تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


النفاق الفرنسي بنسخته اليسارية..!!

الافتتاحية
الثلاثاء 31-7-2012
بقلم رئيس التحرير: علي قاسم

يقف النفاق الفرنسي بنسخته اليسارية مختالاً بين سائر النفاق الغربي، ويستعرض بنود هذا النفاق بتبجح، حين يفصح عن أوراقه،

فينقل ملفات السياسة الفرنسية من كتف إلى كتف دون تغيير في اتجاه التصويب، وما عجز اليمين الفرنسي عن إشهاره، يتكفل اليسار باستحضاره، وما فشل الأول في تحقيقه يتنطح الثاني متبرعاً بالتفرغ لإنجازه.‏

ما يلفت أن هذا التداول في «امتهان» النفاق، يطرح أكثر الأسئلة إشكالية، حين لا يكتفي اليسار بتقمص اليمين في أدواره، ولا تقتصر مساعيه في المزايدة عليه في التطرف واتخاذ المواقف بناء على تعهدات مسبقة، بل في أن يظل النفاق الخط الذي تتقاطع فيه السياسة الفرنسية - يمينها ويسارها - وقد اتخذت إجراءات طلاقها الكلي مع الاستقلالية التي لوّحت بها الديغولية قبل خمسة عقود ونيّف.‏

منذ ذلك التاريخ ودول المنطقة تنتظر عودة هذه الاستقلالية، وكلما اقتربت أو كادت كانت تمني النفس بقدوم الوريث الجديد لهذه الاستقلالية لكنها سرعان ما تتلاشى عند أول اختبار في السياسة الفرنسية التي لم تكتفِ برمي عصا الطاعة للطاغوت الأميركي، بل تسارع إلى تقديم الولاء قبلها للإسرائيلي.‏

وزير الخارجية الفرنسي الذي يسير على خطا أسلافه في تزعّم حملة الاستهداف ضد سورية، يضيف إليها اليوم نفاقاً جديداً لم يكن من سبقه قد تورط في المجاهرة به، حين حاول أن يدفع تهمة دعم المسلحين عن عاتقه وعاتق البريطانيين ليحصرها في قطر والسعودية وضمناً تركيا، حيث كان بقصد أو دون قصد يؤكد التهمة، والدفع بها باتجاه تلك الأطراف لا يلغي من الحسابات الدور الفرنسي ولا البريطاني الذي وصل حدّ تورط مباشر في دعم المسلحين.‏

وإذا كان وزير الخارجية الفرنسي يتوهّم بأن نفي التهمة قد تسقط تلك الأدلة، فإن ما ينطوي عليه من اعتراف بدور تلك الأطراف في تسليح الإرهابيين وبمعرفة مباشرة من قبل الفرنسيين حتى في أدق التفاصيل، لا يشكل اتهاماً فحسب، بل هو إدانة كاملة للدور الفرنسي، لأن التحريض والتجييش والدعوات، التي لم تتوقف، لا تقل في تأثيرها ودورها عن دور الإرهابيين أو داعميهم، خصوصاً حين تقترن بهذا النوع من الدبلوماسية الساقطة سياسياً والمدانة أخلاقياً، والتي تشكل انتهاكاً لأبسط قواعد الأعراف الدبلوماسية.‏

إذا كانت حماسة الفرنسي محاولة أو بحثاً عن إملاء فراغ سياسي يحاكي أطماعه الاستعمارية على وقع الانشغال الأميركي في بازار الانتخابات.. فإنه لن يكون بديلاً ولا يرتقي إلى مستوى الوكيل التابع في تنفيذ السياسة الأميركية التي أرسلت وزير حربها لاستطلاع أوضاع المنطقة ولديها ما يكفي من وكلاء في المنطقة لإسناد الدور الذي تريده لهم.‏

اليوم يتجه النفاق وممتهنوه إلى مأزقه الفاضح بعد الادلة والقرائن التي وضعتها رسالة الخارجية السورية في عهدة مجلس الأمن حرصاً على دوره الأخلاقي وانسجاماً مع ميثاق الأمم المتحدة وما تضمنته عن دور قطر والسعودية وتركيا في دعم الإرهابيين.. بمعرفة موثقة من شركائهم الغربيين، وتحديداً فرنسا وبريطانيا، وبمشاركتهم أيضاً!! فهل نرى حماسة الفرنسي ذاتها.. أم إنها ستنطفئ عند هذه العتبة ؟!‏

بكل الأحوال ما فات الوزير الفرنسي وسادة الأليزيه بيسارييه أن التجارب البائدة لا يمكن استنساخها.. وما عجز عنه أسلافه سيكون هو فاشلاً فيه بامتياز.. وإذا كان علوّ صوته ناتجاً عن ترداد صدى الاستغاثة من قبل الإرهابيين والأطراف العربية والإقليمية الداعمة لهم.. فإن هذا الصوت واعتباراً من تاريخه سنراه مبحوحاً وقد تنقطع حباله الصوتية.. ويطبق عليه الصمت كماهي العادة حين يتعلق الأمر بمبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.. مثله مثل أصوات شركائه بالتآمر في المنطقة ومعهم إرهابيوهم.‏

a.ka667@yahoo.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية