|
معاً على الطريق التسريبات من الداخل التركي إذا ما أُضيفت للمُعلن من التفاصيل حول (المنطقة الآمنة) المزعومة، تلك التي تتحدث عن المساحة الكيلومترية طولاً وعمقاً، وتلك التي تَضع أعداداً أولية للذين يُراد توطينهم فيها، إذا ما أُضيفت أيضاً لما يَجري الحديث عنه من إقامة استثمارات ومنشآت اقتصادية وتعليمية، تَكشف ربما عن مُستوى آخر من الوهم يَتقدم باتجاه تَطوير أوهام الماضي - بدايات العدوان - يَعرف اللص استحالة تَحقيقها. لأنه يعرف استحالة تحقيق ما تَقدّم، فإن (المنطقة الآمنة) المزعومة باعتبارات اللص تُمثل الورقة المُتبقية الأهم، المَمنوحة له أميركياً، لا لإقامتها فقط لغرض احتواء فلول الإخوان، ولا لجعلها بؤرة مُتوترة في خاصرة سورية فقط، بل لمُحاولة حجز مكان للفصائل الإرهابية الإخوانية على الطاولة السياسية، ولمُحاولة انتزاع مَكانة تُتيح لهم أداء الدور المطلوب منهم في سياق ما يَتوهمه أردوغان ومُشغلوه إن لجهة صياغة دستور جديد، أم لناحية رسم مُستقبل سورية ودورها الإقليمي والدولي!. لن نَتحدث عن التقديرات السورية هنا، ذلك لأن أساس مُنطلقاتها مُختلف كلياً، وربما لا يَمتلك الطرف الآخر قُدرة استيعابها، لكننا سنُلامس التقديرات الأخرى، للطرف الآخر، التي تَعكس بوضوح حجم الخيبة، ومُستويات التواضع بالسقوف مُقارنة مع السقوف المُرتفعة التي صَعدها اللص ومعه كثيرون في منظومة العدوان. كل التّقديرات، لا تُشير فقط إلى تَواضع الأهداف التي يَشتغل عليها أردوغان حالياً، بل تُشير إلى القلق الحقيقي من أن تَنتهي إلى ما انتهَت إليه الأهداف الكُبرى لمشروع العدوان والاستهداف، ليس السقوط المُدوي، وتَسجيل الصفر كنتيجة نهائية، وإنما تَذويب وتَبخير دور أدوات أميركا بالمنطقة (إسرائيل تركيا السعودية)، بمُقابل قَضم خصومها مساحات جديدة لجهة الدور المُؤثر دولياً وليس إقليمياً فحسب!. مَصاديق ما نَذهب إليه بالتوصيف والقراءة، القبضُ عليها ليس أمراً مُعقداً، فهي مُتوفرة بين سطور تقديرات منظومة العدوان، يُمكن قراءتها والعثور عليها في التصريحات، بالسياسات المُرتبكة، في تَنازع الرغبات داخل المنظومة وبانقساماتها، وبالتناقضات التي تَفضحها دوافع الإقدام والإحجام ومَخاوفها.. مرة أخرى لم نَتحدث عن المَصاديق الأكثر قوّة التي نَمتلكها ونَعرفها نحن في سورية، ومحور المقاومة، ومع حلفائنا الدوليين!. (المنطقة الآمنة) المزعومة، ولجنة مناقشة الدستور، تُمثلان عنواناً جديداً للوهم، لا شك ستُحاول قوى العدوان المرور منهما عبوراً نحو تحقيق ما أمكن من أهداف العدوان، غير أنّ الإحباط المُسيطر عليها لا يَخفى على أحد، بل إن القوى المُحبطة ذاتها لا تُخفيه، لماذا؟ لأنها تُدرك حجم خَيباتها التي صارت جبلاً لا يُمكن هدمه حتى لو تَحقق لها الاختراق تَدخلاً بهذا العنوان - هو ما تَراه مُستحيلاً لكنها لا تَملك إلا أن تُحاول - الذي سيَسقط كما سقطت قبله كل عناوين التدخل والعدوان. الآن، نَعتقد أنّ ما يَشغل واشنطن والمُتخندقين معها في جبهة الشر والعدوان، ليس العبور من عدمه إلى تحقيق الأهداف التي لن تتحقق رغم تَواضعها نزولاً على سلالم الوهم، وإنما ما يَشغلها هو كيف تَحتوي أو تَمتص النتائج، وكيف تَمنع الطرف الآخر من مُواصلة القضم، وكيف تُوقف التراجع والانكفاء القَسري المَفروض عليها!. من لم يُصدق ما كانت تَذهب له التقديرات من أنّ صمود سورية، تَصديها مع حلفائها للعدوان والمؤامرة، لن يَنتُج عنه أقل من مُعادلات دولية جديدة تُزيح القُطبية الأحادية، له أن يَقرأ في تصريحات ترامب ونتنياهو وسواهما، وله أن يُعاين بالمُقارنة حال أميركا اليوم، وذلك الذي كانت عليه قبل تَكَسُّرِ مشروعها، ليَكتشف أن منظومة العدوان تقف نزولاً على آخر درجات سلّم أوهامها!. |
|