تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


لا انفصام بينهما

مجتمع وعلوم
الاحد 4/12/2005م
الباحثة منيرة حيدر

قطبية ثنائية في سفينة الحياة هما الرجل والمرأة محال تفضيل قطب على آخر أو الفصل بينهما مهما تعددت أدوارهما

فهما متكاملان في وجودهما ومؤتلفان في تنوع وظائفهما البيولوجية الثابتة والاجتماعية المكتسبة يلتقيان عند المركز الواحد لحقائق وحدة الكيان البشري وهي إنسانية الإنسان وحريته المقدسة وعقله المترفع عن إحداث شرخ أو انقسام أو تجزئة لوحدة كيانه الإنساني القائم مقام نفس الإنسان والمستمدة مكنوناتها من خصائص إنسانية اتسمت بالعمق في أغوار النفس لدى ثلة من البشر ممن ابتعدوا عن الهوى وفطروا على الحب والسمو والبر والتقوى والوفاء والإجهار بقول كلمة الحق. لا يخشون لومة لائم والتي يستحيل تحقيق المساواة بدونها. صرخة إنسانية حرة بعثت من جديد عبر معطيات الواقع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والديني والبيولوجي تختلف وتتفق وتتنوع من فئة إلى فئة ومن وطن إلى وطن ومن دين إلى دين ومن فرد إلى فرد تدعو إلى الموضوع المطلوب على المستوى الواقعي المشترك بين جميع أبناء البشر على مختلف فئاتهم وانتماءاتهم كافة وهو السعي الحثيث لتعميق المفاهيم الإنسانية والقيم الروحية التي تؤكد آدمية الجنس البشري ووحدة كيانه الإنساني.‏

إن دائرة الأخوة العظمى التي تجمع بين البشر في سفينة الحياة قد شيدتها إنسانية الإنسان وعقله المتطور اللامتناهي وأسراره التي لا تدرك والتي تضفي الآدمية على المرأة بمقدار ما تضفي على الرجل سيكولوجيا المرأة وفهمت المرأة سيكولوجية الرجل كقطبين أساسيين لحقائق وحدتهما التي لا انفصام بينهما بغض النظر عن اللون أو الجنس أوالدين. فالبشر لهم نقاط قوة ونفاط ضعف ليس بوصفهم نساء أو ذكوراً لكل منهما خصائص وصفات بيولوجية تميزه عن الآخر والعقل البشري واحد لكليهما وما يميزهما عن بعضهما هو ما يتفوق به أحدهما بإبداعه عن الآخر. ولكي لا نخرج عن دائرة البحث الكامن في صميم حقائق وحدة الكيان البشري والمرموز إليها بالقطبية الثنائية (الرجل والمرأة) والمتكاملان في تنوع البيولوجية الثابتة والاجتماعية المكتسبة, تقضي الضرورة البحثية أن نقف عند ثلة من البشر كنا قد تناولنا آنفاً بعض جوانب سيرهم الذاتية, الذين ناهضوا وطأة مظالم الجهل الذي يقتل كل رأي علمي وإنساني, ويفتت كل خطة عمل هي في المقام الأول لتنوير عقول الجهلاء, ويحدونا الأمل الكبير في تحفيز ذوي العقول الشجاعة لاستنهاض الهمم والوقوف إلى جانب الذين قطعوا عهداً على أنفسهم لالبس فيه إدراكاً منهم بأن لكل إنسان مواصفات ومؤهلات مبدعة بفطرة تظهر جلية حين يبدأ أي شعب بالتفتيش عن حضارته يجد نفسه أمام إبداع الإنسان في مختلف مناحي الحياة ويجد أن الأنوثة قوة واثبات هوية وجرأة وموضوعية وذكاء وصناعة قرار وقدرة فائقة على توظيف الإمكانيات والكفاءات إذا ما أتيح لها فرص الانطلاق بنفس القدر الذي أتيحت للرجل, حينئذ توظف كافة القدرات فتضيء إبداعاتهم في النفوس,وعلى الباحثين سبر أغوار قدرات المرأة لتحريك ساحات المشاعر الإنسانية والخيال الإبداعي وإخراج الصوت والصورة لوقائع الحياة المعاشة وتكوين عصارة ثقافية حضارية تتركز في فترة تاريخية معينة وفي مجتمع معين ووسط معين حافل بالجدليات والمفارقات التي حكمت وضعية المرأة على نحو حمل إلينا تجارب نضالية ممتلئة غنى وثراء مصدرها إبداع عقل المرأة فرضت واجب تقديم بعض من نماذج في داخلها ينابيع الحياة. وهذا ما أكدته الرائدة الكبيرة (هدى الشعراوي) الواقفة كجبل راسخ وطود شامخ بقولها إن أفكار الحداثة التي كتب عنها المفكرون ما هي الا محطات تحول اجتماعي من واقع إلى آخر أكثر تطوراً وحضارة ترى المرأة فيه منفذاًللتعبير عن ذاتها وطريقاً للخروج من أغلالها تأخذ لنفسها مكاناً مميزاً في المجتمع إلى جانب الرجل في العلم والعمل والحرية تمد الحياة بأفانين العطاء.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية