|
شؤون سياسية وفي هذه الحالة كيف سيتم التعاطي مع هذه الحالة, وما هي الطرق لإنقاذ منطقة اليورو , وبالتالي هذا الاحتمال يجعل انخفاض سعر صرف اليورو أمراً واقعاً , التوقعات تشير إلى حالة من التخبط في هذا الإطار والتكهنات بالمساعدات لحل هذه الأزمة المتصاعدة تأخذ خيارات على ضوء مساعدات قد تأتي من خارج الاتحاد الأوروبي , ولكن كل ذلك يجعل المتابعين للشأن الاقتصادي والمالي يتحدثون عن أزمات الديون الأوروبية وانعكاس ذلك سلباً على الرساميل العربية والعالمية على حد سواء . واقع اليونان يفرض معطيات كثيرة على أوروبا من خلال حالة البلبلة والاضطراب التي أضحت واضحة على مستوى الساسة الأوروبيين , وهذا الأمر بدأ يهدد بتفكيك القارة العجوز والتي أمضت زمنا طويلاً في رص صفوفها وصولاً إلى ماهي عليه . الأمر الآخر هو حالة الذعر التي تعيشها أوروبا من خطر انهيار وإفلاس ايطاليا والتي تعتبر كما قلنا سابقا أكبر ثالث اقتصاد في أوروبا , وبالتالي لابد من القول أنه بالمقارنة مع ديون اليونان تنطوي مديونية الاقتصاد الايطالي على مخاطر أكبر بكثير , وبالتالي فإن عواقب إفلاس ايطاليا المحتمل يمكن أن تشكل ضربة قاصمة لمنطقة اليورو بكاملها , لأن خطر تلقي الضربة بعد ذلك لفرنسا يصبح حالة لابد منها , والتكهنات تشير إلى أن الاقتصاد الألماني هو الأكثر تماسكاً فيما يجري , ويبدو وبنظر بعض المحللين أن ألمانيا ستضطر لوحدها تولي إنقاذ باقي البلدان الأوروبية المكبلة والمثقلة بالديون , ويوجد رأي آخر أنه يمكن للخلاص أن يأتي عبر الإصدارات النقدية الكبيرة , وهذا بحد ذاته يجعل الرساميل تهاجر من أوروبا وبشكل متسارع . كل ماتحدثنا عنه يجعلنا نرصد مابعد شطب قسم من الديون اليونانية , إضافة إلى تبعات ضخ البنك المركزي الأوروبي المليارات وربما التريليون لتعزيز العملة الأوروبية ,وهذا يجعلنا نتابع حديثنا الذي بدأناه عن معدلات التضخم وتأثيرها المباشر وغير المباشر على أوروبا عموما , وكل ذلك يعطي مؤشرات حول إلى أي جهة سيتم نزوح إن صح التعبير الرساميل والاستثمارات الخاصة الكبيرة في حال هروبها من منطقة اليورو وما تبعات ذلك إن تحقق وانعكاسه على أسعار الخامات وفي مقدمتها البترول ! ؟ . يبدو أن الإجراءات الأوروبية تأتي بحلول إسعافية للابتعاد عن أزمة الديون عبر المضي باستصدار كميات كبيرة من الأوراق النقدية الإضافية , ويبدو أنه سيتم حتى أواخر آذار من العام الحالي حقن أكثر من تريليون يورو في النظام المالي الأوروبي , ولا بد من القول أن هذه الحلول السريعة تشكل ظاهرة غير مسبوقة , إلا أن عواقب ذلك قد تكون كارثية بالنسبة لمنطقة اليورو في نظر بعض المحللين . لقد بات الوضع الاقتصادي في أوروبا رهينة بيد السياسيين الذين يحاولون درء انهيار منطقة اليورو انطلاقاً من مصلحتهم السياسية , ومن متطلبات بقائهم في الساحة , وفي مثل هذه الظروف يواجه المركزي الأوروبي خيارين أحلاهما مر ,فإما أن يواصل إصدار مئات المليارات الجديدة من اليورو أو يترك الدول الأوروبية وجهاً لوجه أمام سلسلة من حالات الإفلاس , وإذا كان المستثمر في السابق يقدم بجرأة على شراء سندات الديون الائتمانية الأوروبية لقناعته بوجود ضمانة من احتمال إفلاس الدولة , فإن شطب ديون اليونان من دون تعويضات تأمينية جعل سوق الديون في أوروبا بالنسبة للمستثمرين الخاصين أشبه بحقل الألغام , وبذلك حصلت سابقة خطيرة مفادها أن الاستثمارات الكبيرة في سندات الدولة في أوروبا يمكن أن تواجه مجازفات لاتعود إلا بالخسائر , ولذا يبدو أن الأمر الطبيعي توقع هروب الرساميل من أوروبا لجهة أسواق الخامات وبالدرجة الأولى لجهة سوق النفط , ولابد من القول أن هذه الحلول الإسعافية التي يتم التعامل بها من قبل أوروبا لايمكن أن تحل المشكلة بل على العكس قد تساهم في انهيار منطقة اليورو , والأزمات التي تحاول أوروبا تصديرها للعالم عبر أشكال مختلفة لن تعطي نتيجة إيجابية بالنسبة لها . |
|