|
نوفوستي تدفعنا للتفكير ملياً، حول تحضيرات الولايات المتحدة لفتح جبهة ثالثة، إذا مااعتبرنا الجبهتين الأخرتين هما أفغانستان والعراق . ويؤكد بعض المحللين السياسيين والعسكريين حول الاستعدادات لعملية واسعة ، تبدأ بالتحديد بتوجيه ضربات صاروخية على أهداف عسكرية ليبية، قد تكون على النمط اليوغوسلافي ومن الصعب الأخذ على محمل الجد كلمات وزيرة الخارجية الأميركية ، بأن ليبيا مرشحة لأن تكون في وقت قريب جداً دولة «ديمقراطية» يسودها السلام والأمن ، فيما إذا أقدمت الولايات المتحدة على اتخاذ إجراءات عسكرية عاجلة لمساعدة المنتفضين، ولكن هذه الفرضية ، تقتضي الكشف عن حقيقة توجهات هذه اللعبة السياسية الخطرة ، على الأقل من قوى من المفترض أن تكون قد فهمت جوهر ماتنوي الولايات المتحدة القيام به ، لاشك هناك الكثير من الوقائع على الأرض الليبية ، يمكن أن تشكل دافعاً لواشنطن لاتخاذ قرار بالتدخل العسكري ، وربما أول هذه الدوافع الخوف على تدفق النفط الليبي الذي بدأ يشكل بوادر صعوبات بل وأزمة قد تكون عالمية تجتاح أسواق النفط وارتفاع جنوني لأسعاره، وربما هذا أكثر مايقلق واشنطن . في وقت يتهم فيه المنتفضون الليبيون الغرب بالمراوغة ويقولون: « الغرب يتحدث كثيراً عن حقوق الإنسان ، ولكن في الواقع لاشيء يدل على حرص الغرب على هذه الحقوق، إذ لايقوم بأي خطوة جدية لإيقاف الإبادة الجماعية»، أي لايقوم باسقاط نظام معمر القذافي ، والشعب الليبي يظهر مزاجاً معادياً لأميركا . وبالنسبة لأميركا لايوجد أي شيء مسر في ذلك. فشعوب المنطقة ومنذ زمن بعيد عبرت عن هذا المزاج. والمشكلة الآن أن يتحول قسم من ليبيا إلى منطقة تحت سلطة المنتفضين ، والقسم الآخر يبقى تحت سلطة القذافي ، والذي يعني في الواقع تقسيم البلد، ومن الصعب تصور مايمكن أن يكون أسوأ بالنسبة لأميركا وحلفائها ، فيما إذا تنامى شعور العداء لأميركا لدى الطرفين المتصارعين في ليبيا ، ولعل احتمال التقسيم سيكون مقبولاً بل ومدعوماً من قبل أميركا وحلفائها . لاسيما وأن أميركا بدأت تعتقد ، بأن للقاعدة تأثيراً ما بين صفوف المنتفضين، وفي مثل هذه الوضعية، يبدي الأميركيون تخوفهم من تنامي منظمات القاعدة الإرهابية في المغرب العربي . وبالتالي سيفقد أوباما سمعته التي يحاول أن يرسخها في العالم كرئيس يقود التغيير، وهو بالتالي حيال الأحداث في ليبيا، يبدو حائراً على خلاف أحداث مصر، مما يظهره في ذيل الأحداث وعلى هامشها، ولكن الحقيقة ، أن أكثر مايقلق أميركا التغيرات الجوهرية التي تجري في العالم العربي والتي من الممكن أن تعكس المزاج العام في المنطقة العربية المعادي لأميركا، وتعودت واشنطن اتهام من يخالفها بالإرهاب ، والقاعدة حتى لم يكن كذلك، عدا ذلك لدى أميركا مشكلات أخرى ، متعلقة بقواعدها العسكرية في المنطقة ضمن أصل 8000٠ جندي أميركي متواجدين في المنطقة العربية ، منهم 50 ألف في العراق ، أما بقية القواعد فهي في وضع غير مريح لكونها محاطة بإيران من الجهة الجنوبية وهذه القواعد منتشرة في عدد من الدول العربية وجيبوتي. أما في المغرب العربي فليس لديها قواعد عملياً ، واذا كان لديها بعض القطع الحربية في البحر الأحمر ومطارات في إسرائيل وغيرها ، فإنها من الصعب أن تتمكن هذه القواعد من تغير الأوضاع على الأرض، ما يجعلها مضطرة فيما إذا فكرت جدياً باللجوء للحل العسكري في ليبيا الاعتماد على قطع حربية وحاملات طائرات من مناطق بعيدة أو الاعتماد على حلفائها الأوروبيين في حلف الأطلسي ، والمشكلة الأخرى التي تواجهها أن شعوب وحتى حكومات المغرب العربي ، من الصعب أن توافق على تدخل عسكري شامل في أراضيها ، نظراً لخطورة مثل هذه الموافقة على حكومات المغرب العربي ليس فقط من قبل شعوبهم بل من القوة العسكرية الأميركية نفسها عليها،وربما تعتقد وهي على الأغلب باتت شبه مقتنعة ، أن الوضع في ليبيا الأكثر ملاءمة لتدخلها العسكري وتحويل هذا البلد إلى قاعدة عسكرية لها، تكون ثابتة ، تتيح لها مراقبة التطورات المحتملة في بلدان المغرب العربي في الجزائر والمغرب والتأثير عليها بما يخدم مصالحها بالذات وأوباما ، ربما يفكر كما كان أسلافه بتحقيق نجاح عسكري على الجبهة في شمال أفريقيا ، منطلق من ليبيا، لاسيما أن ليبيا دولة غنية بالنفط ، ويمكن أن تبقى عامل استقرار لأوروبا القلقة من تدفق المهاجرين الكثر اليها، وابقاء ليبيا كمركز لكبح تدفق هؤلاء المهاجرين غير الشرعيين، ومن هذه الزاوية يمكن أن يكون لدى واشنطن حظ كبير في تأييد العديد من الدول الأوروبية للقيام بتدخل عسكري في ليبيا. بيد أن التطورات السريعة في العالم العربي يجعل واشنطن تشعر وكأنها تسير في نفق مظلم لاتتلمس نهايته ، ولايمكنها التنبؤ بمضمون التغيرات القادمة. بقلم : غريغوري ميلاميدوف |
|