|
الثلاثاء 31-7-2012 الرسم كان متواضعاً من الناحية الفنية لكنه كان كبيراً في مضمونه لأنه يحكي وجعاً عربياً يؤلم المتبصر والمتفكر ، خاصة أنه ينتمي إلى مرحلة ما قبل الاجتياح الكبير للفضائيات الأميركية السينمائية، وملحقاتها العربية، التي تغرق المشاهد بكم كبير من الأفلام التي تكرس في ذهنه تفوق الغربي والأميركي خاصة،ومعه الإسرائيلي بطبيعة الحال، وتنمي لديه شعور الدونية والإدانة ليتحول ذلك كله إلى موقف معاد للذات منتصر للعدو..والذات هنا لا تقتصر على الفرد وإنما تشمل الوطن والأمة وحقوقهما ومستقبلهما.. أما لماذا الحديث عن مرحلة ما قبل الاجتياح الفضائي السينمائي فلأنه في ذلك الوقت كان ما يعرض في دور السينما يخضع لرقابة رسمية تمنع أي إساءة للعرب بأي شكل جاءت، حتى إن مشهداً للكوميدي الفرنسي (لويس دو فونيس) حذفته الرقابة السورية لأنه يسخر بشكل ضمني من عرب الصحراء.لكن الرقابة السينمائية والتي كانت تتقيد بلوائح مكتب مقاطعة إسرائيل (إذا كنتم تذكرونه) تعرضت مرراً لانتقادات كتبة وأشباه مثقفين اعتبروها تقييداً للحرية فماذا يقول هؤلاء اليوم عن ذلك النوع من الحرية التي تجعل المرء عدواً لنفسه ووطنه، وتابعاً محتقراً لأعدائه؟.. تحدث الإعلامي والأديب الراحل عبد الغني العطري في مقالة نشرها في صحيفة (تشرين) قبل عشر سنوات عن كتاب صدر في الولايات المتحدة بعنوان (عرب سيئون جداً) واقتطف من لقاء مع مؤلفه جاك شاهين قوله:«لا يوجد في العالم كله شعب أو أقلية شوهت سمعتها، أو أسيء إليها، كما شوهت سمعة العرب» ويورد شاهين في كتابه (وقد أمل العطري منذ عشر سنوات أن يترجم إلى العربية) إحصائيات عن الأفلام الأميركية المعادية للعرب التي صورت في العقدين الماضيين (الثمانينيات والتسعينيات) فيحصي أكثر من تسعمئة فيلم تصور العرب في أبشع صورة كقتلة وإرهابيين ومضطهدين لمسيحيي بلادهم ومغتصبين للنساء الغربيات،وتتوج جميعها بأفلام يقتل فيها الأميركيون والإسرائيليون العرب الأشرار..ويسأل العطري:«إن هذا كله يجري بتشجيع الإدارة الأميركية (العادلة والمنصفة جداً) التي غضبت وثارت لأن مسلسلاً تلفزيونياً مصرياً تضمن لقطات أو إشارات تمس شعور إسرائيل (المرهف)..فلماذا لا نثأر لكرامتنا الجريحة وسمعتنا الذبيحة؟..» في نهاية مقالته (قبل عشر سنوات) يدعو العطري العرب إلى تحرك سريع.. وبعد عشر سنوات قد يصح قول الشاعر: قد أسمعت لو ناديت حياً.. |
|