|
فنون وعدم جدواها كمنتج رابح يغري أصحاب هذه المكانات الاعلامية في عرضها وتبنيها ،ولهذا تبتعد هذه النوعية وتنزوي بعيدا لتتسيد الموسيقا التجارية المشهد الموسيقي العربي المعاصر ،في بعد دال على تمدد الأزمات التربوية والأخلاقية . ولعل في تسيّد الروح التجارية في المنتوج الموسيقي والغنائي العربيين ، ما يطرح السؤال المر الذي قد لا نجد اجابة وافية عنه ،وهو لماذا نرى وفي كل موسيقات الشعوب ، الجانب الابداعي يسير بالتوازي مع الجانب التجاري بينما نرى الاستثناء الوحيد في موسيقانا العربية المعاصرة في تمدد وتوسع البعد التجاري الاستهلاكي في أغلب نتاجات هذا الفن ؟ فهل الجانب المادي هو السبب الرئيس في إعلاء هذه اللغة التي ترسخ الزائل والعابر ،أم أن هناك ثمة جوانب أخرى تتعلق بمفهوم الحداثة والتجديد، حياتيا وابداعيا ، ولعل غياب هذه الموسيقا الجادة والرفيعة عن مكانات الانتاج والاعلام ما يعكس حجم الخراب وعمق الأزمة التي تطال الموسيقى العربية وفنونها وترحيلها المستمر خاصة مع العجز عن وضع حلول واستراتيجيات تلحظ خطورة البعد التجاري على مناخات التربية وتنشئة الأجيال ذوقيا وجماليا . وللدلالة على عمق الأزمات الروحية والوجدانية التي تلحق بالانسان العربي لابد من التذكير بحجم وكمية البرامج التي تستوردها هذه الفضائيات العتيدة نذكر بتلك الاحصائية التي قدمتها منظمة اليونسكو وهي احصائية قديمة ، والتي تخلص الى أن معظم دول العالم الثالث تستورد حوالي 90% من برامجها التلفزيونية من الدول الغربية وخاصة الولايات المتحدة بثقافتها وايديولوجيتها المسمومة،التي باتت تمثلها اليوم لغة العولمة بمالها وعليها ،هذا إن دل فإنه يدل على قبول التبعية والذوبان في ثقافة الآخر بشكل فيه الكثير من الدونية واحتقار الذات، يحدث هذا في غياب مؤسف للمكانات الاعلامية التي تتبنى الثقافة الرفيعة التي إن وجدت في بعض الفضائيات فعلى استحياء ومن باب العلم بالشيء ليس إلا ، وهي لا تشكل بطبيعة الحال الا أقل من 1% من برامج الاستسهال التي يتم تناسخها يوميا كالسوبرستارات وأخواتها وبرامج الغيبيات والسحر والشعوذة ، فضلا عن الفتوحات السيلكونية للفيديو كليب العروبي والبقية تأتي ؟؟ إن غياب هذه الموسيقا الراقية عن المشهد الاعلامي العربي لابد من أن يؤدي الى تعويد وتخدير المتلقي على هذه الروح التجارية كخيار وحيد متاح ، مع أن هناك فعاليات تقام بين الحين والآخر تسعى على ندرتها في احداث اختراق وخلق حالة من التوازن مع موسيقا وأغاني الاستهلاك المريض ،لكن ما ينقصها دائما الأمكنة الاعلامية التي تقدمها باستمرار وتتبناها كنهج ابداعي يثري ذائقة المتلقي وخياراته الجمالية . |
|