تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


التطهير الأدبي

رسم بالكلمات
الأثنين 28-3-2011م
ميلاد فؤاد ديب

الأنا المضخمة عند بعض(مثقفينا) أنا مفخمة ومفرغة من أي قيمة حقيقية وشعارها: لا صوت إلا أنا.

إن مركزية تلك (الأنوات) هي مركزية متوحدة.. لأن عزلتها من نفسها ولنفسها وغايتها عشق مبدأ الإلغاء، الكوني والجمعي؛ والإعلاء من نرجسة الذات التي لا ترى إلا صورتها.‏

فتراهم أي ( مثقفينا) –في كل مناسبة أو حديث عابر – يطلقون أحكاماً وأقوالاً تسيء إلى مجمل العملية الثقافية والحضارية وتراهم يشككون بكل شيء . . لا بهدف نبذ الآني والسطحي والهامشي بل لإعدام الآخر فنياً ووجودياً. وألاحظ أن السخرية المكثفة والذوق المعدوم والتشهير يظهر بشكل واضح في الأمسيات الأدبية والمهرجانات الثقافية وفي الحوارات الخاصة.‏

هذا التردي الخلقي يسيء إلى الفكر الإنساني وإلى التجمعات المدنية وإلى عدم الثقة بين المنتج والمتلقي.. بين السلطة والفكر .‏

إن التقهقر الإبداعي لا يعود بالدرجة الأولى إلى فقدان الحرية ولا إلى القمع المنهجيِ تجاه المثقفين .. بل إلى الرؤية (الرؤيا )المحدودة والثقافة الضحلة لصانعي القرار.‏

فسلطة المعرفة لدينا متأتية من تلك الأنا المشوهة .. الأنا الآلة.. الصدئة.. القديمة التي تعجن وتطحن المشاعر والعقول مع كل ضجيجها وقرقعتها .‏

وسأعرض هنا بعض ما قاله هؤلاء مستخلصاً تلك الأقوال من الجرائد ومن الكلام الشفاهي:‏

(أنا أحد أهم كتاب القصة القصيرة في سورية), ( كل ما يأتي إلي من كتب أقدمها لبائع الفول),‏

( كل ما ينشر هو مجرد قمامة), ( أدونيس أولا ثم أنا ثانياً), ( هذه الجمعية الأدبية هي رافعة المخربين الفجعانين), ( إن هذه الأديبة تدخل بجسدها إلى الأدب), ( أنظر إلى هذا الشاعر السنفور كيف ينط وراء المنبر), ( لو رمينا بكل هذه الكتب إلى البحر لتلوث), ( محرر الصفحة الفلانية لاينشر إلا للنساء ),....‏

إن ما سبق بستدعي تشكيل لجنة أدبية هدفها التطهير و بأدوات معقمة.. ولا أقصد المقص والشفرة الحادة, والمباضع والشاش, إنما أقصد الأدوات المعرفية الحضارية التي تطهر كل ماهو فاسد ورخيص لمؤسسات الفجيعة الثقافية...‏

وأعتقد أن المحو الخلاق هو الذي يؤدي إلى البناء والجمال والحياة المطمئنة. علينا أن نحارب الأنانية والعدمية الفارغة والأمراض الأدبية المستشرية بكثرة في بيئتنا المحلية. علينا أن نحارب الفردانية الانكشارية والدكتاتورية القاتلة. للحفاظ على الروح ومجد الإنسان, علينا أن نحارب العدوانية والتأسيسية القاصرة والمصيرية الخانقة .‏

علّنا نفتح ممراً صافياً مع الكثيرين الذين يبحثون عن الطهارة والحرية إعلاءً للوطن والإنسان.. علّنا نعرف مكاناً نجثم فيه بكامل رغباتنا وحبنا وحقيقتنا وانتصارنا وخيباتنا, علّنا نجد أحداً يوازن بين قيمنا الروحية ووجودنا.‏

نحن لا نملك شيئاً في هذا العالم سوى دمعنا النظيف.. لذا خذوا كل الأشياء التي لم نولد من أجلها.. واتركوا لنا هذا الضوء المجدول حول الكلمات. !!‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية