|
مراسلون روت إحداهنَّ أنَّ ابنتها دخلت أحد المشافي الخاصة في ريف المحافظة البعيد لإجراء عملية قيصرية، فخرجت جثة هامدة هي ووليدها تحت ذريعة القضاء والقدر، وعندما حاولت معرفة السبب الحقيقي، تبيَّن بأنَّ عدة حالات مشابهة لابنتها لاقت نفس المصير وتحت نفس المسمَّى، فنسأل أين المحاسبة ودور مديرية الصحة؟
آخر دخل ولده ذات المشفى لإجراء عمليتين واحدة في يده والأخرى في ساقه نتيجة حادث فكانت تكاليف العمليتين خمسة وثمانين ألف ليرة سورية، ويتساءل ما هذا المشفى وماذا قدَّموا لابنه رغم أنه شارك في شراء بعض معدات العملية. آراء واعترافات!! هنا بدأ الخوف يدخل كل نفس أن تنحرف المشافي الخاصة عن الغاية التي نشأت من أجلها وانحرفت عن مسارها لتدخل في نفق الربح والخسارة ، لكن ما لمسناه من خلال استطلاع العديد من آراء المواطنين ممن لديهم تجربة مع هذه المشافي الخاصة، وخلصنا إلى عدة نقاط بأنَّ البعض يثق بخدمة المشافي الخاصة والآخر يشتكي من غلاء الأسعار والاهتمام على قدر الدفع، واقتصار الخدمة على المظاهر الخارجية والتستر على الأخطاء الطبية، واستخدام مواد قليلة الجودة وتكرار استخدامها وارتفاع أسعار الخدمة الطبية، وتفضيل الجوانب المادية على الجانب الإنساني وعدم استقبال المرضى في حال عدم توفر سلفة مالية. وجدت المشافي الخاصة رافداً للعام ولا يحل محله ويبقى القطاع العام الأفضل لأن عامة الناس لا تستطيع الدخول للمشافي الخاصة. حقائق وأرقام يوجد في طرطوس 12 مشفى خاصاً، وهناك ثلاثة مشافٍ قيد التجهيز والإنشاء (الكندي والمشرق ومشفى جامعة الأندلس) وأغلب الشكاوى تدور في فلك ارتفاع الأسعار. وعلمنا من د. فايز موسى مسؤول المشافي في مديرية صحة طرطوس أنَّه في بداية العام 2011كانت مديرية الصحة قد قررت إغلاق ثمانية مشافٍ خاصة في المحافظة نتيجة الشكاوي المتكررة والأخطاء الطبية القاتلة، لكنَّ الظروف التي تمر بها البلد حالت دون ذلك. جلنا على عدد من المشافي الخاصة في طرطوس والحصيلة كان الاهتمام لافتاً في المظهر الخارجي، والاعتناء بمداخل المشافي أهم ما في الأمر. في مشفى الحاج صالح على سبيل المثال لا الحصر، لدى المشفى تجربة استبيان يوزّع للمريض وعند مغادرته يملأ الاستبيان بما رآه من ملاحظات سلبية وإيجابية حول الخدمات المقدمة في المشفى، تجربة رائعة وقد تعود بالفائدة لعمل المشفى، وقد تكون مجدية لو تأخذ بها كافة المشافي الخاصة. في مشفى الرازي الذي يعمل بطاقة 35 سريرا ويقدم أغلب الخدمات الطبية من جراحة عامة وعصبية و عظمية و بولية وأذنية و أطفال و يأتيه المرضى من عدة محافظات وعلمنا من مديره د علي منصور بأن المشفى مجهز بأحدث الأجهزة الطبية الحديثة منها الليزر و التنظير. كما تقدّم المشافي الخاصة جميع أنواع الخدمات الطبية لكن الولادات القيصرية تتصدّر عملها، فخلال شهر تشرين الثاني من 2011 كانت بعض المشافي منها: الرازي قدّمت 36 خدمة جميعها عمليات جراحية. أمَّا الطب الحديث فقد قدّم 136 خدمة منها 79 عملية جراحية. أمَّا مشفى جورية فقد قدّم 182 خدمة منها 77 عملية جراحية. أمَّا مشفى الحكمة فقد قدَّم 54 خدمة منها 10 عمليات جراحية. وفي استطلاع آراء الناس حول عمل المشافي الخاصة والعمل على تحسينها كان هناك من طالب بزيادة المشافي الخاصة والآخر كان رأيه سلباً. أحدهم قال :لا بد من مراقبة الأسعار ووضع تسعيرة لكل خدمة والإعلان عنها مسبقاً وضرورة إيجاد جهة رقابية مستقلة عن النقابة. وقال آخر: أسوأ ما في الأمر الازدواجية في العمل بين القطاعين (العام والخاص) ما يؤثر سلبياً على عمل الطبيب ما يجعل ذلك مدخلاً لاستفادة المشافي الخاصة على حساب العام في المشافي الخاصة العمليات الجراحية وخاصة خدمات ما بعد الجراحة بكل أشكالها معدومة والمنطقي أن يكون طبيباً جرّاحاً خاصاً مقيماً دائماً في المشفى بحيث تكون هذه الخدمة على مدار 24 ساعة وهذا أخطر ما تعانيه المشافي الخاصة. وأكد آخرأن المريض يقوم من العمل الجراحي ليسأل عن الطبيب، فيقال له اتصلنا معه وحالاً يأتي، وفي حالات عدة تغادر المريض روحه ولا يصل الطبيب بينما قال آخرون إن الأسعار كاوية وخاصة طفل الأنبوب الذي تفشل تجربته مرة واثنين وثلاثة لكن السعر ثابت في كل مرة. الخطير بالأمر أن يتحول هذا العمل الإنساني إلى عمل تجاري محض، وأن بعض المشافي الخاصة لا تملك البنى التحتية التي يملكها القطاع العام، كما توجد أخطاء طبية دون حسيب أو رقيب عكس العامة، ولا يتوفر في الخاص الكادر المهني الموجود في العام، قد تلاحظ في الخاص انعدام الحس الإنساني وبروز الجانب المادي في المعاملة. ويبقى الأمل بأن تحقق المشافي الخاصة الغاية التي أقيمت لأجلها و أن تنظر جديا بالوضع المهني لكادرها الطبي و ألا تنسى حال مرضاها لأن البعض منهم يزورها نتيجة حالات خاصة واضطرارية لا لأن وضعه الاقتصادي يسمح له بذلك. |
|