|
مجتــمـــــع
وفي سورية كان لثورة الثامن من آذار أهميتها الخاصة في عمق وجدان الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ولاسيما أنها كانت أول الثمار الناضجة بعد استقلال الوطن من براثن الاستعمار الفرنسي، حيث قاد الثورة حزب البعث العربي الاشتراكي ماجعل ذلك فاتحة تحول ثوري حاسم انعطف بنضال العامل والفلاح والجماهير الكادحة نحو تطبيق أهدافها في بناء المجتمع العربي، والذي عزز بدوره، بنيان هذه الثورة بأنها ثورة العامل والفلاح، ثورة الأرض والطبيعة أي الأرض لمن يعمل بها ويجدد حقولها ويستصلحها ويجني ثمارها ومحاصيلها بفضل أيدي الكادحين الذين يروون ترابها بالعرق والجهد والدم لالمن يتاجر بها ويخون خيراتها، لذلك كانت الرؤية العميقة في تنفيذ مقررات وتوصيات مؤتمرات الحزب القطرية والقومية التي اعتمدت الجماهير الكادحة وفي الطليعة العمال والفلاحون حيث أصدرت قيادة الثورة وقت ذاك المرسوم ذا الرقم 127 لعام 1964 الذي تم بموجبه تأسيس الاتحاد العام للفلاحين والغاية من وراء إصداره هو تحقيق مجموعة من الأهداف التي رمى الحزب إلى إنجازها في قطاع الزراعة وحياة الفلاحين. تنظيم شعبي واحد وأهمها وفي المقدمة تنظيم الفلاحين وتوحيد صفوفهم في تنظيم شعبي واحد وفي إطار بناء الديمقراطية الشعبية، والأهم هو زج جماهير الفلاحين في معركة التنمية وخاصة في الأرياف، والبدء بتحقيق الثورة الزراعية وفق منطلقات الحزب النظرية ومقررات مؤتمراته، والتي أكدت في عدد كبير من البنود على أهمية المشاركة في إنجاز عمليات الاصلاح الزراعي، وإنهاء العلاقات والأدوات الاستغلالية المتخلفة في الريف وإقصاء أساليب الإنتاج التي تعيق تحقيق الثورة الزراعية. أما النقطة المهمة الأخرى التي سعى إليها حزب البعث هو تحقيق الديمقراطية في إدارة الإنتاج الزراعي باعتبارها جزءاً أساسياً من الديمقراطية الشعبية وهي خطوة لابد منها لممارسة الفلاحين للديمقراطية السياسية بصورة إيجابية وفاعلة، وانطلاقاً من هذه التوجهات العريضة تم تأسيس تنظيمين فلاحيين في سورية أحدهما نقابي سياسي يهدف إلى تربية الفلاح تربية قومية واشتراكية والآخر تعاوني يهتم بشؤون الإنتاج الزراعي وقضايا التعاون فيه. نشر الوعي الطبقي وبناء على ماتقدم فقد أكدت مقررات مؤتمرات الفلاحين والتعاونيين على ضرورة دمج التنظيمين وتحقيقاً لهذه الرغبة صدر القانون رقم 21 لعام 1974 الذي تم بموجبه توحيد جهد الفلاحين ودمج التنظيمين التعاوني والنقابي في تنظيم شعبي واحد بهدف نشر وتعميق الوعي الطبقي بين صفوف الفلاحين والتأكيد على دور الاتحاد العام للفلاحين في توحيد هذه الشريحة والدفاع عن مصالحها وحماية حقوقها وتحسين أحوالها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والصحية إلى جانب تطوير التعاون في قطاع الزراعة والعمل على تغطية الريف بالتعاونيات وهذا مانلحظه ونشاهده اليوم في كل قرية وبلدة وناحية على امتداد الجغرافية السورية. الفلاح صاحب قرار إن تسليط الضوء في هذه المادة على بعض الجوانب من التنظيم الفلاحي ماهو إلا دليل نقطة واضحة تعبر عن دوره في مسيرة الثورة والتي حققت إلى حد كبير وفق الأطر التنظيمية الوظيفة الاجتماعية والاقتصادية واستكمال البنية الداخلية كل ذلك كان بفضل دعم الحزب ورعاية القائد الخالد حافظ الأسد له، حيث غطى الاتحاد العام للفلاحين ريف سورية بكل مؤسساته النقابية من روابط وجمعيات وتعاونيات ومراكز إرشاد، ما عزز امتلاك الفلاحين ناصية قضيتهم وزمام العمل والمبادرة وهذا ما أكد عليه القائد الخالد حافظ الأسد خلال المؤتمر العام الرابع الاستثنائي للاتحاد عندما قال: «بأن المؤمر العام للفلاحين في سورية هوصاحب القرار في أي قانون يتعلق بالأرض، وأن كل قرار يتخذه المؤتمر العام لاتحاد الفلاحين ويتعلق بالأرض وبكل مواضيع الزراعة والإصلاح الزراعي سيصبح قانوناً نافذاً». وعلى أساس هذا التوجيه صدر القانون رقم 31 لعام 1981 القاضي بإدخال تعديلات جوهرية على سقف الملكية ولصالح الجماهير الفلاحية الواسعة، وغيرها الكثيرمن النقاط الأخرى. وهكذا فقد شكلت التنمية الشاملة السريعة والمتوازنة أحد منطلقات تشرين التصحيح وقد احتل قطاع الزراعة والري دوراً أساسياً في تلك التنمية انعكست في بناء المئات من السدود النهرية والسطحية، وشق قنوات لري واستصلاح الأراضي وتوفير مقومات الثورة الزراعية الشاملة، والتي نحصد نتائجها اليوم صموداً وقوة واكتفاءً ذاتياً. إن الحديث عما قدمته ثورة الثامن من آذار يحتاج إلى صفحات بل مجلدات لأن ثورة الانجازات والمكاسب والحقوق تكاد تتفرد فيها سورية اليوم إذا مازالت تدعم القطاع العام وتهتم بالأرض والزراعة كأولوية وإن كانت بعض خطط الحكومات المتعاقبة قد تلكأت في إنجاز ماهومطلوب منها على الشكل الأمثل ومع كل ذلك تؤكد وثائق الواقع والعيون التي ترصد وتراقب الوضع عن قرب، فالشعب يشيرهنا إلى أن ماتحقق خلال فترة قياسية من عمر الزمن السوري والتي يدعوها الفلاحون والعمال وغيرهم من باقي المنظمات الشعبية والنقابات المهنية الأخرى بكل صدق بالعصر الذهبي لهم ولسائر الكادحين، فعلى امتداد السهول والجبال والهضاب والبوادي يلمس المرء إنجازاً هنا ومكسباً هناك فمن إنارة الريف وتطويره إلى شق الطرقات الزراعية، إلى إحداث مؤسسات القطاع العام المتخصصة بتسويق وتصنيع الحاصلات والمنتجات الزراعية، إلى إقامة المشروعات الكبرى في الفرات والساحل واليرموك والخابور، إلى مشروعات التشجير المثمر والحراجي التي تغطي مساحات واسعة وكبيرة. باختصار إن يد التصحيح امتدت لتحول عشرات الآلاف من الهكتارات إلى جنات وارفة، ينعم بفيئها وثمارها كل أبناء هذا الشعب ببركة جهد الفلاحين الذين يقدمون نتاج تعبهم غذاءً وعافية لكل المواطنين كما وصفهم القائد الخالد حافظ الأسد، فهنيئاً للشعب العربي السوري إنجازات ثورة آذار ومكاسبها الوطنية الرائعة. |
|