|
مجتمع من صراخ وعويل وبكاء ودوي انفجارات وإطلاق أعيرة نارية ورشاشات، في محاولة للإثارة والجذب والتشويق ضمن وجبة دسمة إخبارياً قد تنقل الحقيقة أو تتفنن في التضليل والمواربة والتحريض والتجييش، وأمام تزاحم الأحداث الحالية التي لايمكن تجاهلها أو إدارة الظهر لها، ينصرف الأهل لمتابعة النشرات الإخبارية لمواكبة المجريات اليومية على الساحة السياسية، بينما يضطر الأطفال للتنازل رغماً عنهم عن مشاهدة برامجهم الطفولية المحببة من رسوم متحركة وأغانٍ تحاكي عالمهم، بعد نزاع ينشب بين الطرفين على جهاز "الريموت كنترول" بات يحسم غالباً لمصلحة الكبار نظراً لأهمية الحدث وسخونته وقربه جغرافياً، ويزج هؤلاء الأطفال دون قصد ببرامج ونشرات إخبارية فيها من العنف ومشاهد الدمار والموت ما يكفي لبث مشاعر الخوف والرعب في نفوسهم، ويطرح الكثير من التساؤلات من قبلهم ويرسم العديد من إشارات الاستفهام عن حقيقة مايجري، كيف ولماذا؟ ولا يدري الأهل ماذا يفعلون ليحموا أطفالهم من وجبات يومية عنيفة تنزف دماء وتضج بالموت وتمتزج برائحته وقسوته من جثث وأشلاء، هل يغلقون أعينهم أم يصمون آذانهم ؟ بينما يخترق العنف الواقعي المتلفز الحواجز المرسومة مسبقاً من قبل الأهل والتربويين وعلماء النفس خوفاً على أصحاب البراءة مايهز شخصياتهم ويؤثر عليهم وهم في طور النمو والتكوين، ما قد ينعكس سلباً بآليات نفسية من توتر وقلق، وردود فعل عدوانية في محاولة للتنفيس أو محاكاة لما ترسخ في الذاكرة من عنف يهز القيم الوطنية ويناقض الأخلاق الاجتماعية، فدرجت الألعاب الحربية من مسدسات ورشاشات ودبابات ويصاحبها من افتعال النزاعات وفنون القتال. و قد يبدو من المستحيل النأي بأطفالنا عما يجري من حولهم من عنف بينما يحاصرهم من كل حدب وصوب عبر وسائل الإعلام والأحداث القريبة، وعندما يتعذر إبعادهم عن غرفة التلفاز أثناء حضور النشرات الإخبارية، من الحكمة أن نشرح لهم ما يتم عرضه على الشاشة بما يتناسب ومستواهم العمري وطريقة تفكيرهم، والاستعانة بمنظومة القيم وربط الأحداث العنيفة بقوى الشر وتحصينهم وطنياً وقيمياً واستنكاراً لما يجري دون تضخيم أو تهويل. |
|