تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


في مواجهة الإرهاب

الافتتــاحية
الخميس29-11-2012
بقلم رئيس التحرير: علي قاسم

يستهلك الإرهاب آخر ما في جعبته.. ينفذ الأجندات الموضوعة وتلك التي ما زالت قيد النقاش.. يستقصي عن الأساليب الجديدة ويغوص في القاع الآسن عمّا هو بائد ومستهلك..

الإرهاب الذي يجاهر بإفلاسه وعجزه، يبدو أكثر حقداً وأكثر توحشاً في لغة اعتادت أن تكون أجنداتها الإلغاء، ومفرداتها القتل الأعمى والحقد غير المسبوق، على الوطن والأرض .. على الإنسان والحجر .. على البناء والشجر.. على الأمكنة والزمن.. على الحياة والوجود.‏

في المواجهة المفتوحة معه ترتسم في الأفق الكثير من الخطوط المتوازية، وتقف على الضفة الموازية لها الكثير من المعطيات والقرائن والأدلة الدامغة على أن الفاصل الزمني لم يعد متاحاً وأن التريّث ليس مباحاً ولا مسموحاً، لأن ما يفصح عنه الإرهاب بعتاته من الغرب إلى أقصى زاوية في مجالسهم وائتلافاتهم ومحاضر جلساتهم، يشي بما يخططون وما ينفذون وما يعملون عليه.‏

التحديات التي يمليها هذا الوجه القبيح للإرهاب، لا تخفى على أحد بدءاً من معطيات الواقع والعصابات والتنظيمات والأفراد والتوجهات، وصولاً إلى الإرادات العلنية منها والمخفية.. الظاهر منها والباطن، مروراً بتلك المواقف التي تُحرض على الإرهاب بأشكاله ونماذجه ومستوياته!‏

والمحاكاة لا بد أن تكون بمستوى ما يجري على النسق الذي يملي حضوره ووجوده ومرتسماته من الزاوية الأولى لفكرته المستوطنة في خلايا العقل التآمري، إلى الجسد الذي ينفّذ وصايا القتل والإجرام بشظايا الحقد المتناثرة في الأمكنة التي تدفع ثمنَ انتمائها إلى هذا الوطن، إلى ثوابته ومرتكزاته، إلى القيم الإنسانية فيه.‏

لا أحد يجادل في مصدر هذا الإرهاب، ولا في اتجاهه، ولا في الغايات والأهداف.. ولكن، ثمة من يعيد رسم أوهامه وتطلعاته وأطماعه على تلك الأشلاء المتناثرة من أجساد السوريين.. يحاول أن يقدم رسائل مضرجةً بدمائنا.. وبحياتنا!‏

هذه أجسادنا وذاك دمنا.. خطوط ترتسم بالأحمر لتعانق الأرض.. هذه إرادتنا تجاوزت الاختبارات الصعبة، وستتجاوز ما هو أصعب، وتلك هي قراراتنا في المواجهة حتى نستأصل ما زرعوه، وما استنبتوه، وحتى نقطع دابر ما صدّروه، وما يحاولون اليوم أن يوطنوه في تربة ترفضه، وفي وطن سيلفظه ويلفظهم، كما لفظ من سبقهم، وكما طرد من حاول في الماضي ان يمتد بأطماعه، ويعاود استنبات تلك الأطماع بصورة أبشع.‏

ذراعهم الطويلة في الإرهاب التي تلدغ الجسد السوري في غير مكان لا بد أن تُبتر، ويدهم التي تقبض على خنجر غدرها والممسكة بساطور حقدها لا بد أن تُقطع، رغم أنها ليست لغتنا، ولا هي من مفرداتنا.. لكنهم فرضوا علينا المعركة، لم يتركوا طريقة ولا أداة ولا وسيلة ولا أسلوباً في حرب كونية استنسخت أسلحة الماضي البائد القذرة، واستحدثت أسلحة الوجه المشوه للحاضر.. من التركي الحاضن، إلى القطري والسعودي الممول، مروراً بالفرنسي الطامع والبريطاني التابع والأميركي المهيمن وانتهاءً بالإسرائيلي الآمر!!‏

في السياسة.. في الإعلام.. وفي الدبلوماسية كان إرهابهم.. في القتل والتخريب والتفجير كان إرهابهم.. في استهداف المدنيين.. الأطفال والشيوخ والشباب -لا فرق عندهم- كان إرهابهم، لأن غايتهم وهدفهم ان يُقتل السوريّ حيث يوجد.. أن يُستهدف السوريّ في حياته ووجوده.. في قيمه وسماته.‏

كما سقطت الشعارات التي يقتلون تحت مسمياتها المختلفة السوريين، تسقط اليوم الحجج والذرائع التي يقتلون السوريين تحت ظلها، لم تعد تعنيهم الفوارق في السياسة أو في الموقف، ولا الاختلاف في المكان والزمان.‏

لكن، كما توحّد السوريون وكما كانوا بإرادتهم المعادلة الصعبة، سيبقى رهانهم على سوريتهم التي لن ترهبها قوة، ولن يخيفها إرهاب، وقد حسموا خياراتهم في المواجهة وإلى النهاية التي ينتظرونها للقضاء على الإرهاب العابر لحدودهم، وذاك المستوطن داخل جدرانهم وهما وجهان لعملة واحدة لا مكان لها للتداول أو الصرف تحت أي مسمىً كان!‏

a.ka667@yahoo.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية