|
مجتمع « الله يرحم أيام زمان » و شتان بين ما الماضي و الحاضر ، و ما اتسمت به يومياتنا من فقدان لأعز عنصر حياتي ، و ليس من قبيل المبالغة إن قلنا إن الأمان أهم من الطعام و الشراب ، و بانعدامه نفقد نكهة الأشياء و متعة الحياة . من زمن قريب جدا كنا مرتاحي البال .. ننام و أبوابنا مواربة دون أن نفكر و لو لحظة بأن تكون ممتلكاتنا مشاعا لأصحاب النفوس الضعيفة و الانتهازية ، نسهر على شرفاتنا لنتسامر دون أن نخاف من رصاصة تائهة غادرة حاقدة ، نعود إلى بيوتنا متأخرين مطمئنين إلى أمان يحرس خطواتنا إلى أبواب بيوتنا .. و الآن لسان حالنا يقول : أين كنا .. و أين أصبحنا .. نعمة لم نقدر قيمتها إلى أن فقدناها ، و كأنه كان ينبغي أن نذوق الأمرين و نتجرع الفزع و الخوف حتى نحمد الله على ما أغدق علينا من نعم لم نشكره عليها ، نعمة لا تشترى بكنوز الأرض كلها ، حتى بات الحديث عنها محور أحاديثنا الهاتفية التي باتت وسيلة للاطمئنان على المعارف و الأقارب ، فبعد « كيف الصحة و الحال ؟ » ، يلح سؤال يتكرر كيفما توجهنا .. كيف الأوضاع ؟ ، هل هي ساخنة أم باردة ؟ ، و كأنها نشرة أحوال جوية ، نترقبها بشغف علها تنبؤنا باعتدال درجات حرارة الأحداث ، ما يبرد نار قلوبنا على بلدنا العليل بمرض نكران الجميل من أقرب الناس إليه ، و بانتظار أن يتعافى الوطن لنكون بألف خير .. و مع سخونة الأحداث تعذرت الزيارات و قلت اللقاءات ، و لكن حافظ مجتمعنا على تواصله و تماسكه ، و لو باعدت بيننا المسافات فقد جمعنا هم واحد و ألم مشترك ، تلاشت أمامه الأحقاد و صغائر الضغائن ، و كانت قلوبنا تنبض معا و تحزن معا و تتألم لأي مصاب و تبكي على الفقدان مهما بعدت صلة القرابة فالوطن على الحب يجمعنا . و إلى حين ترتب الأوراق و تعود الأيام الخوالي و ترجع عقارب الساعة إلى الوراء .. لن ننعي الأمان و لن نعتاد الفوضى و الخوف و الحزن و القلق و التوتر ، فالقادم يحمل الكثير من الاطمئنان و راحة البال بإذن الله ، عندها سنتذكر هذه الأيام العصيبة و نقول بين أنفسنا : سحابة صيف و مرت .. « وين كنا وين صرنا » ، فالأمان عاد من جديد لتنبض الحياة بقادمات الأيام .. |
|