تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


في عالم المنسيات

آراء
الخميس 7-6-2012
 حنان درويش

صديقان عزيزان تباهيا بصحبة قديمة راهنا على بقائها زمناً هذه الصحبة لم تدم فقد انشطر الامتداد الواحد إلى امتدادين وصارا إلى العداوة أقرب، دهش الجميع مما حدث واستفسروا عن السبب الحقيقي للفراق وعرفوا ماكان مخفياً وتبين أن جدار المصلحة بينهما قد تصدع وخيط المنفعة قد انقطع.

أين نحن من الوفاء؟!.‏

سؤال حط على شرفة بالي حالما سمعت الخبر راحت ذاكرتي تقلب أوراقها وتحضر إلى الوجود صوراً مشابهة وقصصاً مماثلة بطلها الأول هو الغدر والغدر بشع ومخيف ومنفر نظراً لأسلوبيته وما يترك من آثار ونتائج مؤلمة بفعل طرائق وممارسات تروم الأذى المطلق يتخذه صاحبه ذريعة لرد أذى سابق يدعي أنه وقع عليه من خلال جهة ما أو شخص ما أو وضع ما، وعندما يعتمد مثل هذا النهج تشفياً تصبح الحال أشد خطورة لأننا نعرف مسبقاً بغياب العقلانية والروية والمنطقية ليغدو الفعل أقرب ما يكون إلى الغوغائية المخربة عبر سلوكيات مريضة تستند إلى خلفية بعيدة على التأسيس التربوي السليم ما يشكل وبالاً على المناخ العام وعلى بنى الصلاح المفترض تيمناً بالمفسدين الذين مروا فوق صفحات التاريخ ليتركوا خطوطاً من سواد.‏

الغدر شئنا أم أبينا من الدونية بمكان ينحدر بفاعله إلى درك ناء عن النور ملتصق بعتمة تلوذ بها الجرذان أما صانعوا الضوء الواضحون الساطعون فيرتقي بهم الكون إلى مراتب متسلسلة في العلو تليق بأصحاب الصفوة من البشر الذين استطاعوا أن يغسلوا قلوبهم من الأدران واستطاعوا أن يوجدوا المبررات للمخطئين واستطاعوا أن يتبينوا الخير في خطوات الآخرين.‏

باحثين لهم عن أعذار تقيهم من ندم لاحق فيما لو أجحفوا بحق أو أظهروا ضغينة أو اقترفوا ردة فعل مشينة ربما ساهمت في إحداث بؤرة يصعب ردمها فيما بعد فلا تختلف أخلاقهم عندها عن أخلاق سوداوية الهدف ميكافيلية القصد.‏

حين نتحدث عن الغدر يحضر على الفور مفهوم الوفاء مثله مثل مفاهيم أخرى جميلة كالصدق والتضحية والشفافية والنخوة والانتماء إلى كل ما هو رائع ونابض بإنسانية ذات هوية بناءة مبدعة مداوية مزروعة على هيئة شجرة باسقة اسمها المحبة وعندما نقول: محبة فإننا نعني الكثير من فصول الأداء السليم المعافى لأفراد عرفوا كيف وأين يرسمون خطواتهم معنى داعماً ومؤيداً ومشجعاً لمواقف صحيحة تخص أناساًَ ربما كانوا أصدقاء وربما كانوا معارف وربما كانوا من الذين تسلموا مراكز وظيفية لها تأثيرها وتأثرها فما إن يبتعد هؤلاء عن أماكن أعمالهم بإعفاء ما حتى ترى العجب في سلوك من كان حولهم وترى (ماسحي الجوخ) على كثرتهم قد انقلبوا فوراً وراحوا يصبون نارآرائهم فوق رؤوس من نافقوهم زمناً وانحرفوا بكل قوتهم نحو أشخاص جدد حلوا مكانهم.‏

الصورة ذاتها قد تكون معكوسة لنشهد المسؤول قد تنكر لأصدقائه وأهله وذويه وأبناء جلدته حالما أغرته (الكرسي) بسحرها وأبعدته شيئاً فشيئاً عن الأرض التي أنبتته ورعته ليحلق عالياً إلى سماء وهمية ناسياً أنه في وقت لاحق لابد أن يعود إلى منطلقه الأول لأن دوام الحال من المحال.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية