تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


في المعرض الجماعي..إبـــــداع لافـــــــت.. بأســــــاليب مختلفــــــــة

ثقافة
الأربعاء 22-4-2015
فاتن دعبول

لكل منهم حالته الابداعية في الدقة والاتقان والاختزال، ولكل منهم هويته واسلوبه الذي يحاكي فيه حالة الموضوع بعيدا عن لعبة الالوان، يصب الاهتمام على الشكل والمضمون.

نحوأربعين عملا فنيا قدمها التشكيليون (عناية البخاري وبسام ناصر ورامي صابور) في معرضهم المشترك بصالة الشعب في اتحاد الفنانين التشكيليين السوريين بدمشق تنوعت في المواضيع والتقنيات وعبرت عن التجارب الحديثة لصانعيها وخلقت حالة حوارية فنية راقية وجميلة..‏

وتنوعت الاعمال المعروضة في المواضيع حيث قدمت الفنانة البخاري نحوخمسة عشر عملا عن الطبيعة بتقنية الاحبار على ورق بإحساس أنثوى مرهف يأخذ المشاهد لعالم من التأمل الوجداني ويفتح نافذة للتساؤلات الانسانية مع اسقاطات التكوين والحالة الفنية على الوضع المعاش واشكاليات الوجود مع التركيز على كون الاعمال بلون واحد كان الأسود غالبا.‏

كما تميزت اعمال بسام ناصر برؤية ومعنى إنساني عبر فلسفة وفكرة لا تكون موضوعة مسبقا وإنما تتشكل أفكارا غير محددة وتأتي في سياق الترجمة للحوار المتكون بما يشبه قراءة الموسيقا أوترجمة صوت العصافير التي نستمتع بها دون أن نفهم معنى ما تقول لافتا إلى أن المعنى في لوحته مرتبط بالحس والاستشعار أكثر مما هومرتبط بالفكر والمفهوم وكل متلق يضع تصوره الخاص عن العمل في النهاية.‏

وبينت عناية بخاري أن اعمالها هي تبسيط وتعبير عن الطبيعة حسب رؤيتها بلون واحد، تقول: هذه الأعمال هي من آخر نتاجاتي الفنية وفيها اسقاطات إنسانية على ما نعيشه اليوم وتأثير الحرب الشديد علينا وعلى جميع مناحي الحياة في بلدنا، مبينة أنها دعت أصدقاءها الفنانين صابور وناصر ليشاركاها المعرض لإيمانها بحاجة البلد اليوم لابد تعمل بشكل جماعي وتتضامن وتتكافل للمصلحة العامة.‏

وأضافت إن المعارض المشتركة مفيدة للفنانين والمتابعين لإغناء الحالة الفنية وزيادة الثقافة البصرية وتنويعها من خلال الأساليب والأنماط الفنية المختلفة بين الفنانين لافتة إلى أن اتحاد التشكيليين يقوم بدوره حاليا بشكل مقبول حسب الظروف الصعبة المفروضة على الجميع ولا يمكن مطالبته بأكثر من المستطاع، وأن هناك ضرورة ماسة لأن يحتوى أي معرض تشكيلي على مضمون ذي قيمة فكرية إلى جانب المستوى الفني العالي وعندما يكون هذا المعرض جماعيا فإن هذه الشروط تكون مطلوبة أكثر ليحقق هذا الاجتماع رؤية فنية بناءة ومتكاملة وناجحة لدى الجمهور مشيرة إلى أنه من الممكن أن ينطلق المعرض الجماعي من فكرة واحدة تعالج من قبل عدة فنانين بأساليب فنية متنوعة ورؤى فكرية مختلفة تعرف الناس إليهم وإلى تجربتهم الفنية باطار فني جماعي.‏

أما الفنان التشكيلي رامي صابور فقد قدم عشرة أعمال بأسلوب تجريدي من الحجم المتوسط تميزت بالتناغم اللوني والتكوينات المدروسة وجاءت أغلب الألوان إما شاحبة حزينة تعبر عن حالات عميقة من التخبط الإنسان والأسى والشحوب أوحارة دموية تحمل الكثير من حمم الغضب والعنفوان بخلطات لونية فيها من التناقض ما يدعوللتأمل والوقوف عندها لتحليل رمزياتها وفك مفرداتها التي أرادها الفنان.‏

وقد عبر الدكتور احسان العر رئيس اتحاد التشكيليين السوريين عن مشاركة الفنانين بالقول: إن أي فنان يعمل حاليا في هذه الظروف الصعبة يستحق التحية والتقدير هذا المعرض يضم اليوم ثلاث تجارب فنية من مدراس متنوعة ما أعطاه حالة من الغنى الفني والبصري والفكري وهذا ضروري لاستقطاب الناس وتقديم ما يحاكي أكبر شريحة من المتذوقين للفن التشكيلي، وأن مهمة العمل الفني الدعوة للجمال وتقديم أي شيء بقالب جمالي فني يكسبه القيمة الفنية والفكرية مبينا أن الاتحاد اليوم يقوم ضمن الامكانات المتاحة بتقديم واجبه في رعاية المعارض للفنانين الاعضاء في الاتحاد وتسويقه إعلاميا وجماهيريا.‏

كما بين بسام عاقلة مدير ثقافة دمشق أن المعرض يشكل إحدى حالات الجمال الطاغي بهذا الوقت العصيب وجميل أن نرى فنانينا ومبدعينا يقدمون اعمالا برؤية متجددة تتماهى مع الحالة الموجودة في البلد، ولكن رغم الألم والمعاناة فثمة بصمة تفاؤل موجودة في اللوحات الواقعية منها والتجريدية، ما يدل على أن الانسان السوري متجذر بحضارته وارثه الثقافي، ورغم ظروفه الصعبة هومصر على القبض على ريشته ليعكس محتوى ما في داخله على الورق ليعطي جرعة التفاؤل التي تميز بها الشعب السوري على الدوام.‏

ورغم غياب الفنانين رامي صابور وبسام ناصر عن معرضهما لكن اللوحات اغنت المكان واضفت روحا من التفاؤل والجمال بما قدماه من معاني جميلة تحكي عراقة الفن السوري وابداع الفنان مهما كانت الظروف صعبة.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية