تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


د. سمير عيطة :نستطيع تحمل آثار صدمة إصلاحية وهناك فرصة لإصلاح جريء

تحقيقات
الاحد 4/12/2005م
سأسرد تحديد الواقع و التوصيات حسب الموضوعات التي ستطرح من ناحية الاقتصاد الكلي . الواقع هو أن مؤشرات الاقتصاد الكلي السوري استثنائية مقارنة بالدول العربية وكثير من الول الآخرى بفضل النفط و تحويلات المغتربين و ضعف الدين الداخلي و الخارجي وتوفر العملات الصعبة الحكومية و الخاصة لكن الواقع أيضاً أن سورية أمضت مند عام 1996 وحتى فترة قريبة سنوات دون إصلاح و ستدفع قريباً ثمن ذلك اقتصادياً و اجتماعياً.

الخيارات المطروحة هي بين إصلاحات جزئية ضرورية تجري الآن لكنها إلا في حالات قليلة إجرائية وهي مستمرة و نشيطة في بعض الوزارات و ضعيفة في أخرى و بين خيار حزمة كاملة من الإصلاحات تشكل صدمة في هيكلية الاقتصاد الكلي السوري , تستطيع سورية اليوم بإيجابياتها أن تتحمل آثار هذه الصدمة الإصلاحية علماً أن فرصة إصلاح جريء قد لا تتكرر في المستقبل المنظور.‏

من ناحية الموازنة و الواقع تعتمد الموازنة السورية بشكل رئيس على النفط الذي يتضاءل إنتاجه و ميزانه التجاري بشكل سريع في ظل تحصيل جمركي و ضريبي ضئيل و غير فعال و نقترح كباحثين تخفيضاً كبيراً في الضرائب المباشرة وغير المباشرة على السواء و تبسيطها والتحول السريع إلى ضريبة القيمة المضافة بل ونقترح ضم وزارة الاقتصاد إلى المالية لتتوازن جهود مؤسسة الاقتصاد السوري مع حهود تنشيط الاقتصاد عبر التخفيضات الضريبية .‏

الاقتراح هو تخفيض الحد الأعلى لضريبة الدخل إلى 25 % لكل النشاطات بل إلى 20 % ولكن مع تشجيع و تسهيل و تأطير تطور كل النشاطات من قطاعات غيرنظامية إلى شركات منظمة إضافة إلى جدية في التحصيل الضريبي لا سيما من الشركات الكبرى .‏

من ناحية المصارف نجد أن المصارف الخاصة تطورت بشكل كبير خلال عام و نصف حتى وصلت ميزانية أحدهما إلى حجم ميزانية بعض المصارف الحكومية التي أنشئت منذ ثلاثين عاماً بينما لم تتعد جهود المصارف الحكومية الإصلاحات الإجرائية أما إصلاح المصرف المركزي فقد تأخر رغم الجهود المبذولة بشكل يجعله وراء التطورات المصرفية.‏

الاقتراح هو الشروع فوراً ببرامج سريعة لإعادة هيكلية مؤسساته للمصارف الحكومية و تحويلها إلى نوعين , مصارف عامة لكافة الأنشطة ومصاف إدخار و تقوية المصرف التجاري السوري مؤسساتياً لأنه فرصة كمؤسسة مصرفية بالنسبة لحجمها و تحويل المصرف الزراعي إلى وكالة زراعية لأن المصرف الزراعي ليس مصرفاً بالمعنى الحرفي للكلمة و ضم أو دمج المصرف الصناعي بآخر .‏

الإقتراح في مجال قطاع التأمين هو تنشيط المنافسة و إعادة هيكلة و صناديق التأمينات الاجتماعية الحكومية , إيجاد صيغة لتشميل كل العاملين في سورية في الضمانات الاجتماعية و الصحية عبر مؤسسات حكومية خاصة , أي شركات تأمين .‏

و بالنسبة لسوق الأوراق المالية الناشئة فالاقتراح هو الجدية الكلية لتطبيق متطلبات الإفصاح المالي عبر تفعيل استقلالية هيئة الاوراق المالية وتفعيل دور المصارف في هذا المجال و القضاء على الممارسات الحالية في أسعار الصرف عن طريق تحرير سوق الصرف عن المؤسسات المصرفية لكل عمليات التجارة الخارجية في مرحلة أولى مع إبقاء قيود معقولة على التعاملات الرأسمالية , مما يخفف الضغط على أسعار صرف الليرة السورية بالنسبة للعملات الأجنبية .‏

-أما في مجال التجارة الخارجية يشير الواقع أن الاقتصاد السوري بدأ يتحمل صدمة جراء اتفاق التجارة الحرة العربية و ستليه صدمات جراء اتفاقات أخرى و الاقتراح هو أيضاً دمج وزارة الصناعة في المالية و إنشاء مركز سياسات صناعية يؤمن جهوداً تقنية و خبرات مالية و فنية لتحفيز تطور الصناعة السورية و التصدير .‏

من جهة أخرى هناك مقترح لإنشاء شركة قابضة ترث جميع الشركات الحكومية الإنتاجية تقيّم أصولها و تطلق ما يمكنه المنافسة كشركات مساهمة و تفتح للإكتتاب العام أسهم الشركات الرابحة مع الاحتفاظ بالأغلبية للدولة و أن تصفي ما لا يمكنه المنافسة بالترافق مع برنامج اجتماعي لتعويض المواطنين .‏

في مجال الاستثمار و يشير الواقع إلى عزوف المستثمر السوري المقيم عن الاستثمار في بلده وهذه ظاهرة خطيرة و الاقتراح هو خلق كل الحوافز التشجيعية عبر قانون حديث يشمل الشركات و التجارة و العمل و البطالة فالتطورات السكانية و الاجتماعية ستضع الإقتصاد و المجتمع السوريين خلال السنوات العشر القادمة على المحك , لذلك يقترح الباحثون الجمع بين سياسة تحفيزية يمكن أن تكون جزءاً من السياسة الضريبية و بين تحديث قوانين العمل لزيادة مرونتها و شمول الحماية الإجتماعية أما في مجال الحكومة و الحكم الصالح يشير واقع سورية إلى أنها تتميز بين الدول العربية بضعفها في ثلاثة مؤشرات هي فعالية الحكومة و نوعية القرانين و المساءلة و حرية التعبير و يتمثل الإقتراح بإيجاد طاقم وزاري متناسق وقوي يتبنى أصلاً مشروع القفزة الإصلاحية و ينفذ متطلباتها بالسرعة اللازمة و ذلك بالتوازي مع إصلاح على الصعد الأخرى في مجال الحريات العامة و تفعيل الجمعيات و الصحافة بحيث يمكن المحاسبة على النتائج .‏

وأذكر هنا ما قاله د. راتب الشلاح رئيس غرفة تجارة سورية حول الأولويات الحالية للدولة: (أظن أن الكثيرين لا يعطون الأولويات السليمة أو سلم الأولويات المطلوبة ).‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية