|
لوفيغارو وعلى الجانب الآخر منه انتصبت دول صاعدة توصلت لفرض مضاربات غير شرعية مع تلك الدول الموازية لها، الدول الأوروبية، عبر لجوئها لممارسة سياسة الأجر الأساسي دونما مراعاة أو تقيد بقواعد وقوانين التجارة العالمية.. كنا توصلنا إلى حد الاعتقاد أن كل المصائب التي تلمّ بفرنسا إنما قادمة من خارج أسوارها وحدودها، وأضحت أوروبا مسرحاً لاعتداءات يحسن بنا الاحتماء من سهامها الطائشة.. وبناء على ذلك يسعى بعض المعنيين إلى ضرورة إعادة تصحيح علاقات الأصول والقوى إلى درجة أن من بينهم من ذهب لمدح وتعظيم فكرة القضاء على العولمة وتفكيكها بداية... وبما يخص الصين تحديداً، لابد من القول إننا نعيش في ظل وهم كبير يدفع بنا دون هوادة للتأرجح بخفة مابين الغبطة التي وفرتها لنا أسواقها باعتبارها الملاذ الأخير والوحيد بالنسبة لنا ومابين شكل من أشكال التشيطن أو المؤامرة الخطرة والتي من شأنها جعل هذه البلاد كبش محرقة لجميع وساوسنا وقلقنا، وعلى خلفية هذا الأمر كان التأرجح وصل إلى ذروته حين حظيت بكين باهتمام كبير إثر مشاركتها في صندوق النقد الأوروبي للاستقرار المالي، ما أثار تمرداً ساخطاً في بعض دول أوروبا في وقت لم يجد القادة الصينيون متسعاً من الوقت للعكوف على هذه المسألة. ومن البداهة أن تجد الصين في حماية أسواقها ضرورة قصوى مع مايتطلب ذلك من توفير علاج مشترك في ظل تعاونها الوثيق مع شركائها التجاريين، علماً أن رسم خطوات باتجاه تطبيق هذه المبادىء لأمر شاق جداً الآن وأكثر من أي وقت مضى في ظل اقتصاد شمولي.. ومع ذلك تتطلب هذه الرؤية حذف بعض الملاحظات أو الاعتبارات بدءاً من الدور الفرنسي في الأسواق المالية، وللتذكير تبدو محاولات الصين الهجومية أيضاً على الأسواق الخارجية أقل أهمية من لجوئها إلى حماية أسواقها.. وهذا الأمر يبدو صحيحاً خصوصاً وأن الصين تشهد حالياً تغييراً جذرياً في عوامل النمو المتكاثرة لدى الدول الصاعدة كما ويصيب تبادلاتها التجارية تقلصاً أكثر من أي وقت مضى، وبالتأكيد لن تكون أي دولة في هذا العالم المترامي الأطراف بمنأى من هذه الظاهرة المؤثرة ولتصبح الصين على هذا النحو المستثمر الأجنبي الأول في البرازيل، ويتوفر لها في هذه الآونة خمسة زبائن منهم ثلاثة في غاية التباين والتمايز وينتمون للقارة الآسيوية وهم: السعودية والتشيلي واستراليا.. زد على ذلك أنه في حال استمرار العالم الجديد في الاتساع والتمرد باتجاه ممثلين جدد لابد في الوقت نفسه من أن يصاب في الجهة المقابلة بالتضيق بسبب توقع شبه مؤكد لصعود قوى تحالف جديدة تستند إلى اتفاقيات التبادل التجاري وتكاثرها وإلى التعاون الوثيق خصوصاً والقائم بين دول مجموعة بريكس وإيبال. وبموازاة ذلك فإن مركز الثقل للإبداع والتجديد سوف يزحف وبقوة نحو منطقة آسيا والمحيط الهادي: ففي العام 2010 كانت أدرجت دول بين الدول الخمس ممن أكثرت في تقديم شهادات دولية لها مثل اليابان والصين وكوريا الجنوبية، أما وقد قلنا ذلك ينبغي بنا الاعتراف أنه في حال سعت الدول الصاعدة إلى تطوير قدرات مهمة في مجال التصدير، لايعني ذلك بأي حال أن هذه الدول أكثر انفتاحاً إذ ثمة عوائق وعراقيل تنظيمية كثيرة تحد بشكل كبير من الوصول إلى أسواقها. وإذا افترضنا جدلاً أن هذا الأمر قد تحقق فالأمر يحتم علينا والحال هذه التكيف مع هذه الأسواق ومبادئها، وضرورة السعي لاكتشاف مناجم المعادن المتكاثرة فيها بحيل وطرق مبتكرة ومبدعة، ومن خلال اتباع هذا النهج فقد تم اكتشاف سلسلة أفران كورية تنشط وتزدهر اليوم في كل من الصين وفيتنام..أجل عامل التكيف والتوافق مع الدول الصاعدة يقتضي تشكيل نهج ومفاهيم لجذب المستهلكين المحليين. علماً أننا نجد رغم ذلك أن الشعارات والمفاهيم التجارية أقل ارتباطاً وتمسكاً بالقوميات أو الجنسيات وبالدول المانحة كذلك.. حيال عالم جديد حري بنا أن نحث الاخرين ونلهمهم دون أن نتردد أيضاً في الاستلهام من هذا العالم الاخذ في الاتساع أكثر وأكثر.. الأمر الذي سوف يدفع بنا دون شك إلى الاعتماد على آليات جديدة للتواصل مع العالم إياه دون أن نتجاهل بالطبع تأثير تفجر الأصوات الأنيقة والشبكات الاجتماعية لتقليص المسافات وفتح أسواق جديدة طالما أننا على علاقة وصلة مع المستخدمين الغربيين الذين يعيشون الحداثة واللحظة الحاضرة كليهما.. إنه لأمر جوهري وأساسي أن تلجأ الحكومة الفرنسية ممثلة بمشاريعها ومؤسساتها لاستخدام هذه الأدوات الجديدة دونما تحفظ وبشكل تام مع سعيها لتقييم آثارها المضخمة تمهيداً لتمرير رسائل مهمة وذات مغزى وخلق شبكات مؤثرة مع ممارسة عامل التأثير على الجمهور الحاضر وتوجيه الشعوب لرسم المستقبل الأفضل لها.... بقلم: المحامي الدولي: فيليب لي |
|