|
ثقافة فقد حاولت إثبات ذاتها ومواجهة هوليود من خلال التعبيرية الألمانية والشاعرية الفرنسية والواقعية الإيطالية. وها هي اليوم تقدم نموذجا جميلا للتعامل مع قضية القضايا في أيامنا هذه,ألا وهي العولمة,بكل ابعادها الثقافية والاقتصادية والسياسية.
فيلم (المطلق) يعبر عن اتجاهات الشباب خاصة والمثقفين عامة في مواجهة العولمة في صميم مقوماتها,رغم ان هذه المواجهة ليست سهلة وربما تكون مميتة كحال شخوص هذا الفيلم. والمطلق للإيضاح بضم الميم وتسكين وكسر اللام, اسم الشخص الذي يطلق فيروساً لإلحاق الضرر بالمعلومات. وبطلنا هنا (اليكس) شاب يريد ان يرى العالم مثاليا ويرى في العولمة تهديدا رئيسيا للقيم والحياة الانسانية الهادئة الجميلة,ولذلك يقف ضمن التيار المضاد للعولمة,ويستعين بصديقه البارع في علوم الكمبيوتر(فريد) لعمل شيء ما للحيلولة دون انعقاد قمة زعماء العالم من خلال تهديد المصارف الكبرى والجهات الداعية والمنظمة للمؤتمر بإطلاق فيروس يعطل اعمالها. وبالمقابل لا تقف ادارات المصارف الكبيرة مكتوفة الايدي امام هذا التهديد,فتتابع الشاب بواسطة رجال الأمن الخاص بالبنوك, وتتخذ المواجهة طابعا خفيا في البداية,لصدمة سيارة في ذات اليوم المقرر لاطلاق الفيروس تفقد الشاب ذاكرته,وتستمر ملاحقته حتى من خلال اطباء المشفى المعالج,لتصل الى ذروتها في النهاية بالقضاء عليه مع صديقه وطبيبته المعالجة. (المطلق) فيلم تشويق من طراز نادر ومختلف,يمتزج فيه الفكر الانساني الوثاب مع التشويق والإثارة,ومن النادر ان نرى تشويقا يحمل مضامين فكرية تصب في صالح الإنسانية. ومع أهمية فكرة مواجهة العولمة يحتوي الفيلم على عناصر تشويق عديدة تبدأ من خلال معالجة حالة الشاب ثم محاولته معرفة حقيقة وضعه الصحي,ثم المطاردات بالسيارات التي ابتعدت عن المجانية ووظفت بشكل يخدم تصعيد الحدث درامياً والوصول بالعقدة الى ذروتها. ويعاني الفيلم احيانا من بطء السرد,لكن حتى هذه النقطة يمكن تسجيلها لصالح العنصر التشويقي في الفيلم. ويطرح الفيلم جملة من القضايا الاجتماعية والأخلاقية لكنها في النتيجة هي من إفرازات العولمة,فتفرغ اليكس لقضية مواجهة العولمة تدفع فتاته للتهديد بإنهاء العلاقة,كما تعرج على مسألة الأخلاق الطبية, عندما تتعاون إحدى الطبيبات مع البنوك في تمويل إيجاد طريقة لمعالجة الشاب, كما يصور ممارسات قوى الرأسمال للمحافظة على مصالحها ومكانتها في العولمة. في الاخراج يلجأ المخرج الى السرد الهادىء المتوافق مع فكرة الفيلم وموضوعه,وتلعب الموسيقا دورا في التأثير,وتتناغم مع إيقاعه في خلق التوتر المناسب مع الحالة الدرامية. فيلم المطلق أحد المكاسب الهامة التي حققها مهرجان دمشق السينمائي للمشاهد,وربما لولا المهرجان لم نكن لنشاهد هذا الفيلم. |
|