|
الافتتـاحيـة ليس قانون الأحزاب ولا قانون جديد للإعلام، ولا حتى دراسة إلغاء حالة الطوارئ أفكاراً وطروحات مستجدة في النقاش السياسي، كما أنها ليست وليدة تلك اللحظة، بل سبق لها أن كانت مادة للكثير من الآراء والطروحات، كما حظيت بقسط واسع من التداول على مدى السنوات الماضية. وإذا كان المؤتمر العاشر للحزب قد انطوى في مقرراته على طرحها والعمل على تنفيذها، فإن التأخير الذي أسند للظروف السياسية الضاغطة حيناً، أو للدراسة المتمعنة حيناً آخر، يمتلك اليوم المبررات ذاتها ، مما قد يأخذه البعض على أنه دافع بحد ذاته للتريث في التعامل معها أو إقرارها وتنفيذها. في الواقع لا يخفى على أحد أن الجرأة التي انطوت عليها عملية الإقرار تقتضي بالمثل جرأة في التنفيذ، وإن كان بكثير من التدقيق والتمعن، تلافياً لبعض الثغرات التي قد تظهر هنا أو هناك، وتجنباً لاحتمالات قد تحول دون التغيير المنشود والمنتظر او ألا تؤدي الى تحقيق النتائج المرجوة. ماهو واضح بالنسبة لنا جميعاً ان القناعة التي تولدت على مدى السنوات الماضية تجزم بأن مايتم اتخاذه من اجراءات وقرارات كانت تتم متابعته على الأرض وأن النيات الطيبة استدعت دائماً إرادة توازيها، وفي السنوات المنصرمة وبالنظر الى التجارب والتحديات التي استجدت أو كانت حاضرة بالأساس ثمة مايؤكد أن هذه وتلك لم تغب يوماً بل شكلت في مجموعها عوامل ثقة متبادلة، اضفت على مشهد العلاقة الكثير من عناصر القوة الداعمة للمضي قدماً في تنفيذ المشروع الإصلاحي بكامل موجباته وأوجهه. لذلك بقدر ما بدت بعض المطالب ملحة وأخذت شرعيتها الفعلية، فإن التساؤل عن التنفيذ يبدو هو الآخر مشروعاً وملحاً. لا أحد ينكر أن الكثير منها اقتضت الضرورة والظرف السياسي الضاغط أن تدرس بهدوء وتروٍ، لكن أيضاً ليس هناك من ينكر بأن تأخيراً قد حصل، وبالتالي فإن دراستها وإقرارها والإسراع بتنفيذها يلقى إجماعاً فعلياً على المستوى السياسي والشعبي. ومثلما بدت القرارات التي اتخذت بداية لمرحلة تغيير فعلي لا تتوقف عند حدود ما اعتقده البعض، فإن مسألة التنفيذ ربما كانت اليوم هي المعيار لفعالية ما اتخذ، ومدى الإرادة في المضي قدماً في خطوات تستكمل ما بدأ في الاتجاهات والمستويات الأخرى. في المنحى العام تأتي التأكيدات بأن الإقرار الذي جاء بصيغة قاطعة، يقتضي في الاتجاه المقابل أن يأخذ التنفيذ الصيغة ذاتها، وبالتالي فإن ما يحتاج منها لدراسة ونقاش وحوار بات الإسراع بطرحها أمراً مسلماً به وليس لدى أحد النية في الركون فقط إلى مسألة الإقرار، وخصوصاً أن هناك رغبة جادة في تجاوز الكثير من العوامل التي أدت في سنوات ماضية إلى التأخير، هو ذاته اليوم الذي يدفع أيضاً نحو المضي فعلياً إلى تطبيق سريع لما تم إقراره، وببرنامج زمني محدد، ووفق خطوات معلنة لا تحتمل التأويل. الإرادة الشعبية التي تحققت في تلقي القرارات والإجراءات بشقيها الخدمي والسياسي، يمكن أن تكون مقياساً فعلياً لتسارع الخطوات نحو تنفيذ متوازن لما تم طرحه على الطاولة وتحت سقف الوطن الذي يشكل مظلة للجميع. |
|