تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الخجل... حين يتجاوز حدوده الطبيعية عند أطفالنا

مجتمع
الأربعاء 13-3-2013
فردوس دياب

يعتبر الخجل ا لمفرط عند الاطفال من الحالات التربوية والسلوكية الخطيرة التي تترك آثارها السيئة والسلبية الانية والمستقبلية على نفسية الطفل

او المراهق، وهو الامر الذي يسبب له مشاكل جمة في حياته و يمنعه من مواجهة اعباء ومتطلبات الحياة‏

ويجعله منطويا على نفسه بعيدا عن أصدقائه وأقرانه لا يجرؤ على معاشرتهم ومخالطتهم، وكذلك كثير التردد والارتباك ويخفي وراءه الخوف وعدم الثقة بالنفس لذلك نجده متعثر الخطا ومستنزف الطاقة مشتت الذهن تقلقه نظرات الناس إليه.‏

ابني قليل الاختلاط ..‏

السيدة أم رامي تقول إن ابنها وعمره خمس سنوات خجول جدا ، مضيفة انه عندما يأتي احد الأصدقاء أو الأقرباء لزيارتها يدخل ابنها إلى غرفته ويظل فترة طويلة حتى ولو طلبت منه الخروج فانه يسارع الى الرفض ،كما أن خجله المفرط كثيرا ما يمنعه من ممارسة هواية غناء اناشيد الاطفال التي يسمعها ويرددها اقرانه في الروضة فهو عند سماعه أي أغنية للأطفال لايقوم بترديدها بل يكتفي بالابتسام.‏

بدورها قالت السيدة أم أنس ان ابنها البالغ من العمر ثماني سنوات قليل الاختلاط بالناس بسبب خجله الشديد وهذا يمنعه من اللعب مع أصـدقائه الذين هم بسنه وإذا تكلم أي احد من الأقارب معه يخبأ رأسه ويحمر وجهه ويهرب إلى غرفته ويرفض الجلوس معهم من شدة خجله ، أما السيدة أم علي فقالت من جهتها إن ابنها يخجل كثيرا غير انها عزت سبب ذلك الخجل الى كثرة توبيخها له عند قيامه بأي سلوك مرفوض أمام الاقارب والاصدقاءوهو الامر الذي يجعله يذهب الى غرفته ويظل فيها فترات طويلة الى درجة اصبح فيها يرفض الخروج من للجلوس مع احد من الزوار .‏

الأسباب والمسببات ..‏

ويرجع التربويون الخجل إلى سببين رئيسيين الأول: العامل العضوي او الجسدي حيث يكون الفرد مصابا بعاهة ما أو يعاني من سمنة مفرطة أو هزال شديد ، وبالتالي يتكون لديه شعور بالنقص وعدم الثقة بالنفس ، أما السبب الثاني فهو العامل النفسي وفي هذه الحالة تلعب التربية دورا هاما وخطيرا حيث تخضع نفس الفرد لنزعات متعارضة ومتصارعة تجعله في حالة اضطراب تموه عليه الحقائق وتجعله قليل الانتباه وقد تدفعه بعض الأحوال إلى استحسان الناس له ولأفعاله وآرائه فلا يرضيه بديلا عن سماع عبارات الثناء والإطراء التي تلاحقه من كل جانب وفي كل مناسبة وينمي هذا الحرص الشديد في أعماقه شعورا بالحذر والخوف والترقب ، و من الأسباب التي تؤدي الى الخجل الشديد أيضا كثرة التوبيخ والتأنيب والتحقير والحرمان من أحد الأبوين أو من كليهما و التأخر في التحصيل الدراسي ووجود الطفل في بيئة أسرية مفككة أو مضطربة كذلك هناك أسباب تتولد في البيت أو المدرسة تؤدي إلى شعور الطفل بالخجل .‏

الحسد والغيرة..‏

وتختلف أعراض الخجل من شخص إلى آخر وفقا لاختلاف الظروف او الأسباب التي أدت إليه وكذلك وفقا لطبيعة تكوين الشخص وفطرته الأساسية حيث يؤدي إلى رغبة المصاب في العزلة والبعد عن الناس اعتقاد منه أن الناس يراقبونه ليجدوا فيه ما يجعلهم يسخرون منه أو يتهكمون عليه إضافة إلى إحساسه بالحسد والغيرة والبغض والحقد على الآخرين وأيضا من أعراضه استجداء واستحسان الآخرين وقد يتمخض ذلك الشعور عن شغف بالغ بآراء الآخرين يجعله يستجدي استحسانهم له ولأقواله وتصرفاته حتى يصبح سماع عبارات الإطراء والثناء منهم هي كل همه في الحياة ، لكن في جميع الحالات يكون المصاب في حالة حصار دائم داخل نفسه متقوقعا عليها ينتقم لنفسه من نفسه فيقسو على ذاته اشد القسوة بتضخيم عيوبه وتهويلها والاستهانة بقدراته ومواهبه مع ما يرافق ذلك من خفقان للقلب وارتفاع في درجة الحرارة واحمرار بالوجه .‏

كما ان ما يسمعه الطفل من كلام أهله أو أقربائه عن خجله وحيائه وعن قصره وعجزه وقلة حيلته ودرايته يؤدي إلى ترسيخ هذه الأقوال العابرة في مخيلته كما أنها تتوالد في ذهنه وتتحول مع الأيام إلى خيالات وذكريات يرى نفسه من خلالها ناقصا فيصبح الانطواء رغبة والعزلة مطلبا في حياته وينمو معه عنصر الخجل كما أن للمراهقة تأثيراً بالغاً في هذا الحقل فهي تحمل إلى الفتى مشاعر الخجل وأحاسيسه ولكنه خجل طارئ وعابر لأن الإنسان متزن في طبيعته أما إذا قل توازنه وكثر تردده فهذا التردد له تأثير شديد على الإرادة ويؤدي إلى الجمود العقلي والبدني و يعقبه شعور بالخجل .‏

تهيئة جو أسري مترابط ..‏

ويؤكد علماء النفس أن هناك بعض الوسائل للتغلب على الخجل يمكن تحديدها من خلال معرفة العوامل التي تتسبب بالإصابة بظاهرة الخجل وهي عدم قلق الأم الزائد على الطفل ومراقبة تصرفاته بشدة خشية عليه من أي تصرف مما يسبب عدم انطلاقه ومنعه من التمتع باللعب والجري ويؤدي إلى انطوائه، والابتعاد بالطفل عن المخاوف وعدم الشعور بالأمان الذي يصيبه بسبب العراك المستمر بين الأهل وعدم القسوة على الطفل لدى ارتكابه خطأ ما مما يؤدي إلى شعوره بالنقص ، إضافة إلى عدم إشعاره بالنقص بسبب وجود عيب خلقي دائم أو مؤقت وتشجيعه على الثقة بنفسه، وبيان المواهب والقدرات التي يمتلكها وتعزيزها و تنمية قدراته على الحديث والحوار معه منذ الصغر كذلك تشجيعه على التفوق الدراسي وترغيبه في المدرسة، حتى وإن كان مستواه منخفضًا و توفير وتهيئة جوّ أسري مترابط يسوده الحب والألفة والمودة وتشجيعه على أن يطلب ما يريد بجرأة ودون خوف أو حرج خاصة من الوالدين .‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية