تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


قدموس وأوروبا..حكاية آلهة القارات

ملحق ثقافي
2012/6/12
بدأت الحكاية حين اختطف الثور «زفس» أوروبا ابنة أشنار، فجمع الأب أشنار أولاده «فينيقس وقدموس وكيليكس» وأمرهم بالبحث عن أختهم «أوروبا»،

وحذرهم ألا يعودوا من دونها. خرج الشباب الثلاثة يفتشون عن أختهم دون جدوى، إلى أن يئسوا، وأدركوا أن الأمر شبه مستحيل. حط كل واحد رحاله في مكان: استقر فينيقس في الشمال على الساحل، فسميت البلاد باسم فينيقيا، واستقر كيليكس في بلاد هي إلى الشمال منها فعرفت باسم كيليكيا. وأما قدموس،‏

فقد كان متفائلاً ومصراً على إيجاد أخته، فذهب إلى الإله «أبولو» واستشاره ماذا يفعل. أجابه «أبولو»: «لا تجهد نفسك بالبحث عنها. أسس لنفسك مدينة جديدة. وعندما تخرج من هنا ستجد «عجلة» اتبعها وتوقف حيث تتوقف العجلة. وهناك شيّد المدينة».‏‏‏‏‏

وهكذا أسس قدموس قلعة قدميا ومدينة طيبا.‏‏‏‏‏

من أجل تقديم شكره للآلهة، قدم قدموس العجلة ذبيحة لها. لكن العجلة لم تكن إلا جنية ظهرت بهذا الشكل لتهديه إلى مكان بناء المدينة فقط. بعدها أرسل قدموس رفاقه ليحضروا الماء من نبع قريب، غير أن تنيناً مخيفاً كان يحرس النبع فقتلهم جميعاً، وبقي قدموس وحيداً. نازل قدموس التنين وصرعه. وفلح الأرض بأنياب التنين فخرج من الأخاديد رجال متوحشون مسلحون اسمهم «إسبارطي». عندئذ رمى قدموس حجراً بينهم فتحولوا عنه واقتتلوا فيما بينهم وأفنى بعضهم بعضاً، ولم يبق سوى خمسة منهم، انضموا إليه وساعدوه في بناء قدميا قلعة طيبة. ومن هؤلاء الخمسة تحدر نبلاء المدينة.‏‏‏‏‏

بمباركة الآلهة تزوج قدموس من هرمونيا ابنة آريس وأفروديت. وأنجبا ابناً وأربع بنات. ولكن نهاية أبنائهما كانت مريعة، فتراكمت الأحزان في قلب قدموس وهرمونيا على أولادهما وأحفادهما. هربا من طيبة إلى «الليريا» البعيدة، خوفاً من استمرار الكوارث، ولكن الآلهة كانت قد قررت مسخهما، فحولت كل منهما إلى أفعى.

كل هذا بسبب رحلة التفتيش عن الأخت المختطفة أوروبا. ولكن من اختطفها؟‏‏‏‏‏

كان والد أوروبا وقدموس ملكاً على فينيقيا «كنعان». واسم فينيقيا هو التسمية التي أطلقها الإغريق بشكل خاص على الكنعانيين الذين سكنوا الجزء الشمالي من الساحل السوري. وتقول الأسطورة بأن أشنار كان ابن إله البحر «يم» من زوجته ليبيا، وهو اسم شمال القارة الأفريقية، والذي يطلق اليوم على الجمهورية الليبية.‏‏‏‏‏

حلمت أوروبا بإله أحبها، ورأت نزاعاً بين قارتين على شكل امرأتين. آسيا تقول: «إني أملكها لأني ولدتها» وتقول القارة الأخرى - ولا يتم ذكر اسمها - إنها ستملكها، لأن الإله زفس سيهبها لها.‏‏‏‏‏

في الصباح الباكر خرجت أوروبا مع صديقاتها في نزهة، وأخذت كل واحدة منهن تجمع الزهور في سلتها. وفي الأعالي كان زفس يستلقي بكسل ويرقب ما يجري على الأرض. وحين لمح أوروبا فتنته، وألهب بحبها، وقد ألقت أفروديت وإيروس سهماً في قلبه.‏‏‏‏‏

وخوفاً من زوجته هيرا الغيورة، تقمص زفس شكل ثور إلهي تحيط بقرونه دوائر فضية كالهلال ونزل بالقرب من الفتيات. اقتربت الفتيات منه وبدأن بشم عطره السماوي. وما إن اقتربت منه أوروبا، ولمسته، حتى خار خواراً موسيقياً أجمل من عزف قيثارة، وانحنى أمامها فاعتلت ظهره. قفز بها زفس إلى البحر، وأعلن عن نفسه بأنه أعظم الآلهة. واعترف لها بأنه فعل هذا بسبب حبه لها.‏‏‏‏‏

لقد اختطفها وذهب بها إلى جزيرة كريت، في نفس المكان الذي خبأته فيه أمه عندما هربته من أبيه كرونوس «أيل أبو السنين». وتقول الأسطورة إن كرونوس كان يلتهم أبناءه، وقد أنقذت الأم ابنها زفس بحيلة. وعندما وصل زفس وأوروبا إلى كريت قفز الثور إلى اليابسة وأقام حفل زفاف حضره الأعيان. وأنجب الاثنان أولاداً اشتهروا بالعدل وأوكلت إليهم محاكمة الأموات. وبقي اسم أوروبا أشهر الأسماء، وقد أطلق على القارة بأكملها.‏‏‏‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية