|
هــــذا لواؤنـــــا لواء الاسكندرونة في التنظيمات الإدارية العثمانية قبل 1867:
يقول العالم فيتال غينه الذي يعد حجة في جغرافية الامبراطورية العثمانية أن الطرف الشمالي من ولاية حلب هو القائم بين الدرجتين 36،37 من درجات العرض اللتين تبلغان طوروس كما أن الفرمانات السلطانية والوثائق الرسمية تسمي البلاد التي تحدها جبال طوروس شمالاً وصحراء سيناء جنوباً عربستان أو بلاد العرب. وفي العهد العثماني المبكر كانت ولاية حلب منقسمة الي سبعة سناجق تدخل فيها حلب وكلس وإعزاز وأضنة وأنطاكية واسكندرونة. لواء اسكندرونة بعد صدور قانون الولايات العثماني 1867م: كانت جبال طوروس تشكل حدود سورية العربية التاريخية في أغلب العصور واستمر هذا الأمر حتى الاحتلال العثماني للوطن العربي ولم تشكل بلاد الشام في ظل السيطرة العثمانية وحدة إدارية واحدة ولدى صدور قانون الولايات العثماني في عام 1867 ثم تبني التقسيمات القديمة أساساً للتقسيمات الإدارية الجديدة التي حددها هذا القانون. وقد أصبحت وحدة التقسيمات الإدارية هو الولاية التي تقسم بدورها الى عدة سناجق أو متصرفيات والسنجق الى عدة أقضية والقضاء الى عدة أقضية والقضاء الى عدة نواح وتتألف الناحية من مجموعة قرى وفي الفترة التي تم فيها تبني هذه التقسمات الإدارية الجديدة كانت سورية الحالية تضم ثلاث ولايات هي: أضنة وحلب وسورية (ويقصد بها ولاية دمشق الشام) وثلاث متصرفيات (أو سناجق مستقلة ترتبط مباشرة بوزارة الداخلية في العاصمة استانبول هي متصرفيات ديرالزور والقدس وولبنان المستقل وتم فيما بعد في عام 1888 تقسيم ولاية سورية إلى ولايتين هما ولاية بيروت وولاية الشام التي عرفت أيضاً باسم سورية كما تم ربط سنجق (أو متصرفية) أورفه بحلب بعد أن كان مرتبطاً بولاية ديار بكر. لواء اسكندرونة جزء من ولاية حلب وكانت ولاية حلب في هذه الفترة تتألف من أربع مناطق متمايزة : الهضبة (ويقصد بها) هضبة حلب الحالية والجبل (ويقصد بها منطقة مرعش وعنتاب الجبلية حتي قمم طوروس) وطوق الفرات ( ويقصد بها متصرفية أورفه التي يطوقها نهر الفرات) والسهل ويقصد بالسهل بلاد أنطاكية: ونهرها العاصي وموانئها الاسكندرونة والسويدية ويتبعها منطقتا نهري عفرين والأسود التي تفصلها عن سهول أضنة سلسلة جبال الأمانوس وتمتد سواحلها من مدينة الاسنكدرونة إلى ممر نهر العاصي كان لواء اسكندرونة بمدنه وموانئه جزءاً متمماً لولاية حلب وفرضة بحرية لها تمر عن طريقه كل تجارتها وتجارة ماخلفها من مدن الأناضول والعراق وإيران ولم يكن هذا اللواء يشكل وحدة إدارية مستقلة ضمن ولاية حلب بل كان يتألف من أربعة أقضية هي: اسكندرونة وأنطاكية وبيان وحارم. الحركة القومية العربية وحدود سورية الشمالية: كانت حركة القومية العربية نتاج تطور تاريخي طويل يستمد جذوره من وحدة شعوب المنطقة: وحدة أصولها وتراثها الثقافي وتطورها الاجتماعي والاقتصادي وصلاتها السياسية عجل به دخول بلاد الشام في إطار العلاقات الرأسمالية وخاصة في مرحلتها الامبريالية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر وصراعاتها للاستيلاء على العالم وما نتج عنه من تطور اقتصادي ثم اجتماعي تمثل في نمو الطبقة البورجوازية الناشئة ذات الصلح الوثيقة بالعالم الغربي. وقد قادت هذه الحركة العناصر الارستقراطية المستنيرة من أبناء العائلات المالكة للأرض أو النفود أو البورجوازية الكبيرة المالكة لرأس المال أو الفقيرة المثقفة المشبعة بظاهر الفكر البورجوازي التقدمي الأوروبي دون جوهره والحالمة بإنقاذ الأمة العربية والمستاءة من التعصب الطوراني البغيض الذي كان يحاول تتريك العرب والقضاء على تراثهم والاستمرار في اغتصاب حقوقهم. وقد وقف هؤلاء القادة مواقف متباينة من الدولة العثمانية ومن الصراعات الدولية تبعاً لظروفهم وارتباطاتهم ورغم إحساس العناصر الأكثر ديمقراطية منهم بالخوف من أطماع الغرب الامبريالي وترددهم في الارتماء في أحضانه ودعمهم للعناصر المستنيرة التركية والعثمانية التي كانت تحاول إنقاذ الدولة العثمانية وإصلاحها والوقوف خلفها في مواجهة المستعمر الغربي مما جعلهم يترددون في دعم الثورة على الأتراك عشية الحرب العالمية الأولى «إذ كان الخوف من أن تؤدي الثورة إلى إبدال حاكم أجنبي بآخر مثله يحمل الزعماء على الأعراض عنه». إلا أن عجز القيادة التركية عشية الحرب الأولى عن تفهم الأوضاع الدولية والعربية وأنانيتهم الناشئة عن تعصبهم القومي الأعمى وجهلهم وتبعيتهم للرأسمال الألماني الجشع الذي كان يحلم بالسيطرة على العالم العربي ورفضها لإعلان أية بادرة لكسب ود العرب وضمان وقوفهم على الحياد إن لم نقل مساهمتهم النشيطة في المجهود الحربي العثماني وأخيراً سياسة جمال باشا السفاح في تعليق أنبل شباب العرب على أعواد المشانق... كل هذا أدى إلى تغلب العناصر الأكثر رجعية والأكثر ارتباطاً بمصالحها الشخصية على جمعية العهد وجمعية العربية الفتاة التي كانت تقود حركة القومية، وإلى ربط مصيرها بالحركة الامبريالية حيث قادت جملة عوامل إلى قيام الهاشميين الطامعين بالتعاون مع الإنكليز في إقامة عرش لهم وبخلافة تحل محل الخلافة العثمانية بتزعم الحركة العربية ودفعها باتجاه التحالف مع بريطانيا ومع ذلك فإن العناصر الأكثر وعياً وليبرالية لم ترد أن تسلم قيادتها للمستعمرين الإنكليز دونما قيد أو شرط (فقد أعدوا خطة موحدة للعمل وبياناً بالمطالب التي يتوقف على تحقيقها تعاون الزعماء العرب مع بريطانيا العظمى ضد تركيا الاتحاديين واقتراحوا أن يحمل فيصل البيان على مكة ليطلب من أبيه أن يستوضح الحكومة البريطانية عما إذا كانت محتوياته مقبولة لديها للبدء بالعمل المشترك). وقد تم في هذا البيان تحديد حدود الدولة العربية الكبرى التي يحلمون بها (اعتراف بريطانيا العظمى باستقلال البلاد العربية الواقعة ضمن الحدود التالية: شمالاً خط مرسين، أضنة حتى درجة 37 شمالاً ومنها على امتداد خط بيره جك، أورفه، ماردين، مديات، جزيرة ابن عمر، عمادية حتى حدود فارس... إلخ.) وكانت الأقضية الأربعة التي عرفت فيما بعد باسم سنجق الإسكندرونة تقع ضمن هذه الحدود. |
|