تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


رسالة مفتوحة للسادة القائمين على المؤسسة القضائية في سورية الحبيبة

تحقيقات
الاحد 4/12/2005م
المحامي طلال ابراهيم

قيل على لسان ونستون تشرشل رئيس الوزراء البريطاني إبان الحرب العالمية الثانية وبعد أن دمرت البنى التحتية لبريطانيا نتيجة الحرب:

طالما أن القضاء والعدالة في البلد بخير فكل البلد بخير‏

وهذه العبارة هي أصدق ما قيل في مدح هذه المؤسسة العريقة لما لها من دور في حماية الفرد والمجتمع في آن معاً. ونحن من باب المسؤولية وحب الوطن نضع بين يدي السلطات المعنية وقارئنا الكريم بعض الأفكار التي قد تساعد على تعزيز العدالة ودور السلطة القضائية لدى الفرد والمجتمع وتحصينها من المثالب والانتقادات الموجهة لها كماً ونوعاً, منوهاً على أن اصلاح هذه المؤسسة لا يمكن أن يتحمله فرد أو مؤسسة أو وزارة بل يجب فيه تضافر جهود الكثيرين في مختلف المواقع بروح إيجابية مدفوعة بحب الوطن لإنجاز ذلك ولنا أن نبدأ ولو بخطوات صغيرة في الاتجاه الصحيح حتى نصل مستقبلاً إلى ما ننشده من هذه المؤسسة التي تمس حياتنا ووجداننا مع الاشارة إلى أن الاصلاح يجب أن يمس ثلاث نواح تفصيلية هي :‏

أولاً - التشريع:‏

1- باعتبار أن السلطة القضائية ليست وظيفة بل هي إحدى السلطات الثلاث للدولة وتلي السلطتين التنفيذية والتشريعية وعليه يجب أن يكون هناك قانون جديد ومتطور للسلطة القضائية يحدد مفهومها وحياديتها المطلقة ويمدها بكل مقومات ومؤيدات السلطة بحيث لا تقل شأناً عن السلطتين التنفيذية و التشريعية, يرأس هذه السلطة السيد رئيس الجمهورية على اعتبار أنه وفق أحكام الدستور هو رئيس مجلس القضاء الأعلى وأن يكون رئيس محكمة النقض نائباً للرئيس وأن يتم توسيع مجلس القضاء الأعلى ليشمل عشرة أعضاء بدلاً من سبعة ويكون الرئيس الأول لمحاكم الاستئناف في كل من محافظات دمشق وحلب و حمص و اللاذقية أعضاء حكمين في المجلس الموسع وأن يستبعد من هذا المجلس الأعضاء الذين لا يمارسون العمل القضائي فعلاً.‏

2- فصل الوظيفة السياسية للسيد وزير العدل عن الوظيفة القضائية وجعل عمله ينصرف إلى الاشراف على السلطة القضائية ومعاهدها وتلبية حاجاتها وتطويرها وتأمين استقلاليتها وحياديتها بدون التدخل بالتشكيلات القضائية وأعمال المحاكم التي تبقى حصراً من اختصاص مجلس القضاء الأعلى .‏

3- إحداث أربع غرف نقض متخصصة في محافظتي حلب واللاذقية.‏

غرفة نقض جمركية شاملة للمنطقتين الشمالية والشرقية في مدينة حلب‏

غرفة نقض جزائية شاملة للمنطقتين الشمالية والشرقية في مدينة حلب‏

غرفة نقض مدنية شاملة للمنطقتين الشمالية والشرقية في مدينة حلب‏

غرفة نقض بحرية وجمركية في مدينة اللاذقية.‏

4- العمل على تعديل الكثير من التشريعات القائمة وأهمها أصول المحاكمات المدنية و الجزائية أو القانون المدني وقانون العقوبات والقوانين الأخرى بشكل يتماشى مع العولمة و الحاجات الاقتصادية الهامة الأخرى بمشاركة الفعاليات المؤثرة ولا سيما منها الاقتصادية أو التشريعية أو القضائية.‏

ومن أهم التعديلات المطلوبة بهذه القوانين ما يلي:‏

1- تعديل قانون أصول المحاكمات الجزائية لجهة منع توقيف أي مواطن أكثر من شهر قبل الحكم للقضايا الجنحية وثلاثة أشهر للقضايا الجنائية ما لم يتوفر دليل دامغ يستوجب التوقيف أكثر في القضايا الجنائية والاعلان المسبق عن مدة التوقيف على ذمة التحقيق مع الحق في التمديد منعاً لسوء استخدام التوقيف والسمسرة المرافقة له.‏

2- تعديل قانون أصول المحاكمات الجزائية لجهة منح الصلاحيات المناسبة للقضاء الجزائي باستخدام السلطة الممنوحة لهم في تضمين أحكامهم الأسباب المخففة ووقف التنفيذ للحالات المستوجبة ذلك.‏

3- السماح بنشر بعض أحكام الجنايات وأحكام العقوبات الاقتصادية بالتفصيل بالصحف المحلية والمركزية ولوحات الاعلان للتأثير على مرتكبي هذه الجرائم وتحذير المواطنين منهم.‏

4- إلغاء القضاء الاستثنائي واعادة اختصاصه الى القضاء العادي كعمل اللجان المتخصصة /الشيوع - السياحة- بعض الصلاحيات الممنوحة للقضاء العسكري/.‏

5- إناطة أمر الفصل بالتعويض عن الشق المدني في الدعوى الجزائية العسكرية بالقضاء العسكري منعاً للإطالة والتسويف.‏

6- وضع ضوابط أولية لتحريك الدعوى العامة على كافة المواطنين غير دفع سلفة الادعاء كتوفر الأدلة ودعوة طرفي الادعاء للنيابة للاستجواب والتأكد من الأدلة المقدمة وصدقيتها قبل طلب تحريك الدعوى العامة, كما تدل ظاهر المستندات وأن يكون الادعاء المباشر أمام القضاء الجزائي بالترافق مع ادعاء النيابة العامة موجباً للتعويض في حال ثبوت كيديته - لتكريس الأمان بين المواطنين من الادعاء الكيدي ورفع سلفة الادعاء بشكل كبير نسبياً للحد من ظاهرة الادعاء الكيدي.‏

7- تعديل قانون اصول المحاكمات المدني لجهة طلب رد القضاة وربطه بكفالة كبيرة لا تقل عن خمسة آلاف ليرة سورية تكون بمثابة تعويض للقاضي المردود في حال عدم قبول طلب الرد ومنع طلب رد القاضي في الدعوى الواحدة لأكثر من مرة.‏

8- تعديل نظام دعاوى المخاصمة وجعلها هيئة واحدة للاستئناف والنقض مؤلفة من خمسة قضاة من الهيئة العامة تكون برئاسة رئيس الهيئة العامة لمحكمة النقض أو نائبه.‏

9- تعديل القانون لجهة الاختصاص القيمي والولائي بإحالة الدعوى للمحكمة المختصة دون ردها.‏

10- أن تعطى الصيغة التنفيذية للديون المالية المنظمة لدى الكاتب بالعدل ما لم ينص الدليل على ايفائها بنفس المرتبة لدى الكاتب بالعدل.‏

11- تعديل قانون اصول المحاكمات المدني لجهة ادخال الورثة بداية تم الادعاء على الميت دون العلم بموته أو تصحيح الخصومة على القاصر إذا لم يعرف قصره وقت إقامة ا لدعوى وتمكين المدعي من الادعاء إضافة للتركة في أي مرحلة من مراحل التقاضي.‏

ثانياً التنظيم الإداري:‏

تطوير وزارة العدل والمؤسسات التابعة لها وإدارتها وكافة أقسامها عن طريق:‏

1- ادخال نظام الكمبيوتر لارشفة سجلات المحاكم والأحكام القضائية وكافة الاجتهادات القضائية ولاسيما اجتهادات الهيئة العامة لمحكمة النقض وربطها بكافة المراكز العدلية بالمحافظات.‏

2- تشكيل دائرة خاصة بالمعلوماتية والاتمتة وربطها بكافة المراكز العدلية بالمحافظات.‏

3- اعتماد تعيين أختصاصيين مؤهلين للعمل على الكمبيوتر والأرشفة والاتمتة والانترنت .‏

4- اعتماد آلات التصوير الحديثة والمتلفزة والمراقبة والانترنت لدى كافة المراكز العدلية.‏

5- اعتماد مخابر جنائية وطبية وشرعية متطورة خاصة بوزارة العدل.‏

6- تأهيل عدد كبير من قضاة سورية وموظفي وزارة العدل لاتقان لغة أجنبية /انكليزي أو فرنسي/ وارسالهم لدورات تعليمية واطلاعية لدى البلدان المعنية لزيادة تأهيل كوادر وزارة العدل وتمكينها من التقاط الحداثة في القوانين المقارنة للمساعدة في تطوير النظام القضائي في سورية.‏

7-تنشيط حركة ترجمة للتشريعات وأنظمة التقاضي والاجتهادات والنظريات المستحدثة عالمياً في الفقه المقارن وتشكيل لجان عمل بهذا الشأن بالتعاون مع نقابة المحامين والمؤسسات القانونية الأخرى.‏

8- الاشتراك بالمجلات العالمية المتطورة للقانون والتشريع والاجتهاد.‏

9- رصد زوايا يومية أو أسبوعية في الصحافة والإعلام المرئي والمسموع للتحدث عن السلطة القضائية والقوانين النافذة وإحداث دائرة إعلامية للصحافة والنشر تابعة للوزارة.‏

10- وضع خطة سنوية لنشاطات القضاة بالتعاون مع نقابات المحامين لإجراء حوارات مفتوحة مع المواطنين تبحث فيها المواضيع الهامة التي تهم شرائح كبيرة من المجتمع في الصحافة أو المراكز الثقافية أو في الندوات الإعلامية المرئية.‏

11- وضع برنامج زيارات للقضاة المتميزين إلى الدول العربية والأجنبية لإجراء التبادل الاطلاعي والتطويري والعمل على استقدام القضاة المميزين العرب والأجانب إلى سورية لإجراء الندوات والمحاضرات وزيادة الاحتكاك وتبادل الخبرات القضائية اللازمة.‏

12- تكثيف الحوار بين المؤسسات القضائية المحلية والعربية والصديقة لتوحيد بعض المفاهيم التشريعية والاصطلاحات والمعاهدات القانونية والاتفاقات المفيدة لهذه البلدان.‏

13- العمل على دعم مؤسسات النشر والاصدار للموسوعات التشريعية والقانونية المتخصصة وإعطاء الدعم المادي اللازم للعاملين والقائمين على تلك المؤسسات.‏

14- وضع آلية واضحة لتنفيذ الأحكام القضائية وإحداث دائرة مختصة لدى وزارة العدل تكون مهمتها متابعة تنفيذ الأحكام القضائية لدى الجهات الحكومية من وزارات ومؤسسات وشركات القطاعين العام والمشترك ووضع برنامج واضح لتنفيذ هذه الأحكام خلال مدة محددة قانونياً ووضع الضوابط ا للازمة لذلك وتمكين المواطن من تنفيذ القرار القضائي الصادر لمصلحته على كافة الجهات الرسمية بما فيها اجراءات الحجز والسير بالاجراءات التنفيذية المعتادة.‏

15- اجراء تطوير في عمل وأسلوب التبليغ باعتماد الاتصالات الحديثة والموطن المختار وجعله الزامياً للمدعي أو المدعى عليه وتنفيذ اجراءات صارمة بهذا الخصوص .‏

16- بناء قصور للعدل في كل المحافظات لائقة بالسلطة القضائية وتحمل الكثير من التراث وتخدم لأكثر من مائتي عام تكون صرحاً مميزاً يدل على عظمة الهدف الذي أنشئت لأجله.‏

ثالثاً: القاضي الإنسان:‏

1- أن يكون اختيار القاضي مبنياً على أسس سليمة علمية واجتماعية واقتصادية وصحية بحيث يكون قادراً على تحمل المسؤولية الأخلاقية الملقاة على عاتقه دون اهتزاز لأية ظروف محيطة وإجراء الدراسة الميدانية الشاملة لكل قاض على انفراد مرتين على الأقل مرة عند ترشيحه لدخول المعهد القضائي ومرة عند تثبيته بعد اجتيازه لمرحلتي الدراسة في المعهد القضائي والخدمة الابتدائية في القضاء والتي يجب ألا تقل عن ثلاث سنوات.‏

2- رفع السوية المعاشية للقضاة بحيث لا يقل راتب قضاة الصلح عن خمسة وعشرين ألف ليرة سورية شهرياً وقضاة البداية عن خمسين ألف ليرة شهرياً والمستشارين ورؤساء المحاكم الاستئنافية عن خمسة وسبعين ألف ليرة سورية وقضاة النقض عن مائة ألف ليرة سورية.‏

3- تأمين دور سكن خاصة للقضاة وخاصة القضاة الوافدين إلى المحافظات وقضاة النقض وتخصيص قاضي المنطقة بوحدة سكنية خاصة فيه عائدة لوزارة العدل.‏

4- تأمين سيارة خاصة تعطى للقاضي بعد تثبيته في الجسم القضائي تناسب درجة القاضي وقدمه واجتهاده.‏

5-العمل على تعديل صندوق اسعاف القضاء بتأمين نظام بديل منصف ومتطور للإسعاف والمعالجة والضمان الصحي.‏

6- العمل على مضاعفة عدد القضاة في سورية لأكثر من الضعفين لتمكينهم من أداء عملهم بشفافية وبهدوء من دون ضغوطات لحجم العمل الملقى عليهم وبالتالي لتحسين أدائهم المهني والعناية بالقرارات ونوعية الأحكام الصادرة وإعطائهاحقها في الدراسة والتدقيق لتكون أكثرما يمكن قرباً من العدالة والحق.‏

7- أن يكون القضاء غير مسيس وأن يكون القاضي غير مرتبط بأي سلطة تنفيذية.‏

8- وضع آلية ونظام عمل تتيح للقاضي متابعة تحصيله العلمي وتأهيله القانوني ومتابعة آخر التطورات في القوانين المحلية والعربية والأجنبية وتمكينه من المساهمة في التأليف والنشر وإعطائه الحوافز اللازمة وإخضاعه لدورات إلزامية لإجادة لغة أجنبية ثانية تساعد في تطوير قدراته الذاتية المعرفية.‏

9- تمكين القاضي عن طريق الوزارة من الاطلاع على نتيجة الحكم الذي أصدره أو شارك فيه عند انتهاء التقاضي في درجته الأخيرة من أجل الاستفادة والتطوير.‏

10- العمل على إنشاء دور راحة واستجمام خاصة بالقضاة في الساحل والجبل وفي أماكن الاصطياف تحصنهم من الابتزاز والاهتزاز وإنشاء نواد اجتماعية خاصة بهم ولا توجد مشكلة إن كانت هذه النوادي مشتركة مع نقابات المحامين في الجمهورية العربية السورية لأنهم كفتا العدالة أولاً وأخيراً.‏

11- تفعيل دور مجلس التأديب الممثل بمجلس القضاء الأعلى في وزارة العدل من أجل محاسبة القضاة الفاسدين وتطهير الجسم القضائي من الشوائب بعد قيام محاكمة مسلكية عادلة مشفوعة بالأدلة والقرائن الجازمة كأسلوب قانوني وحيد واجب التنفيذ وعزل وتوقيف المدانين منهم إن اقتضى الأمر في محال توقيف خاصة بهم تنشأ لهذه الغاية تكون في وزارة العدل وفروعها في المحافظات.‏

12- من باب الشعور بالمسؤولية تجاه الواجب الملقى على عاتق القضاة أن يصار إلى تكريم هؤلاء القضاة بإقامة تقليد سنوي للاجتماع مع السيد رئىس الجمهورية مرة في العام على الأقل وعلى أن يضم هذا الاجتماع بعض الوزراء المعنيين وبعض القائمين على السلطتين التشريعية والقضائية وبعض وجوه المجتمع السوري الاقتصادية والاجتماعية مع التغطية الإعلامية لهذا اللقاء للمساهمة في تعزيز دور القضاء لدى الفرد والمجتمع على السواء.‏

في الختام فإني أتمنى أن أكون قد قدمت لبنة متواضعة في تعزيز وتطوير وإصلاح هذه المؤسسة العريقة مشيراً إلى أن ما تم طرحه ليس هو كل ما يمكن أن يساهم في إصلاح هذه المؤسسة وتطويرها وهو ليس من بصماتي الفردية بل هو مجموعة جهود لزملاء قضاة ومحامين وأفكار ونقاشات قانونية غالباً ما تدور في فلك المؤسسة القضائية مع محبتنا لجميع الغيارى على هذه المؤسسة وعلى هذا الوطن بدون التطرق إلى الأسماء, مؤكداً على أن هناك الكثير ليحكى في هذا الموضوع والأهم هو البداية المطلوبة من أصحاب الشأن وأولويات ذلك تتمثل بالمبادرة إلى تشكيل لجنة خاصة تصدر عن السيد رئىس مجلس الوزراء تضم الفعاليات التشريعية والقضائية والاجتماعية والاقتصادية والإعلامية تكون مهمتها بحث تطوير هذه المؤسسة والتقدم بمشروع متكامل إلى الجهات الإدارية والقانونية يحتوي على الأسس الكاملة والحلول اللازمة للنهوض بهذه المؤسسة وفق توجيهات السيد رئيس الجمهورية للإصلاح والتطوير بما فيه خير البلاد وخير العباد.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية