تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


النائب الألماني السابق جمال قارصلي ل( الثورة): خطاب الرئيس الأسد يؤكد أن سورية قوية بشعبها وأمتها

دراسات سياسية
الاحد 4/12/2005م
قاسم البريدي- ميساء العلي

عبر النائب البرلماني الألماني السابق جمال قارصلي عن تضامن الجالية العربية في أوروبا مع سورية ومواقفها المشرفة

ضد محاولة فرض سايكس بيكو جديدة على المنطقة مؤكداً أن سورية اليوم بقيادة السيد الرئيس بشار الأسد قوية بشعبها وإرادتها وإيمانها بالعدل والأمن والسلام وحرصها الكامل على التعاون مع الأمم المتحدة لكشف الحقيقة في قضية مقتل الحريري ولا تسمح لأحد أن يستغل هذه القضية وغيرها لتغيير مواقف سورية المبدئية وزعزعة الاستقرار فيها.‏

وأشار إلى أهمية دور المغتربين في توضيح الحقيقة للرأي العام العالمي والدفاع عن القضايا العربية العادلة والذين هبوا للتعبير عن تلاحمهم صفاً واحداً ضد الضغوط السياسية الخارجية.‏

جاء ذلك في الحوار التالي الذي أجرته الثورة مع النائب السابق جمال قارصلي :‏

* كيف تلقيتم كمغتربين وأنت كسياسي معروف في ألمانيا خطاب السيد الرئيس بشار الأسد ?‏

** أجد فعلاً أن الخطاب جاء في وقته وفي مكانه جواباً للتحديات التي تقف أمامها سورية, وهذا الظرف لا يستحق إلا هذا الجواب , والاستراتيجية الموضوعة هي إضعاف قلعة العرب الصامدة في وجه المطامع الخارجية للوصول إلى المخطط المدروس وأهم ما فيه هو حصار سورية اقتصادياً وتفتيتها أو خلق نزاعات فيها.‏

وجاء الخطاب رسالة واضحة بأننا سنقاوم الآن ونحن أقوياء , بما نملك من عراقة وحضارة .. والخطاب يقول أيضاً لا للتنازلات لأن التنازلات لا حدود لها وهي تعني الضعف وسورية قوية ومستعدة للمواجهة لأنه كما قال السيد الرئىس المقاومة لها ثمن والفوضى لها ثمنها المدمر للمنطقة بأسرها .‏

ميليس ينفذ مهمة‏

* أنتم في ألمانيا أكثر الناس معرفة بالقاضي ميليس فكيف ترى تقريره عن سورية?‏

** بالطبع ميليس هو قاض ألماني تاريخه معروف وأقامت ضده العديد من المنظمات المدنية الكثير من الدعاوى القضائية تمس كيانه واعتباره قاضياً والمعروف أن مهمة المدعي العام في ألمانيا هامة جداً في ترقيته مهنياً حسب حكمه على المتهمين..‏

ومن خلال عملي في الترجمة أثناء دراستي في الجامعات الألمانية دخلت المحاكم عدة سنوات ولاسيما المحاكم الجنائية وبناء على تجربتي هذه أقول لو قدم تقرير ميليس كادعاء عام ضد متهم في محكمة ألمانية ستكون النتيجة البراءة للمتهم لأن الادعاءات فيها تستند إلى شهود زائفين وأقول الخصم وغير موثقة, فلذلك نرى أن ميليس يحقق باتجاه واحد.. وأسأل هنا : لماذا لا يحقق ميليس باتجاه الموساد وإسرائيل وهي المستفيد الأول من اغتيال الحريري أو حتى باتجاه مخابرات غربية لها مصلحة في المنطقة.‏

وسورية بقيادتها وشعبها تريد أن تعرف الحقيقة وتطلب أن يحاكم كل من له علاقة في مقتل رفيق الحريري المعروف بصداقته لدمشق.‏

ومع هذا كله فإني أقول : إن ما نراه الان ليس سوى مشهد في مسرحية مكتوبة منذ عشرين عاماً وحان وقت تنفيذها وخلفها يكمن مشروع سايكس بيكو رقم 2 والذي يسمونه مشروع الشرق الأوسط الكبير ومشروع إدخال الديمقراطية الأميركية إلى منطقة الشرق الأوسط .‏

* ماذا نتوقع من أميركا بعد القرار 6361?‏

** كما كنت متوقعاً مضمون تقرير ميليس قبل شهرين فإنني أتوقع أنه ومهما عملت سورية ومهما تجاوبت فإنها ستبقى مستهدفة .‏

وبرأيي يجب أن ننطلق من أسوأ الاحتمالات ونهيئ أنفسنا على كافة الأصعدة لا سيما على الصعيد الداخلي ونجمع كل القوى السياسية ونثبت لمن هم يتربصون بسورية أنه لا ثغرة لزعزعة الوحدة الوطنية.‏

ولا أتصور أن هناك سورياً واحداً لا يريد مصلحة سورية ولو كان معارضاً , وإعطاء دور للمعارضة الوطنية الحقيقية أمر مهم لتتحمل مسؤولياتها الوطنية في مواجهة هذا الخطر الحقيقي.‏

* وما المطلوب فعله خارجياً?‏

** على المستوى العربي لابد من تحرك سريع وتوحيد الصف والقيام باصلاحات ولم يبق لدينا الوقت للبدء بتنفيذها وإذا كانت بعض الدول تظن نفسها آمنة فهي مخطئة وإذا لم تأخذ درساً من العراق فليس لديها بعد نظر وأكثر الدول مهددة هي لبنان.‏

وعلى المستوى العالمي لا بد من الاستفادة من المغتربين العرب في كل مكان من العالم وهم ثروة وكنز كبيران ولابد من التواصل معهم وتفعيل دورهم الآن لأنهم سفراء حقيقيين لشرح قضايانا العادلة للرأي العام العالمي .‏

ومن العوامل الهامة تفعيل الإعلام الخارجي ورصد موازنات له ولو كانت كبيرة تقريباً والعمل لشراء وامتلاك وسائل الإعلام الخارجية من فضائيات ومجلات وصحف وذلك في قلب أوروبا وأمريكا وباللغات العالمية الحية , ونخاطب الناس بلغتهم لكي نصل إلى عقولهم ثم إلى قلوبهم ثم إلى ضمائرهم لكي نؤثر في القرار السياسي في نهاية الأمر.‏

ولكل عصر له قوته وقوة العصر الحالي هو الإعلام فإذا تغيبنا عنه فلن يكون لنا وجود وبالتالي نترك الساحة لغيرنا.‏

*لماذا خسر شرودر منصبه في الانتخابات الأخيرة.. وما انعكاس ذلك على الموقف من القضايا العربية?‏

** كما تعرفون فإن شرودر مواقفه ممتازة إزاء القضايا العربية لاسيما من الحرب على العراق وكنا نتمنى لو أن العرب وقفوا مثله, وفي الانتخابات الأخيرة دفع ثمن هذه المواقف خصوصاً أن التحدي بينه وبين بوش تحد شخصي حيث لم يكن يستقبله في واشنطن بل كان يستقبل المعارضة له السيدة ميركل .‏

كانت نتيجة الانتخابات البرلمانية غير حاسمة فالفارق بين الحزبين الرئيسين طفيف, المسيحي الديمقراطي حصل على 53,2 % والاجتماعي الديمقراطي 43,2 بفارق 4 مقاعد برلمانية وحصل حزب الأحرار على 9,8% واليسار 8,7 % والخضر 8,1 % والأحزاب الأخرى 3,9 % وشكل الحزبان الائتلاف الكبير واتفقا على أن تكون أنجيلا ميركل المستشارة الألمانية الجديدة بينما ستكون حصة الاجتماعي الديمقراطي الذي يتزعمه شرودر ثماني حقائب منها وزارة الخارجية .‏

وأثبت شرودر أنه إنسان بارع في التكتيك وأنقذ حزبه من أزمة كبيرة في الانتخابات وتم تشكيل حكومة ائتلافية كبيرة بين حزبه الديمقراطي الاجتماعي والحزب المسيحي الديمقراطي برئاسة أنجيلا ميركل وهما يكملان بعضهما وهذا يؤدي في المرحلة القادمة إلى استقرار سياسي وبالتالي ستكون المواقف تقليدية من القضايا العربية ولا خوف أن تتغير كثيراً لصالح اليمين, ولكن بالمقابل فإن أحزاب المعارضة الصغيرة سيتاح لها الفرصة لتصبح كبيرة لأن الانتخابات تجري كل أربع سنوات مرة.‏

الإصلاح السياسي‏

* أستاذ جمال .. ننتقل للحديث عن سورية ابتداء بمقررات المؤتمر القطري العاشر?‏

**أتمنى ألا يكون ما توصل إليه الحزب نهاية المطاف وإنما خطوة في الاتجاه الصحيح والتي يدعمها المغتربون ويقفون بجانبها.‏

ولا تكفي التوصيات يهمنا التطبيق ويوجد قرارات ومراسيم كثيرة لكنها تحتاج إلى استكمال تطبيقها بسرعة أكثر مثال ذلك قانون الأحزاب- قانون الطوارئ- محاسبة الفساد- دماء جديدة للحزب- تحسين المستوى المعيشي للمواطن.‏

وأتمنى أن يصبح في سورية إعلام خاص لينافس الإعلام الحكومي وليصبح الإعلام السوري قوياً وتزداد مهاراته وحوافزه وبذلك يصبح نافذة كبيرة على العالم على غرار الكثير من الفضائيات الخاصة والصحف الشهيرة.‏

* يناقش حالياً قانون تعددية الأحزاب وما رأيك بذلك خصوصاً مشاركة المعارضة فيها?‏

** أنا متفائل في التعددية الحزبية ونأمل أن تكون سورية مثالاً في الديمقراطية والمعارضة مهمة جداً لاحترام الرأي والرأي الآخر ولها دور بارز للمراقبة وللشفافية وللمحاسبة وهي ورقة ضغط لصالح سورية في السياسة الخارجية.‏

والمعارضة ليست شتيمة للدولة ولا لأشخاصها , وهي لمصلحة الوطن الحقيقية في التنمية والبناء أما المعارضة التي لا تصب في مصلحة الوطن وترتبط بأمريكا وإسرائيل وبأعداء الأمة فهي مخربة وهي ليست معارضة إنما قوى معادية ..‏

وأنا مع كل حزب يعمل لمصلحة الوطن ومن أجل تنميته وازدهاره ولست مع أحزاب مشكلة على أساس طائفي أو عرقي وديني فهي أحزاب مرفوضة محلياً وعالمياً.‏

والحزب السياسي هو لعامة الشعب ويعمل على وحدة الوطن لا تفتيته وله مضمون وبرامج اجتماعية وسياسية واقتصادية وقد أحمل أفكاراً إسلامية أو مسيحية لكني أختار الحزب وفق ما يطرحه محل مشكلات المجتمع كمعالجة البطالة وأزمة التعليم والسكن والاقتصاد والمعيشة وغير ذلك.‏

* وكيف نربط بين الإصلاح السياسي والضغوط الخارجية على سورية?‏

** سورية تقف أمام عاصفة كبيرة ومنظمة ومدروسة وموجهة, لكن لن يحميها إلا أبناؤها بالتحالف الوطني الديمقراطي , والشيء المفرح أن جميع القوى بما فيها المعارضة تقف مع الوحدة الوطنية بشدة خصوصاً ضد التهديدات الأميركية, وقد أخذنا درساً مما حدث في العراق ولن نفرط ببلدنا لقوى طامعة ولن تغرينا أكاذيبهم بالرخاء والرفاهية والديمقراطية وما أدراك.. نعتمد على وعينا ولا ندع فرصة لمهاجمتنا من خلال إصلاح الذات بسرعة ووضع الإصبع على الجرح وإزالة المعوقات البيروقراطية واجتثاث الفساد من بعض المؤسسات المعروفة.‏

المغتربون قوة للعرب‏

* كيف تصف لنا واقع المغتربين في أوروبا?‏

**يمكن تصنيفهم ضمن ثلاثة أنواع.. قسم منهم يحاول أن يندمج بالمجتمع الجديد وينسلخ عن تاريخه ووطنه ويغير اسمه, وقسم آخر يعمل لكسب لقمة العيش ومستواه الثقافي محدود وتأثيره بسيط, وقسم ثالث قوي فيه متعلمون وفعاليات اقتصادية ويحاول أن يكون مؤثراً في المجتمعات التي هو فيها.‏

وخير مثال على القسم الثالث الجالية العربية في ألمانيا التي تضم نحو مليون انسان من اصل عربي ومنهم 066 الف اكاديمي يحملون شهادات جامعية عليا وقسم لا بأس به من رجال الاعمال والصناعيين الناجحين ولهم شركات معروفة على مستوى العالم وهؤلاء لابد أن تبنى لهم الجسور مع الوطن الأم والتعاون معهم والاستفادة من خبراتهم واستثمار أموالهم وهم بعد استراتيجي وكنز وثروة للعرب .‏

* انتم كجالية عربية.. لماذا مشتتون ولا تتوحدون ?‏

**هذا ناتج عن تشتت الدول العربية بشكل عام من جهة ومن جهة ثانية قسم كبير من المغتربين يحبون التزعم والزعامات وينشئون جمعيات وروابط للمغتربين خاصة بهم وبعضهم ينقسم على أسس أقليات عرقية وطوائف ولا يدركون الأهداف العليا السامية ويتمسكون بالأشياء البسيطة والقشور والمشاكسات الشخصية وينسون انهم يصبحون قوة سياسية ضاغطة كبيرة في وحدتهم وتضامنهم لصالح بلدهم الأم وبلدهم الاغترابي ويدافعون عن هويتهم وهي القاسم المشترك بينهم والتي أصبحت مهددة .‏

*إذن عليكم مسؤولية ?‏

**نعم هناك غياب للوعي وبعضهم لا يدركون من هم وما دورهم في المجتمع وهم لا يزالون حتى الآن بوضع يشكرون الحكومات التي يعيشون بينها خاصة من الجيلين الأول والثاني ويشعرون انهم مواطنو درجة ثانية عوضا ان يشعروا بأنهم مواطنو درجة أولى وقادرون أن يؤثروا في مجتمعهم لصالحهم ولحل مشكلاتهم وقضاياهم العادلة .‏

وحبذا لو تبادر وزارات المغتربين العرب وجامعة الدول العربية لعقد مؤتمرات سنوية للمغتربين في اوروبا ليسألوا أين وجودهم في المجتمع الذي يعيشون فيه وكيف يمكنهم التعاون لحل مشكلاتهم الخاصة بهم وكيف يمكنهم التواصل مع أوطانهم .‏

وبرأيي المغتربون ثروة وكنز صالحون في مجتمعاتهم الجديدة وبالتالي فهم صالحون في وطنهم الأم ولابد من جسور للمحبة والسلام بين الطرفين .‏

الصورة سيئة‏

*هل تحسنت صورة العرب في الخارج ?‏

**انها تسير من سيىء إلى أسوأ وصار اسم العرب والمسلمين مرتبطا بالإرهاب وأحداث مدريد ولندن وغيرهما ,ونحن كجاليات عربية نحمل عبء ذلك ويحملونا تبعاتها .‏

والمشكلة أن وسائل الإعلام التي يمتلكها أو يسيطر عليها اللوبي الصهيوني هي التي تستغل ذلك وتشوه سمعة العرب والإسلام .‏

- وما المطلوب لتغيير ذلك ?‏

اصبح معروفا تماما لتحسين هذه الصورة خلق إعلام بلغات مختلفة لإظهار الحقيقة, والعمل المكثف مع الجاليات العربية في هذه الدول والتنسيق معها ودعمها لتتحد على الأقل, ونعتبرها بعدا استراتيجيا عندما ندعمها وننسق معها ونستفيد من خبراتها في الوطن الأم ونقويها في المغترب ونقوي مركزهم ليؤثروا في القرار السياسي ويكون الدعم متبادلا .‏

بطاقة تعريف‏

ولد النائب جمال قارصلي عام 1956 في مدينة منبج شمال سورية ويقيم في ألمانيا منذ العام 1980 ودرس فيها هندسة التخطيط الحضري في جامعة دورتموند وفي العام 1985 حصل على الجنسية الألمانية ثم امتهن السياسة وهو متزوج من إيطالية وله ابنتان وولد.‏

- بدأ حياته السياسية بالانضمام إلى حركة السلام الألمانية وكان له دور بارز فيها وانتسب إلى حزب الخضر عام 1994 واستمر به حتى عام .2002‏

- وفي الانتخابات التشريعية عام 1995 طالب بأن يكون للمغتربين الأجانب تمثيل برلماني وأقنع حزب الخضر بذلك ورشح لذلك ونجح كممثل للحزب إلى جانب 25 زميلا له علما أن البرلمان يضم 200 عضو واستمر قارصلي نائبا في البرلمان لولايتين ولمدة عشر سنوات حتى منتصف هذا العام .‏

- ترك حزب الخضر بعدما تغيرت مواقفه وانتسب إلى حزب الليبراليين الأحرار الذي كان له مواقف داعمة للقضايا العربية وأسس حزبا خاصا به اسمه الحقيقة /فاكت /.‏

اشتهر بمواقفه في الدفاع عن الانتفاضة الفلسطينية ووصفه للجيش الإسرائيلي بأنه يستخدم الطرق النازية لقمعها وخاصة في مجزرة جنين, وشن الإعلام الغربي المتعاون مع الصهاينة حملة مكثفة ضده لتشويه سمعته واتهمه بأنه نازي لكنه نجح واصبح سياسيا لامعا في الدفاع عن نفسه وقضايا العرب العادلة بمؤازرة الأحزاب والشخصيات التقدمية في ألمانيا وخارجها .‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية