المحاكمة العقلية، وسرعة اتخاذ القرار الصحيح، وفق أحدث البروتوكولات المعتمدة عالمياً، بما حصله من علوم طبية أساسية إسعافية، وتطوير المعرفة السريرية تعليمياً وتدريبياً في المهارات التقنية والإدراكية... أعلى فترة تدريب ومن هنا كان البرنامج التعليمي التدريبي للمقيمين في قسم الطوارىء يستغرق/24/ شهراً، وهي أعلى فترة تدريب نسبياً قياساً بباقي الاختصاصات، كقسم الجراحة/6/ أشهر، قسم العناية المركزة/5/ أشهر، قسم الداخلية/3/ أشهر قسم الأذنية والعينية/ شهران قسم الأشعة، شهران، قسم التوليد، أيضاً شهران... مع رئيس الرابطة على هامش فعاليات المؤتمر السنوي الخامس للرابطة السورية لطب الطوارىء الذي اختتم فعالياته مؤخراً بتاريخ 3/7/2009، التقينا برئيس الرابطة الدكتور سامر خضر الذي حدثنا عن واقع ومعاناة طب الطوارىء ما أفضى للأسف إلى العزوف عن الرغبة بدخول هذا الاختصاص بسبب ضبابية المستقبل وجهل المجتمع بمقدرات طبيب الطوارىء... معاناة بدأ الدكتور سامر حديثه معنا من صلب المعاناة إذ قال: من خلال الفترة الماضية، وبدراسة ونظرة سريعة لواقع الاختصاص، وما نتج عنه من واقع مهني للأطباء بعد التخرج، نرى أن مفهوم المراوحة بالمكان يعتبر مقياساً لعدم التطور، أما واقع الاختصاص المؤسف فهو الشعور بالتراجع والندم بإضاعة وقت هام من العمر بهذا الاختصاص نظراً لعدم الالتزام بالبرنامج التعليمي المعتمد من قبل المجلس العلمي لطب الطوارىء، والإحباط وانعدام الثقة بوجود حلول ناجعة لرفع سوية الاختصاص واستمراريته. وعدم تفعيل توصيف الاختصاص والعمل به، حيث تم انجازه بعد مخاض عسير بعام 2007، إضافة إلى عدم قناعة الاختصاصات الأخرى بطب الطوارىء لعدم فهم آلية عمله وبسبب المنافسة.. ناهيك عن بعض القوانين التنظيمية في وزارة الصحة التي تعوق تشجيع الاختصاص، والتسرب الداخلي والخارجي من خلال الاختصاصات الفرعية والهجرة طموح وعن الطموح حدثنا الدكتور خضر قائلاً: نأمل باهتمام ودعم وزارة الصحة لهذا الاختصاص باعتبارها البيت الحاضن له، ونحن المعنيون أساساً بالتدريب والتأهيل لكوادر وزارة الصحة بالإشراف الطبي على هذا الاختصاص مع رفع سوية التدريب والتأهيل، ووضع سياسة تسويق وتعريف وتشجيع للاختصاص وتوحيد الجهود بين كافة الجهات المعنية بالاختصاص / وزارة الصحة، التأهيل والتدريب، المجلس العلمي للاختصاص، الرابطة السورية لطب الطوارىء، ومديرية الإسعاف والطوارىء/... مقترحات ويتابع نائب رئيس الرابطة د. محمود ناجي قائلاً: - من خلال هذه الفلسفة التطويرية، وجدت مواضيع واهتمامات خاصة في مجال طب الطوارىء طريقها إلى التطوير والنهوض والتميز منها: الانعاش ودعم الحياة، عناية ما قبل المشفى، تدبير الكوارث، الخدمات الطبية الإسعافية، علم السموم، الإضطرابات البيئية/ إلى من يهمه الأمر وفي الختام دعا رئيس رابطة طب الطوارىء إلى تعديل بعض القرارات التنظيمية مثل: السماح لاختصاصي الطوارىء بافتتاح مراكز اسعافية /24/ ساعة دون التأثير على عمله بالجهات الحكومية ، وذلك للحد من الهجرة وإلزام المشافي الخاصة بضرورة تعاقدها مع اختصاصي طوارىء يشرف على قسم الإسعاف فيها، وذلك سيساعد على خلق فرص العمل المناسبة، والحد من اعتبارات الاختصاص معبراً لدخول اختصاصات أخرى، والعمل على حصول الاختصاص على طبيعة عمل /100٪/ أسوة بالاختصاصات الأخرى. مع متابعة التعميم الصادر عن السيد وزير الصحة لضرورة تكليف اختصاصي طوارىء للإشراف على كافة أقسام الإسعاف في مشافي الوزارة، وايجاد حل عادل ومنطقي للأطباء المقيمين الذين يتابعون إقامتهم خارج القطر، وعدم توفر شروط الامتحانات النهائية، ومخاطبة مديريات الصحة للالتزام بالبرنامج التعليمي والتدريبي للمقيمين، واعتماد المراكز التدريبية بالمحافظات وتوجيه منهج التدريب و التعليم وأخيراً دعم البرنامج العلمي والتدريبي الطموح لمديرية الإسعاف والطوارىء، والجهود الكبيرة لرفع سوية التأهيل والتدريب. وإيفاد الأطباء الاختصاصيين الملتزمين بالوزارة للحصول على اختصاصات مناسبة لبناء كادر تعليمي أكاديمي عالي المستوى مثل: طب الكوارث وإدارة الأزمات، الجراحة الإسعافية، علم السموم السريري، على أن تعمل الوزارة بعدها على وضع هذه الاختصاصات الفرعية حيز التنفيذ كي لا نبقى في موضع الاتهام هي مجرد مقترحات لقضايا مطلبية ملحة آثرنا عرضها في خاتمة موضوعنا من خلال الاختصاصي، لأننا نعتقد بأننا أحرج ما نكون إلى تطبيقها عاجلاً أم آجلاً كي لا تبقى كوادرنا الاسعافية الوطنية في موضع الاتهام بالتقصير وعدم الكفاءة إزاء أي كارثة أو حادثة طارئة. |
|