|
شؤون سياسية حيث قال والخطاب موجه للزعماء العرب كماهو موجه للقوى السياسية ومشروعاتها على المستوى العالمي (يريدوننا شجرة بلا جذر حتى إذا جاءت أي ريح خفيفة اقتلعتها من مكانها)، إن المعنى متصل ولكني اقتطفت التعبير من سياقه، سواء فيما يتصل بخطاب الرئيس في تلك القمة أو مايتصل بالبعد المنهجي الذي سعى منذ زمن طويل إلى توطيده كأساس لتقويم الواقع العربي ولتجذير القضايا الكبرى والمصيرية ولضرورة البناء في المناخ الإيجابي، ولعله من أصول ذلك يتعمد الرئيس بشار الأسد أن يؤسس لاتجاهين متكاملين، في الأول يتحدث عن الثوابت ونقاط الأمان في المستوى القومي وفي الثاني يوصل الرسالة للآخرين مذكراً ومحذراً بأننا لسنا أمة عابرة على خط التاريخ وليست هي المرة الأولى أوالعاشرة التي تتعرض فيها الأمة للعدوان الخارجي وتعاني من الظلم والنهب المنظم للثروة، وبشاعة النظرة الفكرية والعملية للعرب والمسلمين من قبل الغرب الاستعماري بكل موجاته وتصانيفه ومشروعاته، والمسألة بهذا المعنى هي تقابل على قاعدة التكامل، بحث في الذات وعن الذات بكل مافيها من عناصر القوة ومظاهر الاختلال والضعف مع مايقابل ذلك من رسائل موجهة للآخرين، بأننا نعرفهم ونعرف ماذا فعلوا على مدى التاريخ ونعرف ما الذي يتطلعون إليه من أهداف لهم في الداخل العربي خلال هذه المرحلة الزمنية، والكلام ومنه الشهادات الحية في المنسوب الفكري والسياسي والعلمي نستدل على قيمته بالقيم التي يصوغها هذا الكلام وبالظرف التاريخي الذي يقال فيه هذا الكلام ومن هنا فإني أعتقد بأن منهج الرئيس كان يرتكز عبر مقولة التكوين التاريخي الحي للعرب والتأشير إلى مجمل النيات والإرادات والمشروعات الاستعمارية، كان يرتكز إلى نقاط ثلاث.. - أولاها أن تبقى درجة الثقة بالذات واليقين بالحق العربي ومجمل أوجه وجود الأمة قائماً بل حياً ومشعاً، هذه أمة خلقت لكي تعاني ولكي تحتفظ بدورها وحقها ورسالتها تحت أقسى الظروف وأسوأ أنواع التردي والسلبية، لم تخلق هذه الأمة لكي تموت بطريقة مجانية أمام الموجات الاستعمارية العاتية، هناك كبوة ويعقبها صبوة، هناك أفق مفتوح من النضالات الدامية، بحيث تسلمنا المعارك إلى هذا الحال المستدام من المعاناة مع الحضور الدائم بالوجود الحي لهذه الأمة لايدرك الآخرون هذه الميزة العربية، تحركهم أحقادهم وأطماعهم من الخارج وتغريهم حالة التردي والإنهاك من الداخل العربي ثم تبنى المشروعات وتنسج مصادرها على أساس إنهاء الوجود المادي والحضاري للأمة العربية وباستمرار الفكرة المركزية. - عند الآخرين هي اقتلاع هذه الشجرة العربية الحية من جذورها وإنهاء القصة من أساسها. - والنقطة الثانية هي أن التفكير الاستعماري مازال محكوماً بدوافع الحقد التاريخي على العرب وهذا لايعني أن الأطماع الاقتصادية والاستراتيجية غير موجودة، إن المسألة متكاملة هنا إذ من أصول بناء التفكير الحاقد على العرب أن تنهب ثروتهم وتبدد مقاطع بناء الحياة المعاصرة عندهم، إن هذه النظرة لاتغيب عن الموقعين الغربي والصهيوني وباستمرار فإن العرب مطالبون بأن يتقبلوا فكرة الموت القادم من الغرب وأن يحفروا قبورهم بأيديهم وأن يسلموا مصيرهم للغرب والصهيونية، عندها تهدأ موجات الحقد التي مازالت تستبد بالمعتدين، وعندها نوصف كعرب على اختلاف مواقفنا ومواقعنا بأننا بدأنا نستوعب وندرك، لأن المهم هو أن نُقتل بهدوء ومعنا تجري عملية اغتيال لحقوقنا وكرامتنا ووجودنا المادي والتاريخي. - والنقطة الثالثة هي هذا المدى الذي تجري فيه التصورات والاحتمالات، فيما بعد ذلك أن التأشير إلى الخطر والدخول في عمق ماهو مرسوم لنا من ضياعات يفرض نفسه في هذه المرحلة، لابد أن تبقى الجذور حية وسليمة، فالأغصان التي يبست والأفرع التي تهاوت لابد من قصها وبترها لكن المهم هوأن تبقى جذور الحياة العربية سليمة وقابلة للانبعاث في أي ظرف مناسب، وحينما تتوافر شروط الوعي بالواقع والإرادة المتكاملة مع منهجية التضامن والتكامل سوف تكون جذور الحياة العربية مفاجئة وسريعة وهي تتمرد على ذاتها أولاً وعلى عناصر الردع والاغتيال ثانياً حتى لكأن كل الممارسات الاستعمارية لم تكن سوى تعبير عن حقدهم في الخارج وتحريض للفعل العربي من الداخل لسوف تبقى حالة الصراع قائمة في أصول هذا المعنى وهي قائمة على معادلة الفناء والبقاء. |
|