|
ايمانيتيه ويتملكنا الرعب أمام هذه السحابة غير المرئية التي تشكل المصير المأساوي للشعب الياباني الذي يشهد شتاءً نووياً مترافقاً بقنابل ذرية لهيروشيما وناغازاكي. فبعد كوارث تشيرنوبيل، فوكوشيما لم يعد بامكان أي شخص أن يهمل المسألة النووية. فكلتا الحالتين لهما نتائج سيئة على الصحة والبيئة لا يمكن أن تمتد إلى أيام وأشهر إنما إلى عشرات السنين ما لم نقل إلى آلاف السنين فيما يتعلق بتلوث الترب الزراعية. في كلتا الحالتين يروي لنا بعض الأطباء حكايات تجعلنا نحس بحاجة إلى النوم لإيقاف جدل الحديث حول خطر الآثار النووية. قبل خمسة وعشرين عاماً وسحابة تشيرنوبيل لم تفارق الحدود. وفي الحادي عشر من آذار لم يكن التسرب في فوكوشيما سوى حادث بسط أمره الوزير بيون والخبراء الذين دعوا أنفسهم إلى حلقة على شاشة التلفاز. وبينما هم يتابعون أكاذيبهم، كان هناك أناس يضحون بأنفسهم لتجنب أسوأ خطر يتهدد الحياة. الحقيقة أن المادة النووية هي طاقة خطرة، لأنه بعد وقوع الكارثة لا يمكن العودة بالزمن نحو الماضي وتجنبها، واستمر علماء البيئة بتحذير الشعب من المخاطر النووية الجسيمة. واستمعت إليهم عدة دول أوروبية مثل ألمانيا، النمسا والدول الاسكندنافية، لكن كانت أعداد المستمعين قليلة في فرنسا. وبذلك قررت مجموع القوى السياسية الفرنسية في الأحزاب الاشتراكية والشيوعية أنه لا يمكن طرح المسألة حسب الهدف الذي يحققه «استقلال الطاقة في فرنسا». هذه الاسطورة على وشك أن تشكل دوياً. فالطاقة هي مسألة سياسية أساسية على الناس أن يهتموا لأمرها أكثر . الاستثمار في البحوث النووية، وهيكلية مراكز قد شاخت منعتنا من البحث والتطوير في مجال الطاقة المتجددة والسيطرة عليها . كان يمكن تأمين مئات الآلاف من التوظيفات في هذا المجال لعزل المساكن ولتطوير النقل العام. لماذا رفض الرئيس الفرنسي النقاش الهام حول الخروج التدريجي من المسألة النووية؟ هل يخاف من شيء ما. نحن ندرك بوجود خلافات عميقة بين أحزاب اليسار حول ضرورة حماية الشبكة النووية، ومن الواضح أن مسألة الخصخصة لن تغير شيئاً من الواقع، فالخطر الباطني للتقانة يطرح التساؤل حول مستقبل الحضارات، ومن الضروري التوصل إلى نقاش للخروج المتدرج من مشكلات الطاقة النووية. هكذا جاء ملخص قول الايمانيتيه. أما اللوموند: فتتساءل بقولها: ماذا فعلت هذه الطاقة في اليابان؟ عدا أنها أدت إلى انفجارات رهيبة لوثت الجو والمياه، والأسوأ من ذلك أن سكان المناطق المتأذية شعروا أنهم أشخاص مهملون ومتروكون لمصير مجهول. فمنطقة مينامي التي تبعد ثلاثين كيلو متراً عن مركز فوكوشيما، تم توجيه نداء لسكانها ملازمة اماكنهم، لكن الأسوأ لم تصلهم أي إعانات طبية أو غذائية فشعروا بالعزلة. وأخذ سكان المنطقة يبحثون عن أقاربهم بين الأنقاض والبعض حاول الهروب مشياً من خطر الاشعاعات الناجمة عن انفجارات المفاعلات النووية، لكن إلى أين يمضون؟! فالثلوج بدأت منذ /16/ الشهر الجاري وانخفضت الحرارة دون الصفر وعمّ السكون في المنطقة المنكوبة وظل بذلك /20/ ألف شخص معزولين دون عون أو طعام أو ماء. وجوه سيطر عليها القلق والضياع. وشاحنات النقل ترفض الاقتراب من المناطق التي انتشرت فيها الاشعاعات النووية. أما فرق الانقاذ فقد واجهت صعوبات جمة للوصول الى الناس. فحسب مكتب التنسيق للمسائل الانسانية في الامم المتحدة كان هناك ستة عشر فريق انقاذ، لكن البعض منها اضطر للعودة، وكانت فرص إنقاذ الناجين بين الأنقاض في القرى المغمورة بالمياه شبه معدومة. فهناك بحدود عشرة آلاف منزل وبناء مدمرة بالكامل أو شبه مدمرة. الصيادون وجدوا الجثث بشباكهم إنها كارثة انسانية حقيقية. بقلم: نويل مامير |
|