تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


معرض هاييتي للكتاب محاولة فرنسية للعودة عبر استحضار الماضي

عن مجلة اكسبريس
فضاءات ثقافية
الأحد 19-2-2012
ترجمة: دلال ابراهيم

ما زال يوم 12 كانون الثاني عام 2010 يدوي في ذاكرة ميشيل لوبري وزملائه ليونيل ترويو وداني لافيريير, ففي ذلك اليوم كانوا يستعدون لإطلاق الدورة الثانية من مهرجان (المسافرون المعجبون ببورت أوف برنس)

وسرعان ما تحولوا إلى شهود على الزلزال الفظيع الذي ضرب الجزيرة, فقرروا العودة حينها, لكنهم لم يتخلوا عن رهانهم وتحدّيهم لافتتاح المهرجان الدولي الثالث للكتاب في بورت أوف برنس. فقد اجتمع في العاصمة الهاييتية من الأول حتى الرابع من الشهر المنصرم حوالي 60 كاتباً من الناطقين باللغة الفرنسية يخطبون بالشعر والأزمة والعواطف الإنسانية أمام جمهور متحمس.‏

وفي رده على سؤال حول الفائدة من افتتاح معرض كتاب في بلاد لا تعرف إلا البؤس يقول ميشيل لو بري: «إن كانوا فقراء, فهم في حاجة إلى الروح). وقد أعرب العديد من الأدباء خلال لقاءات جمعتهم فيها الصدف عن حيوية غير عادية يتميز بها الأدب الهاييتي. ومايثير الدهشة في هاييتي هو أنه حتى الأميون فيها فخورون بشعرائهم. وعقب كل كارثة تضرب البلاد ينهض الشعب وهو في حالة نفسية من السهل استغلالها في الخيال, حيث يكون من الأسهل العيش في بلاد الأحلام من العيش في البلد الواقعي.‏

وأول هؤلاء المسافرين يأتي ريجيس دوبريه, هذا الكاتب والمفكر والأكاديمي, ضمن لجنة جائزة غونكور وكان ضمن فريق مضحك زار الجزيرة عام 1970. في عام 2004 وقّع عن وزير خارجية فرنسا حينها دومينيك دو فيليبان تقريراً بعنوان (هاييتي وفرنسا) ويرمي حسب قوله, في لقاء له في المدرسة الثانوية الفرنسية التي تضررت للغاية من الزلزال, إلى هز العلاقات الجديدة بين البلدين. تحدث في ردهة المدرسة أمام مراهقين مذهولين عن الدين المعنوي لفرنسا, ولاسيما دينها الأدبي العائد لأدبائها من أمثال هوغو وبودلير عشيق جين دوفال وأندريه بريتون ومالرو, متوجهاً بالقول لهم: « أنتم العرق الأسود, لديكم اللون, وجئنا إليكم كطلاب لا كمعلمين». بينما شريكه في الرحلة دومينيك باترافيل فقد تحدث عن مسيرته الفوضوية وانفصام شخصيته وعن المهن السبع التي يتوجب على المواطن الهاييتي إتقانها من أجل البقاء ومنها: الشعر, الرواية, التمثيل, الصحافة والنشر.‏

المسافر المعجب الثاني كان الكاتب الكونغولي آلان مابانكو, مؤلف كتاب (نحيب الرجل الأسود) الذي يعيش ما بين لوس أنجلوس وباريس. زار هاييتي ثلاث مرات. وقد أثار إعجاب الحضور, الذي لم يقرأ الكثير له, من خلال صيغة حديثه الشيّق التي استعارها من النوادر والطرف الأفريقية مثل «ليس الكاتب, ربما, أكثر من موسيقي فاشل» أو من حكم استخلصها: «كنا نرتعب أنا وأقراني من فكرة أن الكلمة الجميلة لليعسوب يمكن أن تشير إلى حشرة تنقل أشياء مقرفة».‏

المسافر الثالث الذي تحدث عن إعجابه بالجزيرة كان الكاتب لافيريير الحائز على جائزة ميديسيس وهي من الجوائز الأدبية الفرنسية الرفيعة عن روايته (لغز العودة), حيث قرأ أمام جمهور استقبله في كنيسة سان لويس دو غونزاك مقتطفات من روايته لغز العودة. وتحدث عن أبيه المهاجر في ميامي, وعن رواياته الأولى, وعن بداياته الأولى كمقدم للنشرة الجوية في تلفزيون كويبك الكندي. وعندما أكد على رغبته في الكتابة بعد ربع ساعة من حدوث الزلزال, سأله الحضور سؤالاً يحرج الذين يدعون أصدقاءكم في القارة العجوز (وهل كان لديكم شهية لذلك!)‏

وآخر أولئك المسافرين كانت الروائية الفرنسية من أصل هاييتي يانيك لاهنز, صاحبة رواية (لون الشفق) وكانت كل صباح تلتقي بشباب مدينة الشمس وشباب الأحياء الفقيرة ضمن هذا المجتمع الذي لا يتمتع بالمساواة, تعلمهم فن التوثيق, كما فعلت في مخيمات ارتجالية غداة الزلزال المرعب. هذا الزلزال الذي دعاها لكتابة نص رائع, رأت فيه أنه (مثلما حدث عام 1986 وفي عام 2004 حيث كان ثمة ارتعاد ومحاولة للابتعاد عن الشعوبية, ولكن في الواقع لم نعمل سوى على الانتقال من مرحلة الخمول إلى مرحلة التحريض).‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية