|
ثقافة نبع العطاء الذي لم ينضب يوما طيلة أعوامه السبع والسبعين، قضاها الراحل في أبحاث ودراسات نقدية متميزة يفاخر فيها الفن التشكيلي عامة.
حصل «علّون» على الليسانس في اللغة الإنكليزية عام 1956، ودبلوم في التربية، وعمل مدرساً للغة الإنكليزية، وفي إدارة معهد الحرية، أجرى أبحاثاً ودراسات في إنكلترا وإيطاليا في العامين 1973- 1974، قدّم خلالها أطروحة الدكتوراه بعنوان (الذرى والقيعان في تاريخ الفن العام). عمل «علّون» أستاذاً محاضراً في تاريخ الفن وعلم المصطلح الفني في جامعة «دمشق» منذ عام 1960، ومحاضراً دائماً في الجامعات العربية المجاورة، حيث بدأ التدريس في كلية الفنون الجميلة عام 1962، واستمرّ 24 عاماً، وفي عام 1998 قدّم محاضرات في الكلية الأمريكية في بيروت، وفي جامعة دمشق. أمّناه على تراثنا فأخلص العطاء ائتمناه على التراث الفني السوري فأخلص العطاء، وكان من أهم مؤلفاته (التاريخ العام للحركة الفنية في سورية) و(تاريخ النحت العربي في العصر الجاهلي) و(الأموي الكبير في دمشق وتاريخه وجمالياته)، وغيرها من الكتب النقدية والبحثية المهمة التي كان آخرها (أعلام النقد الفني في التاريخ)، وقد نوقش الكتاب في محاضرة أقيمت مؤخرا بالمركز الثقافي في السويداء أغناها الراحل بحضوره.
قدم فقيدنا الكثير من الأبحاث المتميزة التي اختص فيها بالأسلوب وفي توصيل المعلومة ودقة استخراجها من منبعها، مهما كانت المسافات الفاصلة ومهما كلفه ذلك، اعتبر نفسه في سباق مع الزمن فحمل مسؤولية كبيرة على عاتقه وكان رحمه الله غزير العطاء، ألقى العديد من المحاضرات التي تعتبر ثروة وطنية أرخ فيها السيرة الذاتية والفنية لفنانين سوريين كثر نقدا وتحليلا بعين خبيرة، راصدا أهم مفاصل الحركة التشكيلية في سورية، مصححا بغيض من فيض الأخطاء الكثيرة الواردة في هذه السير، فيما كتب عن بعض الفنانين, منهم فاتح المدرس و الفنان السوري (بيير هاري) وتوفيق طارق الذي لم يتطرق إلى مفرداته العامة والخاصة أي من المؤرخين, وهي لفتة نبيلة من ناقد أثبت حضوره كموسوعة ثقافية فنية مهمة، يعود له فضل كبير في تأريخ الحركة الفنية والنقد الفني المحلي والعالمي. أعد الراحل عددا من الأفلام الوثائقية للتلفزيون السوري تناول فيها موضوع الفنانين، ووثق سيرة القديس «يوحنا الدمشقي»، أحد المثقفين الكبار في تاريخ علم الأدب والفلسفة، وكان لا يزال هذا العمل قيد التنفيذ في التلفزيون السوري.
رحم الله الفقيد كان صادقا عاشقا للفن، عرفناه مرجعا مهما وثروة في الثقافة والتوثيق والنقد الفني التشكيلي في سورية، وهو المالك لأكبر مجموعة من اللوحات الفنية لأهم الأسماء التشكيلية على مدى تاريخ الفن السوري والعربي، و تعتبر ذات أهمية كبيرة وثروة وطنية في وقتنا الحالي، أضاف إليها الراحل مجموعة تاريخية كبيرة اشتراها من صالة الفن الحديث العالمي في دمشق. رحيل الدكتور عبد العزيز علون خسارة حقيقية للوطن وللثقافة السورية وتاريخها القادم رحم الله الفقيد وأوسعه فسيح جناته. |
|