|
شباب فيتسلسل الواحد منهم تلو الأخر من دائرة العزوبية ليدخل دائرة الزواج وتأسيس العائلة..وهكذا تكر حبات مسبحة الأصدقاء , ليبقى وحيداً فيها بانتظار اللاشيء. ومع إحساسه بالوحدة, لاسيما في تلك الأيام التي يقلب فيها دفتر هاتفه دون أن يحظى بموافقة صديق واحد على السهر معه, تهب على أحاسيسه رغبة العائلة, وتنهال عليه دفعة واحدة كل التوصيات والتحذيرات, التي لطالما ذكرته بعبث حياته, وبأن أيامه تمضي دون فائدة, وأنه لابد من يتزوج لينجب ولداً وهو في شبابه, فالإنجاب في سن متأخرة مشكلة وعذاب. ومع التذكير بأن الزواج نصف الدين, والرب بارك في الزواج ويسر أمره, ثم أن الزواج ضابط للعين وللقلب وللمصروف, وإن الرجل ما بصير رجل إلا بالزواج...يدخل العاطل عن العمل دوامة البحث عن (بنت الحلال), بمواصفات (لا يموت الديب ولا يفنى الغنم)...إلا أن مشكلته لن تكون في إيجاد بنت الحلال, وإنما في الارتباط بها..ولاسيما أن فاتورة الزواج بدت باهظة رغم كل التيسيرات والتخفيضات التي فرضتها نسب العنوسة التي باتت مرشحة لمنافسة نسب البطالة في حياتنا. إذا ما نجح العاطل عن العمل ببنت حلال تتفهم ظروفه, سيقف عارياً أمام سؤال لازم وكافٍ ولأهلها: (العريس شو بيشتغل...?!), ولأن لا جواب على مثل هذا السؤال, يصبح لزاماً الوقوف على إجابات مقنعة قبل أن يدق الباب..فإذا ما قيست الإجابات المقنعة بسنوات بطالته, تصير الأجوبة المقنعة مستحيلاً, لا فكاك منه إلا بعودة العاطل عن العمل إلى دائرة العزوبية راضياً مرضياً, فذلك حتى الساعة أسلم. لا يدين العازب العاطل عن العمل أحداً, سوى بطالته, أما الزواج فمسألة مؤجلة, ما دام العبور إليه مستحيل, يدرك أن ما قيل عن الزواج صحيح, وأنه حقيقية الدنيا وطبيعة الحياة, التي كلما اندفع إليها بحماسة ردته ببرود..وكأنه رقم زائد في كل شيء. manmaher@hotmail.com |
|