تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


شظايا الضوء

معاً على الطريق
الاربعاء 11-5-2016
أنيسة عبود

تعبنا نحن السوريين من الظلام الذي نعيش فيه ..فقدنا بصيص المستقبل وضيعنا طريق الأمل الذي كنا نعمل لأجله ..الحال الأمني لا يسرّ والحال الجغرافي لا يفرح ..والحال المعيشي قاس ..والحاجة مذّلة .

كأننا نسير إلى الخلف ..وكأن الطريق الذي يمشي بنا إلى الأمام غير موجود ..كل يوم نتراجع عشرات الخطوات فهل اقتربنا من الحضيض ؟‏

قد أكون متشائمة بعض الشيء لأننا كلما قلنا انتهينا أجد أننا بدأنا ..وكلما ظننا أن البريق الذي يلمع من بعيد هو بريق الخلاص.. نكتشف أنه بريق الرصاص.. سادت نشوة القتل والخراب والعتمة الكالحة.. تعبنا من السواد ونبحث عن البياض.. قيل إن البياض في أعماق النفس الإنسانية، لكن أعماقنا مليئة بالسواد فمن أين نشتري بياض الحياة والأمل ؟ كيف لا يموت ضوء القلب وجزء كبير من الشعب السوري جاهل، غافل، يؤمن بالدم والسواد ويعمل ضد مصلحته ومصلحة وطنه وتاريخه وتكوينه ؟‏

كيف لا يعمّ أرواحنا اليأس ونحن نرى بعض السوريين يعرضون للبيع ذاكرتهم وتاريخهم وأوابدهم ..وكيف ينقادون كحصان مروض للغرب الذي يقودهم ويخطط لمستقبلهم كي يقسموا سورية وينهوا الدولة السورية والشعب السوري؟‏

للأسف.. لم يعد القرار قرارهم بل هو قرار المتصهينين وقرار الأنظمة العربية الرجعية التي تهدر مال العرب وثرواتهم ودمهم من أجل صناعة الفكر المتطرف الذي يخدم المشروع الغربي الصهيوني.‏

لاحظوا انتعاش سوق السلاح والأرباح الهائلة لمصانع القتل.. وراقبوا حركة الاقتصاد في أميركا وأوروبا الاستعمارية.. ومن زاوية أخرى لاحظوا حجم الدمار والقتل في الوطن العربي ..هل فقدنا القدرة على الأسئلة ؟‏

وهل انتهى عصر القومية العربية وعصر العروبة والتاريخ المشترك؟ لمصلحة من تدمر اليمن؟ ومن المستفيد من تدمير سورية والعراق وليبيا.. وربما الطريق سيصل إلى مصر، ولمصلحة من يقاتل جيش مصر اليمنيين الفقراء؟ وماذا يعني تنازل السيسي عن الجزيرتين المصريتين لآل سعود الآن؟‏

أين الشعب المصري مما يحاك له، وأين الشعب العربي مما يحدث؟ هل عميت عيونهم بسبب البترودولار؟ هل الجوع هوالسبب ؟ ومتى كان الفقر مزاداً لبيع القيم والأخلاق والمواقف النبيلة ؟‏

لماذا كلما حاورنا مثقفاً مصرياً يسارع ويبرر لقيادته تخاذلها وصمتها وتنازلها عن قيمها ومبادئها وكرامتها قائلاً: إن ثمانين مليون مصري يريدون أكل العيش ..وتبدأ سمفونية الفقر والعيش والوضع الاقتصادي في مصر ..إذاً ماذا أفادتهم ثورتهم والانقلاب على حكم مبارك؟ وإذا كان أكل العيش يفعل فعله في التنازل والتخاذل؟ فماذا نقول نحن السوريين الذين نعيش الفقر والذبح والهجرة والتدمير والعيش المر بعد أن كنا أسياداً؟‏

ماذا نقول لحلب الجريحة ولحمص العدية؟ وما هي اللغة التي نخاطب فيها أرواح مئات آلاف الشهداء والجرحى واليتامى والثكالى والأرامل؟‏

بأي لغة نتحدث إلى أرواحنا المكلومة وإلى خبزنا اليابس وإلى أنوارنا المقطوعة وأوابدنا المسروقة وجيشنا العظيم الذي لا خيار أمامه سوى الشهادة أو النصر؟‏

يبدو أن العثور على لغة مشتركة مع الغرب ومع العربان بات صعباً وميئوساً منه، لا جدوى من الحوار ..تكاد سورية على شفا هاوية التقسيم.. الأكراد من جهة وأزلام السعودية من جهة أخرى وعملاء أردوغان ينهشون في الجسد وأميركا تصفق لكل هذا القتل والدمار.. فمتى كان في بلدي بشر يبيعون أرواحهم للدولار؟ ومتى كنا صورة مشوهة للآخرين؟‏

للأسف فقدنا ضوءنا الداخلي والخارجي.. وتحولنا إلى عصابات تأكل بعضها وتدمر أعمدة وجودها.. فهنيئاً للغرب بما وصل إليه حالنا.. لم نعد ملوك طوائف فقط.. بل ملوك تخلف وقتل وخنوع.. نحن الذين كنا خير شعب وخير بلد وأعظم حضارة.. فتباً لدهر كلما قلنا انتهينا بدأنا وكلما مشينا اقتربنا من الهاوية، لكن لا يأس مع السفهاء والعملاء وقطاع الرؤوس.. سننتصر .ثقوا أيها الشرفاء.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية