|
الخميس 7-6-2012 لو كنتم تزرعون الحياة لملأتم الدنيا حباً ووداً وألفة وتآخ فأي الزرعين أجدر أن نوظف له جهودنا ونرهق أنفسنا لأجله كي نرى ثماره قبل أن يجف عرقنا؟؟... عندما تكون المواجهة مع عدو فكل شيء يرخص لأجل الأرض والعرض أما عندما تكون المواجهة لأبناء الوطن وأهل البلد وشباب من الأقران فلننظر إلى صورتين ونرى لأيهما يمكن لوجداننا أن ينتصر. الأولى: عمل تفجيري منتجه موت وخراب ودمار وأشلاء بشر وبقايا شباب وأطفال ونساء.. أيد هنا... وأقدام هناك.. ورؤوس بلا أجساد. والصورة الثانية: شباب بعمر الورد وأطفال ونساء يقفون على الأرض ويمسكون بأيدي بعضهم البعض يرسمون الوطن في مستقبله كما يتمنون.. الأطفال ترسم أحلامها والنساء تحيك المستقبل والشباب يحققون طموحاتهم في غدهم.... ويبنون للأطفال أحلامهم. أي اللوحتين يمكنها أن تمثل مشهد الحرية.. مدرسة مدمرة وأبنية سكنية كشفت عورات النائمين خلف جدرانها وقضت مضجع أطفال كانوا يحلمون بغدهم في بساتين المستقبل المشرق ومروج تملؤها الزهور. أم بقايا مقاعد.. وتوالف حقائب ممزقة.. وبقايا كتب نهشت النار الكثير منها فأفقدتها الحياة بخنقها لأنفاسها في المهد.. فلم تزرع معلومة في تلافيف دماغ طفل ولم توحي لآخر برسم لوحة لوطنه كما يحبه. من عشق الحرية لابد عشق وطنه وأحبه ومن أحب وطنه أراده معافى من كل الجراح فلنضمد معاً جراح الوطن وجراح الآباء والأمهات.. وجراح شباب خرجوا من دائرة الأصحاء إلى دائرة ذوي الاحتياجات الخاصة. لننظر إلى مقياس الزمن ونفكر.. نفكر بجدية،،كم نحتاج منه حتى تبدأ ذواكرنا وذواكر أبنائنا بتناسي صور نفرت إلى العيون رغماً عنها وقبعت في زاوية احتلتها غصباً في عقولنا وقلوبنا.. وأصواتاً اقتحمت آذاننا قسراً.. دوي.. انفجار.. أزيز رصاص وبكاء أطفال.. وعويل نساء.. وآهات حسرة تحرق القلوب حتى آخر العمر. جهد كبير نحتاجه.. وأمل أكبر من الأجل لابد نمتلكه حتى نستطيع أن نتجاوز جراحنا.. لكنها ستظل تنز لسنوات وسنوات.. وكسور القلوب من الصعب أن تنجبر فليس من جبيرة لها أن تعيدها إلى سابق عهدها لكنها قد تقارب شقي الكسر إن عاد الأمان للوطن لتصبح من الذكريات التي نتعلم منها الدرس الكبير. نحب بعضنا بعضاً.... نتعاون على النهوض ببلدنا الغالي... نكتنف أعمارنا المتلاحقة في أجيالنا ليأخذ كل نصيبه من الوطن ويعرف مكانه فيه بما يلائمه، دون النظر إلى ما عند الآخر بحقد وحسد.... التطلع لتحقيق الطموح دون أكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه. ماذا لو أعلن الجميع لحظة تنطلق فيها النفوس وتتفق فيها خبايا الذات من كل شائبة إلى فتح باب النور على مصراعيه، ليلج منع الجميع إلى الغد الذي لا يحمل من الماضي إلا العبر التي يمكنها أن تدفعنا للأمام بعدم تكرار ما يمكنه تخريب المستقبل كما تخرب الحاضر... لكن هي الحياة دواليك يوم لك ويوم عليك، واليوم كل الإعلام العالمي اشتراه الآخر ليصبح خنجراً يطعن الخواصر والصدور، ويفل معاقل الحياة السليمة فيعمل فيها ما يخرب مسنناتها... ويجرثم أطيابها... لتصبح ممرضة في بيئة حاضنة استغلت فيها بعض الشوائب التي تأججت لتصبح بؤراً. في غير ذات يوم نال الاستعمار منا، وعندما توحدت قلوبنا واشتغلت عقولنا وارتفعت سواعدنا حررنا ذواتنا وإرادتنا وأرضنا. واليوم لا بد لذات الشيء من أجل تجاوز الأزمة والقضاء على( الأرضة) التي نهشت جميل الأيام من بيننا فشوهتها.. فالعدو باتت واضحة نياته في نسف أخلاقنا، واقتلاع بذور الحب والسلام من قلوبنا، وتدمير سورية بكل مكوناتها في غير حياء من أهلها أو خالقهم، بتدمير كل القيم التي بثها الله في نفوس البشر وعززها بأنبيائه لزرع السلام والوئام فتآخوا مع الشر بكل مفرداته في أخذ العقول إلى شرود لمساحة مرصودة من قبلهم بتضليل النفوس وتشتيت الألباب وفي ذلك تحطيم لكل حضارة تعززت إنسانياً قبل أن تتعزز إنشائياً على أرض وهبها الله من ذاته عزةً وإباءً ورحمةً وكرامة. والهدف تحطيم الوعي في متاهات الضلالة ليتحول الإقدام إلى انهزام والوفاء إلى عدوانية والتمسك بالحقوق عقوق ، والتجذر في الأرض ارتهان وبيع في مزاد علني، والشاري بلا ثمن صهيون في عدوانيته لأنه الكاسب بغير خسارة. والأصل في التوجه استلاب منابر الحق في بيوت الله لتصبح منصات تحريض وحقد لا متناه... وبدل أن تكون منابر هداية أصبحت منابر ضلالة في غياهب التأويل إلى تعرجات التكفير وتغذية الفتنة في مالا يقبله شرع ولا شريعة والوصول بالذات السورية وهويتها الحضارية وفكرها التقدمي المتنور وعقيدتها الوطنية والقومية إلى مكامن معتمة في الولوج إلى مواقع الجريمة معانقة الحقد والاستلاب والاستهداف لحرية الوطن وزرعها في شمولية غير مسبوقة بين أزقته وشوارعه وحاراته التي كانت تفوح حباً ووداً يعانق رائحة الياسمين والجوري والخزامى والطرفة لتفعم برائحة الموت والتمثيل بخلق الله بما لا يقبل الله حتى في زمن نشر الدين بين صفوف الكفار... في سابقة نسفت القيم والمكارم والأخلاق والأعراف والشريعة والسنة... ومن رفع سلاحه في ذبح المواطن ينحر اليوم الوطن كله على مذبح المؤامرة في تعميمها ونقلها من ساحة إلى أخرى بغياب الوجدان والعقل والأخلاق. وذلك لتحطيم مقدرات الوطن وضرب مقومات الحياة الكريمة، وإطفاء وهج الألق السوري الذي انتشر قبل الأزمة في العالم كله. فسعوا إلى إخماد هذا الألق ليبهت. ولكنهم لن يستطيعوا إطفاء النور بأفواههم. مهما توسع وتعمق تآمرهم. همهم اليوم تدمير وإفناء سورية فلم يعد تحطيمها كاف بالنسبة لهم. فهلا تفكرنا في ذواتنا.. وحللنا الواقع الذي فرض علينا.. وتعمقنا في مواكبة تسلسل الأحداث منذ اللحظة الأولى في إثارة نار الفتنة. لو فعلنا ذلك لوضحت لنا المؤامرة جلية، وكان يستهجن الحديث فيها الكثيرون. في الدول العربية بدت عفوية وسرقت لمساحات مختلفة تماماً عما أراده البادئون بها. تغيرت فكراً ونهجاً وعفوية إلى شطط وقهر واستلاب. فنفثت فيها الأفاعي، وظهرت فيها الأثافي ومستحاثات الموروث الدفين المتخلف المرير. في الموروث كان الاغتيال بيد الغير أما اليوم فاللعنة في الاغتيال أنه بيد الابن الذي بدل أن يبر بوطنه، طعنه.. فسرى السم الزعاف في العقول وصدئت الأيدي وهي تحمل أداة القتل بلا تفكير... والهويات شتى.. محلية.. أخوية (عربية).. خارجية تدعي أنها ترفع راية الدين وهو منها براء.. خاوية الذهن في احتباس العقل حتى التلاشي، وفي أحسن الأحوال التحجر. والردة صليبية بعيداً عن الصليب الذي نزف عليه يسوع المسيح المسامح. صليبية التفكير والتنفيذ بامتداد اخطبوطي بدأه التائه الآبق بوش تحت زلة اللسان وما زالت أذرعه تخبط هنا وهناك.. في سعي لتفتيت الأمة وتهويد الذمة.. وتشتيت جغرافية وديموغرافية الوطن العربي في رسم سياسة الشرق الأوسط الجديد الذي تم التبشير به قبل سنوات وتصدت له القيادة السورية. بإعلانها أننا من سيرسم الشرق الأوسط الجديد كما نريده نحن في ساحة الوطن العربي. الأمة الواحدة التي تجمعها عشرات بل مئات السمات المشتركة.. التي يتجاوزها الكثيرون ممن يروجون أنهم حملة رسالة دينية بهبة من الله، وأنهم وكلاء الله على الأرض في تكفير الناس وإقامة الحدود على الشعب والمواطنين، في حالة غرائزية عمياء تفرق في اللاحدود سفسطائية التفكير المحدود.. ناسين أو متناسين نهي الله العلي القدير في أيات كثر عن قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق. فكيف يفسر هولاء أيات الله سبحانه وتعالى وبأي لغة يترجمونها.. إنهم في غيهم يعمهون وفي الضلالة منغمسون نسأل الله لهم الهداية والهدى. إن درجة انحراف هذه العقول والنفوس ذهبت إلى منعطفات خطرة وصلت إلى حدود السادية في نبذ الذات والآخر، من خلال الاستهتار بأمانة حملها الله للإنسان وهي الروح، هذه التي بتحديد لحظة إنهائها من قبل الآخر والانصياع لحاملها وتوقيعه على صكوك إنهاء حياة العشرات من البشر دون حق تكون قمة السادية. فنشعر في اهتزاز الأرض لأركانها الأربع والسماء وعرشها. المؤامرة الكونية التي تحيط بسورية لتهديمها انقلب فيها المجن عليهم، وسورية التي كانت دائماً نقطة ارتكاز المنطقة هي اليوم نقطة ارتكاز للعالم، العالم كله يعمل في الفلك السوري مع أو ضد. والمتغيرات الاصطلاحية في العالم تغيرت تعابيرها في غير مفصل بسبب الأزمة السورية، فسورية ما زالت قادرة على التأثير في كل من يلفظ اسمها وفي جميع المستويات بدءاً من الفردية وانتهاء بالهيئات الأممية، فمن أراد لأوصالنا أن تنقطع تقطعت قراراته وذهبت إلى غير مكان وفي غير اتجاه، ومن أراد لجيلنا الشاب أن يتدمر دمره الشباب بإرادته وتجذره في حب الوطن. والمؤامرة التي أرادت النيل منه تحطمت على صخرة إصراره وعشقه للوطن وحبه الغامر لقائده وصمام أمان حياته. إن النزعة الاستعمارية ضد سورية هزمتها نزعة أسمى.. هي حب الوطن وفداؤه. |
|