|
مجتمع فيحق لكل من مارس طقوساً يومية مضنية بالتأقلم و التكيف مع ظروف حرب و تداعياتها القاسية ، أن يوصف بالعبقري و ليس فقط بالذكي . فمن منا على مدى خمس سنوات حاصدة للأرواح و الأحلام ، لم يبدع في اختراع و ابتكار بدائل ذكية تلبي احتياجات حياتية ضرورية ، بدءاً من نزوح و ترحال و كأننا سياح في رحلة استكشافية لأحيائنا الآمنة و شققها الكاوية ، إلى استبدال جدران بيت دافئ بقماش متطاير لخيمة في عراء ! ! إلى حرفي أو صاحب منشأة صناعية فقد كل ما يملك فسارع إلى زاوية رصيف ، متقبلاً بكل الرضا لقب متعيش بعد أن كان رب عمل . و ربما في قمة الذكاء و الحكمة ما تبتكره ربات البيوت من أطباق بديلة لم تكن يوماً مدرجة على قائمة ترف عائلة داهمها الفقر فجأة لتهرب إلى دهاليز تقشف طارئ ، متبعة نهج الرضا و القناعة مدرجة اللحوم و أخواتها في بند الأطباق المؤجلة ، تحسباً من أن تلفظ الميزانية الأسرية أنفاسها الأخيرة قبل الأوان . و يدخل في نطاق التكيف أساليب التدوير و التدبير كنهج احترازي لأرباب العائلات ، و اتباع العقلنة في إدارة المصروف ، من خلال الطرح و القسمة في ترتيب سلم الأولويات ، و انتهاج سياسة الإقناع لترسيخ الرضا في نفوس الأبناء بما هو متاح و التخلي عن الكماليات . إنه التكيف الممهور بطابع سوري خالص لن يتقنه غيرنا ، ابتكرناه نحن للتعايش مع تقنين كهربائي منهك لنلهث وراء سويعات نور هاربة ، و لنربط الأحزمة على البطون و نعيد إحياء ملابسنا القديمة لمواجهة غلاء فاحش ... تحديات تنهش أيامنا المنهكة بينما يدب في أرواحنا الهرمة لهاثاً حارقاً .. قد نلعن و نشتم و ربما نضحك من شر البلية .. و لكننا بكل ذكاء نتعايش قهر أزمة .. |
|