تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الوهابيـــة والعنصريـــة الصهيونيـــة .. وصنــــاعة الإرهــــاب

دراسات
الأربعاء 22-4-2015
منير الموسى

الصحافة الغربية بدأت تتنصل مما يسمى معارضة سورية مسلحة للتحول إلى الحديث عن جماعات تكفيرية تريد غزو سورية، وحتى الآن الصحافة الاستعمارية تضلل شعوب الغرب ولا تتحدث عن ممولي الإرهابيين ومدربيهم الغربيين والخليجيين والأتراك والصهاينة،

ولا تبحث عن البنوك الغربية التي تحول المال الإرهابي تحت أعين الاستخبارات الغربية إلى داعش وسواها، علماً أن قسماً من هذه الأموال التي تفوح منها رائحة الدماء ورائحة النفط تذهب ثمناً لشن حملات التضليل من قبل الأبواق الإعلامية الصفراء والإمبراطوريات الإعلامية المهيمن عليها صهيونياً.‏

اللُحمة بين الجيش العربي السوري والمقاومة وقوات الدفاع الوطني والأهالي شكلت في سورية العامل المهم في تحقيق انتصارات بمواجهة الإرهابيين المرتزقة، ولا تزال تمنعهم من الإمساك بزمام الأمور على الأرض، على الرغم من مصادر التمويل المتنوعة التي تأتيهم عبر تجارة النفط حول العالم ويجب بهذا ليس حساب كم برميلاً من النفط تنتج المشيخات بل كم برميل إرهاب، من أجل ضرب البنى التي لا غنى عنها لعمل الدولة بصفتها السيادية.‏

سورية تشن معركتها من أجل الكرامة والسيادة وروح العدالة واسترداد روح الأمة العربية الحقيقية القائمة على اللحمة الوطنية والقومية وقيم التسامح التي تحفظ النسيج الرائع والموزاييك المتنوع لأبناء المنطقة، الذي يراد له أن يتحطم كما حدث في أوروبا في القرن السابع عشر حيث فرض الإمبرياليون الحروب الأهلية فيها وهذا ما يراد في العالم العربي عبر فوضى العقول الناجمة عن الإرهاب، والتحريض المذهبي الذي تتمتع فيه العقلية الأنكلوسكسونية والفرنسية الاستعمارية بخبرة شيطانية.‏

بث الإرهاب في العالم العربي وتمويله وتدريبه غربياً وقصف اليمن جريمة من جرائم العنصرية لأن المحرك الأساسي الصهيو أميركي له لطالما تعامل مع الشعوب العربية بعنصرية، والعالم كله يتذكر قرار الأمم المتحدة 3379 الذي ساوى الصهيونية بالعنصرية، ومعروف أن أميركا ودول الغرب هي التي ناورت حتى إلغاء هذا القرار. والآن كما تتنافى عنصرية الصهيونية مع أهداف ومبادئ الأمم المتحدة والقانون الدولي، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والاتفاقية الدولية لتحريم إبادة الجنس البشري والعهد الدولي الخاص بالقضاء على كافة أشكال التمييز العنصري، فإن الوهابية التي تمارس ممارسات الكيان الصهيوني يجب إدانتها من خلال مساواتها بالصهيونية وإعادة إحياء القرار الآنف الذكر.‏

إذ إن المشروع الحالي لتقسيم الوطن العربي شهد مرحلة تمهيدية قوامها استبدال الوهابية بالإسلام، لتشكيل أنظمة استبدادية جاهلية، تقتل روح الشريعة عبر فيروس الوهابية الذي في مهده الخليجي يلقى رفضاً شعبياً رغم آلة القمع الجبارة التي تدعمها الاستخبارات الغربية، للحفاظ عليه في بث الفتن وتوهين الأمة العربية بحمّى الوهابية التي تتفشى فيها كل صنوف الموبقات وكل أساليب التحطيم النفسية الحديثة.‏

والربيع العربي الخدعة الكبرى من كان رعاته؟ هم من يقصفون اليمن الآن ويقتلون فيه أكثر من 3 آلاف إنسان، ويذبحون أهل البحرين ويسلمون رقاب الفلسطينيين لجلاديهم أينما كانوا سواء في الشتات أم على الأراضي العربية المحتلة، هم الذين يملؤون بطون المعارضات المصنّعة خارجياً بالنفط، ليتسولوا شرعية لهم خارج إطار الشعوب، ويساهموا في ضرب وحدة أراضي بلادهم، والاستثمار في دماء شعوب المنطقة خدمة للمطامع الاستعمارية الصهيونية.‏

عندما ينظر المتابع إلى تنظيم داعش الإرهابي كيف يهدد كل بلاد العالم من آسيا إلى أوروبا يعرف حجم الدعم الذي يتلقاه هذا التنظيم من دول غربية وعربية، لتغدو الإنسانية جمعاء على مفترق طرق، إما الاستسلام للإمبريالية الأميركية وإما التحرر منها بالقضاء على جيشها الإرهابي الوهابي، علماً أن ضربات التحالف المزعوم المزاجية والاصطفائية لمحاربة الإرهاب الداعشي إنما لذر الرماد في العيون. وحرب الولايات المتحدة على الإرهاب هي من أجل إخفاء دعمها له.‏

ومع ذلك فإن الحروب التي تشن على الأمة العربية التي تنطح آل سعود ليكونوا رأس حربتها لن تمنع المنطقة من السير بالمقاومة قدماً نحو الانتصار النهائي، والعدوان السعودي في جزء منه هو من أجل إنقاذ التكفيريين في كل المنطقة، لأن الشراكة بين التكفيريين والإرهابيين واضحة وضوح الشمس كما واضح وقوف الحلف الصهيو أميركي وراءهم، ولعل تدخل أميركا من خلال القصف في تكريت لإنقاذ الإرهابيين أفضل دليل على ذلك، ولا نذيع سراً أن أميركا غارقة في خندق الإرهاب.‏

زمن الانتصارات قادم وحلف الهيمنة بائد، وعصر الهزائم العربية سيولي بدليل خوف ذاك المحور من الانخراط في حروب مباشرة ضد الدول العربية، كما حدث في أفغانستان أو العراق أو غزة أو لبنان، فلا الاحتلال الصهيوني ولا المحافظون الجدد يستطيعون النزول إلى أرض المعركة خوفاً من الضربات التي قد تكون قاضية على ربيبتهم إسرائيل وعلى مشروعهم في المنطقة، وإرهابهم يندحر، وآكلو الكبود وقاطعو الرؤوس لم يجدوا نفعاً لهم، والأنظمة العميلة التي تتعاون معهم رمت بكل أوراقها لتثبت لهم أنها قادرة على تحقيق وظيفتها التي أنشئت من أجلها ولكن الفشل ظهر بكل أبعاده، ما يترك مجالاً لأميركا باستبدالها، واتهامها بكل جرائم الحرب التي ارتكبت لمصلحتها، لأن العدوان على اليمن يتجه إلى الاندحار والمجوعات التكفيرية إلى انتحار.‏

والقمة القادمة للرئيس أوباما وحكام المشيخات، سيكون عنوانها الفشل في تحقيق الأهداف الاستراتيجية على الامة العربية والبحث عن تكتيكات جديدة ينفذها أولئك الوهابيون وهم يحتضرون ويعانون سكرات الموت السياسي، وبالأمس حملهم أوباما مسؤولية انتشار الإرهاب مثلما فعل نائبة بايدن قبل عدة أشهر، وسيكرر عليهم أن الخطر الأكبر عليهم يأتهم من الداخل حيث يقمع درع الجزيرة شعوبهم التي تتطلع إلى التخلص منهم والتحول إلى العيش الحضاري. وسيقول لهم إن وجودكم لم يعد مجدياً في ظل اتفاقات كبرى في المنطقة على رأسها الاتفاق مع إيران.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية