|
مجتمع لم تتلق نبأ استشهاده لأنها ظنت أنه لم يزل معها و لم يمت، وقبل أن يلتحق برفاقه لتأدية واجبه تجاه وطنه، قبل يديها وطلب رضاها ودعاءها، فودعته كغير عادتها و كأنها أحست أنه لم يعد إليها ثانية، كان إحساسها صائباً حيث لم يعد وأنذرها قلبها بشيء ما لكنها لم تتوقع ما حصل و تستوعب ما جرى صرخ أبوه لهول الفاجعة و عرف أن ابنه كان على موعد مع الموت. أما أخوه الصغير فنادى أين أخي ؟ فلم يجبه أحد وبقيت أخته تلعب بالألعاب التي جلبها لها أخوها الشهيد بمناسبة عيد ميلادها الثالث، إنها لا تعي ما يدور حولها وذهل الجميع، وفجأة اعشوشب المكان و فاحت رائحة المسك والريحان وأدركت الأم أن ابنها شهيد وقد انضم إلى قافلة الشهداء، لكنها أرادت أن يحمل على الأكتاف ويلف بعلم الوطن كبقية الشهداء و أن تزفه في عرس، وبعد صمت مطبق خرجت الأم وصرخت بأعلى صوتها: ابني شهيد. إنه في جنان الخلد فلنحتفل معاً، وأطلقت زغرودة تردد صداها في الأفق، وفي عينيها حزن دفين و أهات و آهات وقالت: فجعت مرتين مرة لأني لم أحظَ على جثته ومرة على فراقه دون استئذان، هذا الفراق الذي لا يضاهيه فراق، وما يخفف عني أنه شهيد وهذا حلم كبر معه وتمناه فاستجاب له رب العالمين، فلا تحزنوا و أنا أواسيكم فيه وأعزيكم ، و لا تواسوني بل ضمدوا جرحكم، فجرحي أكبر من كل الجروح و لا يضمده إلا الله و أنا لست حزينة بل قدموا لي التهاني فلا أستحق التهنئة باستشهاده؟ وبارك الله بهذا الفخر العظيم الذي شرفني به لأن اسمي اليوم (أم البطل) |
|