|
آراء إلا أن الحقائق تشير إلى أن مصير هذه الأمة هو مصير واحد مهما بالغنا في التنبؤات والتحليل ومهما وضعنا من توقعات. إن المبررات التي تجعلنا نتحدث بقوة عن ضرورة وجود إعلام عربي ذي استراتيجية موحدة ، تنبع من كون أن مكونات ومقومات وحدة المصير هي واحدة في كل الأقطار، فاللغة والجغرافيا والدم والتاريخ ، هي التي تؤسس حتماً لمصير مشترك واحد ، فالخطر لن يطول جزءاً ويترك آخر وبالتالي فإن استراتيجية الإعلام العربي يجب إن توضع بالأساس لخدمة أهداف تأخذ في اعتبارها المصير المشترك الواحد للأمة ، إذ لا يخفى على أحد أن مصير هذه الأمة قد صار مستهدفاً ، وبصورة أكثر وضوحاً من قبل ،من هنا تبرز ضرورة الحد من تراجع دور الاعلام العربي وغياب الرؤيا الاستراتيجية لمؤسساته المختلفة. واستوقفتني قبل مدة دراسة للباحث المصري ياسين خلص من خلالها إلى عدم إمكانية صياغة استراتيجية عربية لتفعيل دور الاعلام في بناء واقع عربي جديد بغير تأمل للتغيرات الكبرى التي حدثت في بنية المجتمع العالمي من ناحية ودراسة الوضع الراهن للمجتمع العربية من ناحية ثانية. ويقترح الباحث ياسين رؤية استراتيجية عربية نستخلص بعض عناصرها: أولاً ضرورة رسم خرائط معرفية للاتجاهات الايديولوجية في الوطن العربي إذ لا يمكن وضع استراتيجية اعلامية عربية لتفعيل دور الاعلام في بناء واقع عربي جديد من دون رسم خرائط معرفية دقيقة تحيط بكل ألوان الطيف من الاتجاهات الايديولوجية الفاعلة في الوطن العربي وهذه الخرائط المعرفية لابد لها أن تقيم الوزن النسبي لكل تيار واتجاه. وأهمية هذه الخرائط المعرفية أنها ستساعدنا على معرفة الواقع العربي الذي نريد تغييره وكذلك على تحديد ملامح التغيير واتجاهاته ومن ناحية أخرى من شأن هذه الخرائط المعرفية أن تقضي على التعميمات الجارفة عن العرب والمسلمين التي تصوغها الدوائر الغربية السياسية والثقافية والإعلامية. ثانياً: تبني موقف رشيد من ثلاثية الماضي والحاضر والمستقبل فلو راجعنا الخطاب الاعلامي العربي طوال الخمسين عاماً الماضية لوجدناه مشغولاً بثلاثية الماضي والحاضر والمستقبل مع وجود اختلافات عميقة بين أصحاب هذا الخطاب حسب الايديولوجيات التي يعبرون عنها يمكن للإعلام العربي أن يلعب دوراً مهماً في الدعوة إلى الدراسة العلمية للتراث الماضي بأنماطه المتنوعة من خلال التأكيد على ضرورة ممارسة التأويل بمناهجه المتعددة ومن ناحية أخرى فلابد من اصطناع منهج علمي ونقدي في دراسة الحاضر العربي وهذا المنهج لابد أن يكون تكاملياً لا يفصل بين السياسة والاجتماع والثقافة ليس ذلك فقط بل لابد أن يكون منهجاً نقدياً يركز على السلبيات ويسمي الظواهر بأسمائها. وتبقى ضرورة استشراف المستقبل العربي في ضوء قراءة دقيقة لتغيرات بنية المجتمع العالمي. وفي هذا المجال لابد من ترشيد الخطاب الثقافي العربي إزاء ظاهرة العولمة والتي هي أبرز الظواهر ونحن في بداية العقد الثاني من الألفية الثالثة. وهذا الترشيد يقتضي عدم تبني المواقف المتطرفة من العولمة ونعني القبول المطلق بغير تحفظات أو الرفض الشامل بغير تحليل، نحتاج كعرب إلى نظرة متوازنة تكفل تعظيم المكاسب وتقليل الخسائر ولابد من التركيز على الآثار المترتبة على تحول الاقتصاد العالمي إلى اقتصاد المعرفة وتحول المجتمع المعلوماتي العالمي إلى مجتمع المعرفة. ثالثاً: حصر لمشكلات التواصل الثقافي مع الغرب فلابد من حصر دقيق للمشكلات التي تعوق التواصل الثقافي الايجابي بين العرب والغرب ونستطيع في هذا المجال أن نعدد بعض المشكلات المهمة وفي مقدمتها: - مشكلة العلاقة بين الاسلام والغرب - مشكلة التطرف الفكري في العالم العربي - المشكلات الناجمة عن الارهاب - الهجرات العربية إلى أوروبا ومشكلاتها وخاصة قضية اندماج المهاجرين في المجتمعات الأوروبية - التفرقة بين المقاومة المشروعة للاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية والجولان والارهاب - العنصرية الجديدة في أوروبا رابعاً: الدعوة للإسهام العربي في مناقشة المشكلات الإنسانية العالمية فنحن نعيش في عصر عولمة المشكلات الانسانية حيث ضاقت المسافات بين المشكلات المحلية والعالمية. فتلوث البيئة مشكلة محلية وعالمية والفقر كذلك والفجوة بين الموارد والسكان وهكذا يمكن القول إن الاعلام العربي يمكن أن يلعب دوراً فاعلاً في حوار الحضارات الذي ينبغي أن يدور بين العرب والعالم وهذا الحوار لا ينبغي أن يقتصر على مناقشة مشكلات العرب مع العالم ولكن أن يثبت أننا كعرب لدينا كفاءة معرفية تسمح لنا بالإسهام في مواجهة الإشكاليات المعرفية والمشكلات الواقعية التي تواجه الإنسانية في القرن الجديد. |
|